الجهاز القومي للتنسيق الحضاري يتجاهل التاريخ ويُجَمِّل محمد محمود بما ليس فيه
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أسهم الجهاز القومي للتنسيق الحضاري في القاهرة بمجهودات جديرة بالاحترام مثل مشروع هنا عاش الذي يحدد مقر سكن الشخصيات التاريخية بالإضافة لمشروعات أخرى تتعلق بعمارة القاهرة وعلى رأسها مشروع حكاية شارع الذي يتكلم عن الشخصية التي سُمِّي الشارع باسمها في أسطرٍ قليلة.
محمد محمود باشا والوصف غير السليم
ضمن الشخصيات التي أدرجت في مشروع حكاية شارع هو محمد محمود باشا وزير الداخلية ورئيس الوزراء خلال الحقبة الملكية وله شارع باسمه بالقرب من ميدان التحرير.
وصفت لافتة الجهاز القومي للتنسيق الحضاري شخصية محمد محمود باشا بـ «أحد رجال الحركة الوطنية وشارك في تأسيس حزب الأحرار الدستوريين عان 1922 وترأس مجلس الوزراء 4 مرات فيما بين عامي 1928 و 1939 م».
اقرأ أيضًا
سعد زغلول والاغتيالات السياسية “قصة حكيميان الذي أمر زعيم الأمة بقتله”
ليس مطلوبًا من لافتة الجهاز القومي للتنسيق الحضاري أن تكتب السيرة الذاتية الكاملة لمحمد محمود باشا لكن هناك وصف غير صحيح وهو أنه أحد رجال الحركة الوطنية وهو الوصف الذي لا ينطبق بالكُليَّة على محمد محمود.
اقرأ أيضًا
عجائب الوحدة الوطنية في مصر من 101 سنة .. حين تكون بالاغتيال السياسي
لعل حجة الجهاز القومي للتنسيق الحضاري أن محمد محمود كان أحد أعضاء التكوين الأول لحزب الوفد الذي تشكل من «سعد زغلول، علي شعراوي، عبد العزيز فهمي، أحمد لطفي السيد، عبداللطيف المكباتي، محمد علي علوبة»، لكن تلك حجة داحضة للغاية.
لماذا محمد محمود باشا لا ينتمي للحركة الوطنية
الحركة الوطنية في زمن محمد محمود باشا كانت تعني حزب الوفد والذي كان محمد محمود جزء فيه، ومع ذلك فإن نفس الشخص انشق عن الوفد على حياة عين سعد زغلول بسبب مفاوضات الجلاء فسعد زغلول كان يريد الجلاء التام أما عدلي يكن كان يود أسلوب التفاوض المعتدل فانحاز محمد محمود إلى جانب يكن وصار هو الخنجر في ظهر الوفديين بدءًا من سعد زغلول وحتى مصطفى النحاس.
سعد زغلول نفسه بصفته زعيم الحركة الوطنية وأحد المحبين لـ محمد محمود باشا كتب عنه رأيًا قاسيًا قال فيه «متكبر، معجب بنفسه، مستخف بغيره، غيور، يأكل بعضه إذا علا الغير عليه، ويجهد نفسه أن يخفي فضل غيره ليظهر فضله، يضحي بالمصلحة العامة للمصلحة الخاصة، يطلب في كل عمل يعمله شأن خاص فإن لم يجد فما أسهل عليه أن يهمله، فهو سيء الظن كثير الوسوسة غير أمين في الرواية ولا روية عنده، إنه غيور جدًا وسخيف جدًا ومتكبر وأحمق».
كذلك فإن محمد محمود دخل في منافسة شرسة ضد النحاس باشا الزعيم الشعبي بعد سعد زغلول ولدعم القصر لمحمد محمود تولى رئاسة مجلس الوزراء وصب كل غضبه على رفاق الأمس إذ حل برلمان الوفد وأجل الانتخابات وأرجأ تعيين الأعضاء المعينين فى مجلس الشيوخ لمدة ثلاثة أعوام قابلة للتجديد، ونقل السلطة التشريعية إلى الملك، وأعاد العمل بقانون المطبوعات الصادر عام 1881، وألغى ترخيص مائة صحيفة، وأنذر صحف الوفد بالتعطيل كما فصل الموظفين الذين يوالون حزب الوفد.
نقطة أخرى أغفلتها الكثير من المراجع وهي أن محمد محمود باشا هو الأب الروحي لنشأة جماعة الإخوان المسلمين في الصعيد، ويحكي إسحاق موسى الحسيني أن محمد محمود باشا اقترح على حسن البنا أن يُنْشِئ شعبًا للإخوان في الصعيد لضرب أي وصول للوفد هناك، كما أطلق يدهم بسياسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكان من المساهمين في نشاط المسرح الإخواني لضرب المسارح الموالية لحزب الوفد.
الوصف البديل للافتة الجهاز القومي للتنسيق الحضاري
ليس من صلاحية الجهاز تغيير اسم الشارع، لكن في استطاعته تغيير هذا الوصف واستبداله بآخر ومن ذلك على سبيل المثال «منشق عن الحركة الوطنية عقب ثورة 1919 بعد أن كان جزءًا منها»، ولتفادي الحرج أمام السوشيال ميديا وسؤال كيف يتم تخليد الشخصيات السيئة يمكن للجهاز أن يلغي اقتران الحركة الوطنية باسم محمد محمود باشا.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال