الحج في زمن الكورونا .. قصر أداء المناسك على أهل السعودية بين الدين والتاريخ
-
أحمد الجعفري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
للعام الثاني على التوالي ستتم قصر مناسك الحج في زمن الكورونا على المواطنين السعوديين والمقيمين في المملكة بإجمالي 60 ألف حاج وذلك نتيجةً لتطورات جائحة فيرس كورونا وما تحور عنها، بشروط معينة منها أن تكون الحالة الصحية للراغبين في أداء مناسك الحج خالية من الأمراض المزمنة، وأن تكون ضمن الفئات العمرية من (18 إلى 65 عاماً) للحاصلين على اللقاح، وفق الضوابط والآليات المتبعة في المملكة لفئات التحصين.
نظرة الشريعة لاختيار ضيوف الرحمن لأداء مناسك الحج في زمن الكورونا
كافة العلماء اتفقوا على ضرورة منع حضور أصحاب الأمراض المعدية من أداء مناسك الحج، واستعرضت دار الإفتاء المصرية جملة من هذه الأقوال، فمثلاً أخرج الإمام مالك في “الموطأ”: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرَّ بامرأة مجذومة وهي تطوف بالبيت، فقال: يا أمةَ الله! لا تؤذي الناس، لو جلَسْتِ في بيتِكِ، فجلسَتْ، فمر بها رجل بعد ذلك، فقال لها: إن الذي كان قد نهاك قد مات؛ فاخرجي، فقالت: ما كنتُ لأطيعَه حيًّا وأعصيه ميتًا.
اقرأ أيضًا
تاريخ نقل شعائر الحج على الهواء مباشرة إلى مصر “تسببت فيه شقيقة فنان مشهور”
وقد عقبت دار الإفتاء على ذلك بقولها “إن ما قامت به السلطات السعودية -القائمة على تنظيم الحج وأمور الحرمين الشريفين- من قرار تقييد فريضة الحج هذا العام بعددٍ محدودٍ من الموجودين داخل المملكة ممن يُسمَح لهم بأداء مناسك الحج، هو أمر متفِقٌ مع أحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها في الحفاظ على أرواح الحجيج وسلامة ضيوف الرحمن، ومتسق أيضًا مع الإجراءات الوقائية العالمية والقرارات الاحترازية التي اتخذتها دول العالم ومؤسساتها الصحية؛ للحد من انتشار عدوى هذه الجائحة، وما فرضته قواعد المجابهة العالمية من أساليب مواجهته والقضاء عليه”.
وتابعت دار الإفتاء رأيها الشرعي بقولها ” فما قامت به وزارة الحج السعودية القائمة من قرار تنظيم فريضة الحج متفق تمامًا مع أحكام ومقاصد الشريعة الإسلامية، بما أقامهم الله تعالى فيه من رعاية الحجيج ومسؤولية الحفاظ على سلامتهم وأمنهم، ومتسق مع ما خولته الشريعة للحكام برعاية المحكومين، وقد أباحت الشريعة للحكام تقييد إقامة الشعائر الدينية على قدر الحاجة؛ كالحج ونحوه، فلهم أن يتخذوا كافة إجراءات السلامة والأمن التي تأمن انتشار الأمراض المعدية والأوبئة الفتاكة، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، خاصة إذا كان المرض وباءً انتشر في بلدان العالم وأصاب منهم الآلاف المؤلفة؛ حيث إن مظنة انتقال العدوى عند الازدحام والتجمعات تزداد، واحتمالية الإصابة بهذا المرض ترتفع، وحتى لا يكون الاجتماع والتزاحم في المناسك سببًا في تفاقم المرض وتفشي الوباء، وقد سبق الشرع الشريف إلى نظم الوقاية من الأمراض المعدية، فحذَّر أشد الحذر من تنقلها وتفشيها؛ حتى لا تصبح وباءً عامًّا، بالإضافة إلى أن هذا القرار أيضًا متسق مع الإجراءات الوقائية والقرارات الاحترازية التي اتخذتها الجهات المعنية، ومؤسسات الدول الصحية؛ للحد من انتشار عدوى هذه الجائحة، وما فرضته قواعد المجابهة العالمية للقضاء عليه”.
نماذج من توقف الحج بسبب الأوبئة
على مدار التاريخ تعطلت مناسك الحج بسبب الأوبئة أو الاضطرابات المختلفة سواءًا كانت سياسية أو اقتصادية أو حتى طبيعية، وقسم المؤرخين إيقاف الحج لنوعين، إيقاف عام على كل المسلمين وإيقاف جزئي لمناطق معينة، وقد حدث النوعين 200 مرة على مدار التاريخ الإنساني.
توقف الحج لأسباب طبيعية مثل حدث العام 80 هجريًا عندما وقع سيل في مكة ذهب بالحاج، وأغرق بيوت مكة، فسمي ذلك العام عام الجحاف؛ لأنه جحف كل شيء مر به، حتى قيل: ارتفع الماء حتى كاد أن يغطي البيت؛ وفي سنة 357هـ: توقف الحج لانتشار داء الماشرى وهو طاعون قاتل؛ وقال بن كثير “فمات خلق كثير، ومات أكثر جمال الحجيج في الطريق عطشًا، ولم يصل إلى مكة إلا القليل”.
الكاتب
-
أحمد الجعفري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال