“الثوابت الوهمية” حد الردة (2) .. حروب الردة .. أم التأسيس
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
الحلقة اللي فاتت اتفقنا أن موضوع الحلقة دي هيكون عن حروب الردة ، وهي أول الحروب المهمة اللي خاضها صحابة النبي المتمركزين في المدينة.
أشهر الاسماء المعروفة من قادة المرتدين هو اسم “مسيلمة الكذاب”، وبفحص اسمه تبدء عملية زعزعة “الثوابت الوهمية” المتعلقة بالحروب دي.
اسمه كامل مسيلمة بن حبيب الحنفي أو مسيلمة بن ثمامة بن كثير بن حبيب الحنفي، يعني ينفع نتفق على تسميته بـ”مسيلمة الحنفي”، واسم “مسيلمة الكذاب” ده لقب يخص المسلمين فقط.. زي كده “أبو جهل” ده اسم المسلمين مطلعينه للسخرية من “عمرو بن هشام” الملقب بـ”أبا الحكم”.
سؤال: مين بقى في المسلمين اللي طلع اللقب ده عليه؟؟؟؟
جواب: النبي شخصيًا.
أوبا.. الإجابة دي معناها أن الراجل ده عمل فيها نبي في حياة النبي مش بعد وفاته، والمعلومات دي متوفرة في كتب “التراث الإسلامي”، وتحديدا بالرجوع لابن كثير في البداية والنهاية.. والمنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن القيم الجوزي، هنلاقي القصة بتفاصيل كتير “طبعا بينها خلافات”.. بس أنا هنا مش هاتعرض لحاجات تشريعية ولا خلافية.
مسيلمة رجل من منطقة اسمها اليمامة، نواحي الرياض الحالية، إدعى النبوة في حياة النبي وفيه عدد مش بطال من العرب أمنوا به، قوم هو بقى أخدته الجلالة وبعت رسالة للنبي يقول فيها:
“من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله: آلا إنى أوتيت الأمر معك فلك نصف الأرض ولي نصفها ولكن قريشًا قومُ يظلمون”.
فرد عليه النبي في رسالة:
“من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، السلام على من أتبع الهدى، أما بعد، ﴿إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾”. ومن هنا جاء الاسم اللي اتصيت به في التاريخ.
وهناك روايات بتقول إنه بايع النبي “تحت الشجرة” ثم ارتد عن الإسلام وادعى النبوة، وفي حال صدق الرواية دي نبقى قدام دليل عملي على أن فيه أشخاص ارتدوا في عهد النبي ولم يهدر دمهم، وفي جال كذبها فكده عندنا كلام واضح يشككنا في منطقية اسم “حروب الردة” وإن الموضوع كان أوسع من كده.
في الجزء السادس من البداية والنهاية لابن كثير هنلاقي حدوتة الحروب دي بالتفصيل، ونعرف أن فيه ناس ارتدت عن الدين فعلا وفيه ناس انضمت لمسيلمة وناس جديدة أدعت النبوة وناس هاجمت المدينة.. لدرجة أن أبو بكر عين دوريات حراسة على مداخلها.
بس كمان بيذكر وصول وفود قبائل جت المدينة وأكدت على بقائهم مسلمين لكن مش هايبعتوا الزكاة لبيت المال في المدينة، وأن همه هيخرجوا الزكاة ويفرقوها بينهم وبين بعضهم في قبيلتهم أو اعتبروها كانت بتدفع للنبي والنبي خلاص مات.. ورغم كده وضعهم أبو بكر ضمن الأعداء وقرر محاربتهم. فين الرِدة هنا؟
و حسب نفس المصدر فيه عدد من الصحابة قالوا لأبو بكر بلاش يحارب مانعي الزكاة ويسيبهم كده من باب “تأليف القلوب”، يعني بالبلدي “اعتبرهم مؤلفة قلوبهم يا أخي”، لكن الصديق رفض الكلام ده تمامًا، ومن أهم الاسماء في اللي اعترضوا على الحرب دي عمر بن الخطاب.
توضيح: المؤلفة قلوبهم واحد من ضمن أبواب الصرف الشرعية لأموال “بيت مال المسلمين”، ودي أبواب تم تحديدها بنص الآية 60 سورة التوبة: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
نلخص اللي فات في أن الحرب كانت ضد مدعيين نبوة ومانعي زكاة ومرتدين.. بالترتيب، فأكبر وأشهر مواقع حروب الردة كانت معركة اليمامة ضد أتباع مسيلمة.. وده مدعي نبوة، وأشهر واقعة في الحروب دي هي واقعة خالد بن الوليد مع مالك بن نويرة.. وده من مانعي الزكاة.
في كل الأحوال مش من المنطق تصديق أن حد يحارب ناس عشان يجبرهم يرجعوا لدين كفروا به.. طب ولما كسبتهم هل همه كده بقوا مسلمين؟.. ويبقى أبو بكر بيحاربهم عشان مصلحتهم؟ هيجرجرهم للجنة في سلاسل مثلًا؟؟، وماظنش فيه عقل سليم هيتخيل أن القبائل دي لما جيوشها اتهزمت أمنوا أن الإسلام حق؟.
الحرب دي بوضوح قامت ضد الخروج عن نفوذ السلطة الدولة المركزية في المدينة، اللي كفر بدينها اتحارب واللي عمل مشروع دين تاني اتحارب واللي وقف دفع “ضرايبها” اتحارب. وفي النهاية انتصرت جيوش الخليفة الأول واتعين على كل قبيلة واحد من الصحابة أو من أهلها يجمع الزكاة ويسلمها لبيت المال المركزي.. وقامت دولة الإسلام الأولى وعاصمتها المدينة؛ والمعروفة تاريخيًا باسم فترة الخلافة الراشدة.
الحلقة الجاية ننتقل للخطوة الأعلى من الفقه ومن مواقف صحابة النبي.. وهي مواقف النبي نفسه وتعامله مع من ارتدوا عن الإسلام في حياته، بس رجاءً الناس اللي داخلة جديد وبالصدفة دي أول حلقة يقروها.. ضروري جدًا يدخلوا يقروا الاتفاق.
الكاتب
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
على فكره اسلوبك مش مهذب في الكلام عن تاريخ الإسلام و فيه سخريه.. كلامك مشموم فيه ريحه ملحدين..