الحفلات في قصر عابدين .. متى دخل الرقص الغربي مصر؟
-
خالد سعد
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
شاهد المصريون الرقص الغربي لأول مرة حين جاء الفرنسيون لاحتلال مصر، لم يكن بخلدهم أن رجل كبيرًا مثل كليبر أو مينو أو غيرهما من الضباط العظام يمكن أن يشارك الشبان والنساء في حلقات الرقص، ولكن ذلك حدث في احتفالات عيد الجمهورية، حيث أضاءوا حي الأزبكية بالمصابيح وأقاموا أقواس النصر، ثم بدأو في الرقص والغناء، لافرق بين الرجال والنساء، وكان الشاب إذا أعجبته فتاة أمسكها من يدها وأخذ يراقصها فتضع رأسها على صدره أو على كتفه، وكان ذلك منظرًا غريبًا على الشعب المصري وقتها.
وبرحيل الفرنسيين اختفى هذا النوع من الرقص في مصر، وبتولي الخديو إسماعيل كان أول حاكم يقيم الحفلات الراقصة في قصر الجزيرة، ويدعو إليها عددًا كبيرًا من أعيان المصريين والأجانب، وفي حفل بتاريخ (16/1/1873) بلغ عدد الحاضرين خمسة آلاف مدعو وكانت الأنوار تنعكس على صدور الفرنجيات ونحورهن العارية، بينما الشيوخ من علماء وأعيان وموظفين يلبسون قفازات بيضاء ويلتحفون بوقارهم. حسبما جاء في الهلال 1986.
وأقام “اسماعيل” حفلا راقصا بمناسبة افتتاح قناة السويس للملاحة وحضره عدد من الملوك والأمراء ورؤساء الدول، وفي مقدمتهم إمبراطورة فرنسا يوجيني، وبمجرد أن بدأت الموسيقى بدأ الرقص ونشط الملوط والرؤساء في إظهار براعتهم، وشارك إسماعيل الراقصين والراقصات.
وكان الأمير عبد القادر الجزائري قد حضر الحفل بدعوة من الحكومة الفرنسية التي أرسلت سفينة حربية أقلته من بيروت لبورسعيد، ولكنه لم يشترك في الرقص ولعب دور المتفرج.
قال إبراهيم صنوع: والذي حمل الخديو على نشر الفواحش واستحلال المحارم إنما هو ما جبل عليه من حب الفسق والفجور، وانتهاك محارم الله تعالى، ولهذا أنشأ في مصر جملة من التياترات وملاعب باسم التمدن والحرية، والحال أن الذي حمله على إنشائها فسقه وفجوره لا غير، فجعلها كالاشتراك لصيد النساء، وجعل المرتبات الوافرة للنساء، لأنهن المقصودات بالذات وأنه قد تعجبه إحداهن فيصرف عليها ألوفًا من الجنيهات حتى يصل إليها برضاها.
وبرحيل إسماعيل توقفت هذه الحفلات طوال عصر توفيق، فلما تولى عباس الثاني كانت هذه الحفلات تعقد في قصر عابدين، حسبما جاء في جريدة المقطن 1896، ما نصه : كانت الليلة البارحة واسطة عقد تلك الليالي فغض شارع عابدين بمركبات كبار المدعوين، وأم السراي زهاء ألف وثمانمائة من عيون أعيان هذا القطر ونزلائه والسياح الوافدين إليه، وكانت السراي سماء أشرقت فيها شموس الكهربائية ونجومها فصيرت ليلها نهارها، وجنة غناء تهادت أنجمها ورياحينها انوارًا وأزهارا، ونادي أنس وطرب، والأمير المعظم يطوف بين هاتيك الجموع يصافح جلتهم ويخاطب عقائلهم وهو بحلة المشيرية وعلى صدره نيشان الامتياز ونيشان خاندان آل عثمان.
وشنت بعض المجلات حملات عنيفة على الخديو ووصفته بانه مثال سيئ للشبان، حسبما ذكرت مجلة العجائب 1902.
الكاتب
-
خالد سعد
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال