همتك نعدل الكفة
416   مشاهدة  

“سقف يأويك ولا يطربق عليك” الحكومة على حق واحنا على حق والحوار في مصر معدوم

الحكومة
  • إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة

  • باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال

  • مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



مصر خالية من مجموعات الضغط، إما موتورين يدعون الجيش للانقلاب على السلطة وفاكرينها معارضة، أو طبالين في زفة كدابة، أو كيانات صامتة مايعة ترقب فرصة لتحقيق مكسب ولا تصنع طريقنا للفرص.

أول أمس الثامن من أغسطس 2024 أجاب رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي خلال مؤتمر صحفي من العلمين، على سؤال صحفي يتعلق بزيادة الإيجارات؛ بأن الحكومة ليس لها أن تتدخل في أسعار إيجار الشقق السكنية، وأكد أن السوق يحتكم للعرض والطلب.

وبانتهاء المؤتمر اشتعل غضب الكثيرين ممن يعانون من تزايد الارتفاع في أسعار إيجارات الشقق السكنية، متهمين الحكومة بعدم الاكتراث لصالحهم وأمنهم الاجتماعي.

من ناحيتنا نحن كتاب الموضوع وقفنا حائرين حيال النار التي نكتوي بها جميعا ولكننا نعلم جيدا أن التدخل في أسعار الإيجارات يهلك المدن ويقضي عليها بأكثر من الحروب.

التحكم في الإيجارات مشكلة قديمة وعالمية بجد

YouTube player

لا يمكن التدخل في حسابات السوق

نشر ميلتون فريدمان عالم الاقتصاد الأمريكي والحائز على نوبل عام 1976، مقالاً مهما عام 1946 شاركه في تأليفه جورج ستيجلر الحائز هو أيضا على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1982، كان المقال حول التحكم في الإيجارات، تحت عنوان “أسقف أم أسقف؟ Roofs or Ceilings?  يقصد المؤلف أن يضع وفرة الشقق المعروضة للإيجار أمام وضع حد أقصى لأسعار الإيجارات وهي المعضلة التي ناقشها علماء الاقتصاد قرنا من الزمان واختبروا أثرها.

غلاف دراسة أسقف أم أسقف؟ Roofs or Ceilings
غلاف دراسة أسقف أم أسقف؟ Roofs or Ceilings

يفند فريدمان وستيجلر في المقال حججهم، ويثبتان بأن التحكم في الإيجارات يؤدي إلى أسوأ النتائج الممكنة، حيث يقود إلى توقف بناء المساكن الجديدة، بسبب انسحاب المستثمرين في العقارات كنتيجة لعدم تحقيق الأرباح المرجوة، كما يعزز من عدم المساواة في المساكن، حيث يحتفظ الأغنياء بشقق سكنية ذات إيجارات زهيدة بينما يعجز الفقراء عن إيجاد مساكن لهم، إلى جانب أن تحديد الإيجارات يفوت الفرص على المستأجرين بسبب تقييد حريتهم في الانتقال، فتجد قرارات المستأجرين بالانتقال من شققهم تتجاهل احتياجاتهم وفرصهم الأفضل حتى يحتفظوا بسكن غير مناسب طالما كان الإيجار ثابت، من جهة أخرى يقيد تحديد الإيجارات حرية أصحاب العقارات من الملاك في الاستفادة من ممتلكاتهم.

وعلى الرغم من أن إلغاء الضوابط على الإيجارات دون توفير بديل يؤدي إلى التخصيص العشوائي، والاستخدام غير الفعال للمساحة، فإن التمسك بوضع الضوابط على تسعير الإيجار يؤدي أيضا إلى التلاعب في المساحات كما حدث في نيوجيرسي بالولايات المتحدة – المدينة ذات التاريخ في التحكم في الإيجار – والتي قيدت الإيجارات مدة ثلاثة عقود ولم يحدث خلل جسيم في عدد الوحدات المعروضة للإيجار بينما صغرت المساحات بسبب تقسيم الملاك وحداتهم إلى مساحات أصغر لتعويض الخسارة، ناهيك عن مراوغة الملاك في تغيير تصنيف الشقق السكنية ذات الإيجار المنضبط لمحال تجارية أو اختصاصات أخرى مستغلين ثغرات القوانين.

مجمع شقق في نيوجيرسي سنة 2014م
مجمع شقق في نيوجيرسي سنة 2014م

ولأن المدن الأمريكية تعد من الأقدم عالميًا في تطبيق التحكم في الإيجارات وتقييد السوق، فقد جذبنا مراجعة آراء علماء الاقتصاد لديهم، من بينهم دراسة أجراها “والتر بلوك” أحد الباحثين البارزين في  الاقتصاد في كلية إدارة الأعمال بجامعة هارفرد، يقول فيها: إن مجرد توقع ضبط الإيجارات كافٍ لإحداث تأثير مخيف على الاستثمار العقاري بغرض الإيجار، مؤكدًا إن الرقابة على الإيجارات أدت إلى تدمير أقسام كاملة من المساكن السليمة في منطقة مثل “برونكس” جنوب نيويورك، وأدت إلى تدهورها وهجرها.

يؤكد “يليام تاكر” أن نحو ثلاثين ألف شقة في نيويورك هجرت سنويًا في الفترة من عام 1972 إلى عام 1982، وهو ما يعني خسارة ما يقرب من ثلث مليون وحدة خلال أحد عشر عاما، بفضل الرقابة على الإيجارات، ومخاوف المستثمرين المحتملين من أن تصبح الرقابة على الإيجارات أكثر صرامة.

نيويورك سنة 1982م
نيويورك سنة 1982م

وللأسف حين يظن المستأجر أن مصلحته في فرض القيود على الإيجارات فإن رصد التجربة يثبت العكس، فقد قل المعروض من الشقق السكنية وعزوف المُلّاك عن الإنفاق على الصيانة، وتحولت الأحياء الراقية إلى مناطق مهملة

وأصبحت الأسر الصغيرة جدًا تعيش في مساحات واسعة وأسر شابة مزدحمة بالأطفال محشورة في مساحة صغيرة، هذا الحال في الولايات المتحدة التي لا تزال تحتفظ ببعض التخصيصات القليلة لشقق خاضعة لتقييد زيادة الإيجار، إضافة إلى تيسير التملك بالقروض العقارية التي أتاحت للقادرين الاحتفاظ بإيجار شهري ثابت تقريبًا متمثلا في القسط الذي يتم سداده طوال ثلاثين عامًا بحد أقصى ما كان هذا دافعًا أكبر للمطالبة بالتيسير علي غير المؤهلين للتملك بالقرض العقاري.

الهم طايل الكل، وأوروبا قبل أمريكا، لكن بعض الاستثناء من صميم الحكمة

مجمعات سكنية في لندن
مجمعات سكنية في لندن

في أوروبا كان الوضع أكثر تعقيدًا حيث انتهى نموذج التحكم في الإيجارات، واستمر النموذج الثاني من الضبط كما في الولايات المتحدة ومصر وهو الالتزام بنسبة ثابتة في زيادة الإيجار السنوية طوال مدة العقد.

يوجد في بريطانيا نحو 4.5 مليون أسرة تستأجر منازل خاصة، أي حوالي 20% من جميع الأسر في المملكة المتحدة، وأكثر من 2 مليون أسرة منهم في لندن.

وفي الفترة 2017-2018، بلغ متوسط الإيجار لعقار مكون من غرفتين نوم في لندن حوالي 50% من الراتب الشهري لمقيم في المدينة ويعمل بدوام كامل، لذلك برزت مشكلة القدرة على تحمل تكاليف الإيجار على جدول الأعمال السياسي في السنوات الأخيرة وأصبح ركيزة أساسية في حملات الانتخابات المحلية، الأمر نفسه حدث في برلين عندما حاولت الحكومة التحكم في الإيجارات عام 2015م ووضعت ذلك على أجندتها السياسية أيضًا، كما حدث في الولايات المتحدة حين قدم السيناتور بيرني ساندرز خطة الإسكان للجميع التي تضمنت التحكم في الإيجارات على مستوى بلاده.

بيرني ساندرز وألكساندريا أوكازيو كورتيز
بيرني ساندرز وألكساندريا أوكازيو كورتيز

في حين قدمت النائبة ألكساندريا أوكازيو كورتيز قانون بعنوان “مكان للازدهار”، الذي يهدف إلى وضع التحكم في الإيجارات في قلب سياسة الإسكان الحديثة، صحيح يستحيل تطبيق ذلك بشكل واسع ، لكن بعض المنتبهين استفادوا من الطرح، ففي عام 2019، أصدرت ولاية نيويورك قانونًا يسمح لمدينة نيويورك، إلى جانب مدن أخرى في جميع أنحاء الولاية، بتعزيز الرقابة على الإيجارات لأول مرة منذ الأربعينيات، كذلك ولايتي أوريغون وكاليفورنيا مؤخرًا اعتمدتا أول قوانين للتحكم في الإيجارات.

وأخذوا في الضغط لتعزيز قانون مراقبة الإيجارات من خلال خفض المعدل الذي يمكن لأصحاب العقارات من خلاله رفع الأسعار كل عام.

الحراك العام والحوار أفعل من الشتيمة

دائما ما كانت الإيجارات محركًا رئيسيًا للتضخم على مدى السنوات القليلة الماضية ــ وبالتالي كانت مصدرًا للقلق بشأن استقرار الاقتصاد الكلي ــ فضلاً عن فقر الأسر، لذا بدأ صناع السياسات على المستوى في بلاد كانت تطلق يد السوق على آخرها في الحديث عن التحكم في الإيجارات أيضًا ولكن بكثير جدًا من التقنين.

فقد استفادت نيويورك على سبيل المثال من التحكم في الإيجارات في بعض وحداتها للاحتفاظ بالكوادر العاملة في المجالات الطبية وغيرها التي كانت ستغادر المدينة لا محالة حال عدم قدرتها على تحمل تكلفة السكن، وفي غالبية المدن العالمية المزدحمة تمسكت جماعات الضغط بضرورة التحكم فقط في نسبة الزيادة السنوية للإيجار مدة العقد.

والحوار في مصر حاجة تانية

عمارات سكنية في مصر
عمارات سكنية في مصر

في مصر لا يختلف الوضع عن دول العالم حتى في تاريخ بدأ التحكم في الإيجارات المرتبط بالحرب العالمية، إلا في الصمت المطبق للنخب والأحزاب وبرامج الحوار وغيرهم من دوائر النقاش القادرة على تفنيد المشكلات وشرحها للعامة والضغط لزيادة الوعي في تعزيز التكاتف ومخاطر الجشع، لتقليل الضرر الواقع على الأطراف كافة مستأجر ومالك، والعمل على زيادة قدرة الأسر على تحمل الأعباء.

في مصر تستأجر 3.3 مليون أسرة منازلهم ما يمثل 14% فقط من مجموع الأسر، وفق دراسة أجراها المرصد العمراني المصري 2017م فإن الإيجارات في مصر شملت أربعة أشكال وهي: الإيجار القديم، وأكبر أشكال الإيجارات فقد بلغ تعداد الأسر ضمنه 1.6 مليون أسرة، أما ثاني أشكال الإيجارات انتشارًا في مصر وهو الإيجار الجديد إذ يضم حوالي 1.5 مليون أسرة، بينما يسكن بنظام الميزة العينية 6. % فقط، أما الإيجار المفروش فهو الأقل شعبية في مصر ويضم 1. % فقط من الأسر .

وتتوزع النسب السابقة في المحافظات بالترتيب التالي

  • إقليم القاهرة الكبرى (القاهرة ـ الجيزة والقليوبية) في المرتبة الأولى، إذ يبلغ عدد الأسر المستأجرة حوالي 39% من مجموع المستأجرين في مصر
  • حلت محافظات البحر الأحمر وجنوب سيناء في المرتبة الثانية بنسبة 38% و32%
  • انخفضت أعداد المستأجرين بشكل كبير في الدلتا والمناطق الريفية.

لكن زيادة الإيجارات كبيرة فعلاً!

ارتفعت الإيجارات بشكل كبير في آخر ثلاث عقود، وحدثت قفزة في الأسعار في عام 2017 مقارنة بالعام السابق له 2016، وقد زادت أسعار الإيجارات مرات أخرى حتى وصلت نسبة الزيادة إلى 20% في بعض المحافظات مثل القاهرة والجيزة، فيما بلغت نسبة الزيادة في بعض المدن حوالي 33% مثل محافظة بورسعيد، ونتيجة لهذه الإيجارات المتزايدة، تعرضت القدرة على تحمل تكاليف المعيشة لضربة أوجعت الكثيرين.

ماذا حدث؟

بيوت ومساكن في القاهرة من أعلى القلعة في القرن الماضي
بيوت ومساكن في القاهرة من أعلى القلعة في القرن الماضي

في ظروف استثنائية عرفت مصر تقنين الإيجارات لأول مرة في تاريخها الحديث حيث أصدرت بريطانيا المُحتلة لمصر وقتها، فبراير 1920م قانونًا يمنع زيادة أجر المسكن غير المفروش عن الأجر المنصوص عليه في عقود الإيجار السارية في أول أغسطس 1914م بينما يضاف زيادة 50 % من قيمة الإيجار دون أي زيادة جديدة، مع منع المالك من طرد المستأجر إلا بحكم قضائي.

استمرت التعديلات حتى جاء العام 1941م وصدر القانون 151 الذي قضى بامتداد العقود تلقائيًا من المالك للمستأجر مع منع المالك من زيادة قيمة الإيجار.

مع الجمهورية استخدمنا ما كان استثناءًا لظروف الحرب وأصبح القاعدة

المساكن الشعبية في الإباجية سنة 1963م - أرشيف د. خالد عبدالرحمن
المساكن الشعبية في الإباجية سنة 1963م – أرشيف د. خالد عبدالرحمن

اتسمت كل قوانين الإيجار في مصر ما بعد ثورة يوليو 1952م، خاصة في فترة الستينيات، بخفض القيمة الإيجارية لجميع الوحدات السكنية وغيرها، وصدر في ذلك خمسة قوانين في الفترة ما بين 1952م و 1965م.

القانون 199 لسنة 1952م قام بتخفيض القيمة الإيجارية لـ 15%، وجاء القانون 55 لسنة 1958م ليخفض 20% من إيجار الأماكن المنشأة من سبتمبر 1952م ليونيو 1958م، وتبعه قانون آخر يسري على الأماكن المنشأة من 12 يونيو 1958م إلى5 نوفمبر 1961م.

ومع عام 1962م جاء القانون 46 الذي نص على أن تحدد إيجارات الأماكن المعدة للسكن أو لغير ذلك من الأغراض وفقًا لصافي فائدة استثمار العقار بواقع 5% من قيمة الأرض والمباني، وبنسبة 3% من قيمة المباني مقابل استهلاك رأس المال ومصروفات الإصلاحات والصيانة والإدارة.

على أن يتم تشكيل لجان خاصة من القضاء للنظر في التظلمات المقدمة من المستأجرين حول القيمة الإيجارية، ثم جاء القانون 7 لسنة 1965م بتخفيض 35% وبأثر رجعي، ثم تخفيض 20% من الإيجارات اعتبارًا من مارس 1965م.

الصفحات الأولى من قوانين تخفيض الإيجارات في الستينيات من الجريدة الرسمية المصرية
الصفحات الأولى من قوانين تخفيض الإيجارات في الستينيات من الجريدة الرسمية المصرية

وطبقا لدراسة مصطفى عبدالفتاح الطمبداوي حول الأمن الإسكاني، كان إيجار الشقة الصغيرة ذات الثلاث غرف تراوح بين 4 و7 جنيهات دون مقدم أو خلو، وكان مرتب الخريج 20جنيها أي أن نسبة الإيجار لمتوسط الدخل هي 30% من مرتبه بالتوازي مع ذلك كان الحد الأدنى للأجور 12ج شهريًا، وهي نسبة مرتفعة نسبيا، رغم محاولات التقييد.

لكن قوانين التحكم في الإيجارات أدت إلى نتائج شديدة السلبية ظهرت آثرها لاحقًا، أولها انسحاب المواطنين من الاستثمار في البناء بغرض الإيجار، ما أدى إلى ظهور سماسرة تجار الشقق.

إضافة إلى تصدع الثقة بين الملاك والحكومة نتيجة نظر لجان من القضاة في تظلمات المستأجرين من سعر الوحدات، وقد وصلت القضايا المنظورة إلى 25 ألف حالة، فغابت الطبقة المتوسطة عن مجال البناء وحلت مكانها  جماعة المقاولين الذين غالوا في مقدمات الشقق – إيجار قديم – الذي أصبح مثل كرة الثلج بالكاد بدأنا في الحد من آثارها خلال العقد الأخير.

إقرأ أيضا
أمل دنقل وعبلة الرويني

إصلاح أكثر ضررًا

بدء العمارات في مدينة نصر سنة 1977م - أرشيف د. خالد عبدالرحمن
بدء العمارات في مدينة نصر سنة 1977م – أرشيف د. خالد عبدالرحمن

1981م صدر القانون 136 ليضع ركيزة في العلاقة بين المالك والمستأجر والذي حدد قيمة الإيجار السنوية للوحدات بـ 70% من قيمة الأرض والمباني، ووضع حد أقصى لوحدات التمليك، وألزم المستأجر بصيانة وترميم المبنى، وأعفى الوحدات السكنية من الضرائب العقارية، وزاد من إيجار الوحدات غير السكنية.

استفحلت طبقة المقاولين الانتهازيين كنتيجة مباشرة لفرض الحكومة ضوابط على السوق وتدخلها، فشاع الغش في المباني حتى أفاق النيام على كارثة زلزال 1992م.

خبر زلزال 1992م في مصر
خبر زلزال 1992م في مصر

فأصدرت الدولة قانون 1996م الذي عُرف بقانون الإيجار الجديد، وأعطى الحرية للمالك في تحديد قيمة الإيجار ومدة تعاقده مع المستأجر؛ بينما استمرت تبعات الإيجار القديم وعشرات التعديلات آخرها عام 2022م.

صورة قانون 4 لسنة 1996م في الجريدة الرسمية المصرية.
صورة قانون 4 لسنة 1996م في الجريدة الرسمية المصرية.

ضيوف مصر

مع اشتعال المنطقة من حولنا، وعلى حدودنا، لم يكن أمام السودانين ومن بعدهم الفلسطينين من أهل قطاع غزة مفرًا من اللجوء إلى مصر، ولم تكن مصر بأن تقبل صدهم.

لكن وجود اللاجئين والمقيمين شكل بدوره زيادة في الطلب على الخدمات ويأتي السكن بالإيجار من أكثرها تأثرًا، فقد وجد أصحاب العقارات في حاجة الضيوف العاجلة إلى مسكن يأويهم، فرصة سانحة في زيادة الإيجارات، بل وصل ببعضهم الأمر، أن ضيقوا على المستاجرين من المواطنين وساوموهم حال انتهاء العقود بفرض زيادات مضاعفة عن الحد الذي يسمح به القانون، حتى زادت الإيجارات في مناطق شعبية متوسطة من خمسة آلاف جنيه شهريًا إلى خمسة عشر جنيهًا في الشهر وهو ما اضطر السكان للانتقال دون رغبتهم، أما في الأحياء الراقية فقد زاد الإيجار في بعض الوحدات من ١٥ آلاف جنيه إلى ثلاثين ألف في الشهر.

