الحج في الديانات المختلفة.. طقوسه وعاداته
-
عمرو عاشور
روائي وكاتب مقال مصري.. صدر له اربع روايات بالإضافة لمسلسل إذاعي.. عاشور نشر مقالاته بعدة جرائد ومواقع عربية منها الحياة اللندنية ورصيف٢٢.. كما حصل على عدة جوائز عربية ومنها جائزة ساويرس عن رواية كيس اسود ثقيل...
كاتب نجم جديد
الحج ركن أساسي من أركان الإسلام الخمسة، وإن كان يختلف عن باقي الأركان بكونه مشروط بالقدرة، وللحج أربعة مناسك أساسية: الإحرام، وقوف عرفة، طواف الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروة.
اقرأ أيضًا
الحج سيرًا على الأقدام حتى منتصف التسعينات .. كيف تحدّت القبائل الإفريقية الطبيعة البشرية؟
وتقليد الحج أو السفر الجماعي لأتباع دين معين إلى مناطق مقدسة ليس حكرًا على الدين الإسلامي، فالديانات الأخرى عرفت الحج أيضًا، ليس الديانات الأخرى فحسب بل في المذاهب الإسلامية نفسها.
مثلاً سنجد “حج الأربعين” في المذهب الشيعي، وهو الحج الأكثر عددًا بالعالم، حيث يتوجه أكثر من 20 مليون حاج إلى ضريح الحسين بمدينة كربلاء العراقية سنويًا، وهو يعد ثاني حج من حيث العدد بعد الحج الهندوسي، وقد وصل في عام 2014م إلى 17 مليون حاج تقريبًا، يأتي معظم الحجاج من العراق وإيران، وقد يمشي الحاج على قدمه – إذا كان قادمًا من إيران مثلاً- لمدة شهر أو أكثر، وهذا الطقس يعود إلى مقتل الحسين في عام 680م ليعلنوا حزنهم بضريحه.
أما في الديانة اليهودية، وهي من أقدم الديانات الإبراهيمية على وجه الأرض، فـ لـهم أيضًا حجهم كما نص التوراة بالحج لثلاث مرات في العام، وهو حج قاصر على الرجال فقط، ووجهته “حائط المبكي” أو “حائط البراق” كما يطلق عليه المسلمون، وهو مرتبط بثلاث أعياد مهمة عند اليهود: البيسح، الشافو عوت، والسوكوت.
ولكل عيد منهم ذكري في تاريخ اليهود…
عيد البيسح: وهو يأتي عادة في نهاية مارس أو أول إبريل، لإحياء ذكري خروج بني إسرائيل من مصر.
والشافو عوت: ويأتي في نهاية مايو أو بداية يونيو، وهو يعبر عن فترة الحصاد والتمتع بأول الثمار، وهو أيضًا موعد نزول التوراة على جبل سيناء بمصر.
أما السوكوت: نهاية سبتمبر أو بداية أكتوبر، لإحياء ذكري بني إسرائيل في البادية بعد خروجها من مصر.
وترجع قداسة اليهود لـ “حائط المبكي” كونه – على حسب اعتقادهم- يحوي هيكل الملك سليمان المهدوم على أيدي الرومان، وربما يرجع تسميته لهذا الاسم لبكائهم وانتحابهم عليه أوقات الحج.
والأعياد في اليهودية كثيرة جدًا، ولعلها أكثر الديانات احتفالا بالأعياد، فقد بلغ عدد الأعياد باليهودية أكثر من 13 عيد ديني.
الديانة المسيحية لا نص صريح فيها يأمر أتباعه أن يزوروا مكان مقدس بعينه، فالإنجيل يخلو من أية نصوص تحض على ذلك، بل يكاد العكس أن يكون صحيحًا، فالمسيح وصي تلاميذه في حادثة التجلي المعروفة بأن لا يشيد أحد مزارات أو صروح باسمه.
ومع ذلك فإن أتباع الدين المسيحي حريصون على زيارة بعض الأماكن المقدسة مثل كنيسة المهد بفلسطين، حيث كانت معجزة ميلاد السيد المسيح.
وكذلك نهر الأردن بالأردن حيث اعتمد على يد يوحنا المعمدان، وهو المعروف بيوم “عيد الغطاس” وفيه يتوافدون أتباع المسيح من كل صوب للنهر في السادس من يناير إلى النهر ويغطسون من أجل أن تُمسح خطاياهم، وفيه أيضًا يٌعمد الأطفال على يد القساوسة والرهبان، وهو يُعد بمثابة حج غير منصوص عليه بالكتاب المقدس.
وللبوذيين أيضًا حجهم، والبوذية من الديانات الرئيسية في العالم، وتعتبر من أكثر الديانات انتشارًا، وقد أسسها الحكيم بوذا في شمال الهند. غير أن تعاليمه غزت أسيا لتصبح الديانة الأولي في دولها مثل الصين واليابان وكوريا ومنغوليا.
والبوذيون في حجهم يقصدون أربع مناطق مقدسة تتوزع بين النيبال والهند، وهي:
(لومبيني) مسقط رأس بوذا المعلم الأول.
(بود جايا) حيث جاءه الوحي لأول مرة تحت شجرة التين العملاقة أو على حد تعبير البوذيين: لحظة التنوير الأولي.
(سارنثا) بالهند، حيث ألقي أول دروسه.
وأخيرًا (كوسينارا) حيث مرقد بوذا الأخير..
والحج ليس من فرائض الديانة البوذية، ولا يوجد أمر بها، إنما جاءت بعد موت بوذا بأعوام طويلة، لذا فليس لها أوقات محددة، وهي مناطق مقدسة يحب البوذيين زيارتها والتبرك بها، وهم يقصدون تلك الأماكن – خاصة لومبيني- مشيًا في جماعات ضخمة، ويرددون أثناء سيرهم الطويل أناشيدهم الخاصة جدًا، وكذلك يمارسون أفضل عبادتهم على الإطلاق، وهي التأمل.
أما الديانة الهندوسية هي ثالث ديانة من حيث عدد الأتباع بعد المسيحية والإسلام، إذا يبلغ عدد معتنقيها لنحو مليار نسمة يتمركز معظمهم بالهند..
وهي ديانة مجهولة النسب فلا أحد يعرف من مؤسسها، وهي تعتبر من أقدم الديانات الحية على الأطلاق، ومبنية في أساسها على تعدد الآلهة، فـ لكل منطقة إله ولكل عمل أو ظاهرة إله أيضًا.. ومع ذلك فهي تتسم بالروحانية الشديدة.
والحج في الديانة الهندوسية ركن أساسي، ويكون على شكل مهرجان في مدينة الله آباد بالهند، ويقام مرة كل ثلاث سنوات ما بين يناير وفبراير، أما في السنة الـ 12 يكون المهرجان الأكبر، والطقس الأكثر غرابة وقُربًا من المسيحية هو طقس الغطس في مياه نهر غانجس ويامونا، حيث يعتقدون أن الغطس بتلك المنطقة تطهرهم من خطاياهم، وقد شهد عام 2014م أكبر حشد ديني شهده التاريخ، حيث تجاوز العدد 40 مليون حاج”
الكاتب
-
عمرو عاشور
روائي وكاتب مقال مصري.. صدر له اربع روايات بالإضافة لمسلسل إذاعي.. عاشور نشر مقالاته بعدة جرائد ومواقع عربية منها الحياة اللندنية ورصيف٢٢.. كما حصل على عدة جوائز عربية ومنها جائزة ساويرس عن رواية كيس اسود ثقيل...
كاتب نجم جديد