لاجئين سودانيين
لاجئين سودانيين

عزف المتضررون عن قبول الإيجارات المبالغ فيها كنوع من أنواع الضغط والمقاومة في وجه طموح الملّاك، لكن كتلتهم التي تناثرت عبر حسابات السوشيال ميديا لم تشكل مجموعة متماسكة من شأنها صنع التأثير اللازم، وبالوقت بدأ بعض المستأجرين البحث عن سكان مصريين ليضمن الحفاظ على وحدته خاصة في الأحياء الراقية، وبالتبعية أصبح هذا المالك أكثر تقبلا لزيادة أقل مبالغة في الأسعار من قبل، كنتيجة لتكدس الضيوف بأعداد كبيرة في الوحدة الواحدة تفوق جاهزيتها، والذي على الأرجح كان سبيلهم الوحيد لتحمل الإيجارات التي أرهقتهم أيضا، بينما بقي التسارع في زيادة إيجار الوحدات في المناطق الشعبية دون رادع.

غابت الأرقام والإحصاءات وتحركات جماعات الضغط، فبرز الغضب غير المنظم عبر وسائط التواصل الاجتماعي

الحكومة
بانر لجروب سوداني على فيس بوك حول السودانيين في فيصل

لم نتمكن من الوصول إلى أرقام حديثة تصف الزيادة على طلب الوحدات المُستأجرة وفي الوقت نفسه لاحظنا غياب الحراك المجتمعي المنظم والمسئول عن تفنيد المشكلة التي تفاقمت بسبب زيادة طلب الوافدين على السوق، مع مسئوليتهم عن توضيح مخاطر تدخل الحكومة بالتحكم في الإيجارات، وطرح الأفكار لتخفيف الضغط عن المواطنين.

باستثناء طلب إحاطة تقدم به الدكتور أيمن محسب عضو مجلس النواب في إبريل 2024م يطلب فيه التوسع في تطبيق نظام الإيجار التمليكي؛ أو الإيجار المنتهي بتملك الوحدة، لتسهيل الحصول على الوحدات السكنية للمصريين سواء كان ذلك في مشروعات الإسكان الاجتماعي أو المتوسط أو غيرها.

الحكومة
النائب أيمن محسب

وهذا يقودنا إلى مصير التمليك بالقروض العقارية والأسباب التي أدت لعدم إقبال ملاك العقارات والوحدات على استخدامه، إضافة إلى الأهمية القصوى لاعتماد مبدأ “التضاد يبرز الحق” فالقاعدة الصحيحة تثبت مع الاستثناء، فإن كان تدخل الحكومة في التحكم في سعر الإيجار يقضي على الاستثمار في هذا المجال ويضر بالمستأجر قبل المالك كما أسهبنا، فإن القليل جدا من الاستثناء قد يكون فعالا في بعض الأحياء بمدن مزدحمة وأحياء قديمة مثل الموجودة في القاهرة، أو مناطق بعينها ذات إنتاجية عالية، أو مدن صناعية تحتاج لتوافر كوادر متخصصة في نطاق جغرافي قريب من مواقع العمل، ولكن مثل هذه الطروحات تحتاج لكيانات منظمة تهدف في سعيها عون الحكومة على دورها لما فيه الصالح العام، فالحركات غير المنظمة مثل “بلغ عنهم الضرايب” التي ظهرت في يوليو 2024م، والتي هدف من وراءها ردع المالك ومنعه من استغلال المستأجر من شأنها أن تعزز عدم التوافق بين المالك والمستأجر وترسخ لعدم الثقة في الحكومة، رغم أنه وبالصوت الحياني “تدخل الحكومات في الإيجارات وفرض تسعيرة خطأ جسيم، عرفناه من ١٠٠ سنة”

الكاتب

  • الحكومة رشا الشامي

    إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة

  • الحكومة وسيم عفيفي

    باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال

  • الحكومة مي محمد المرسي

    مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
1
أعجبني
5
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان