“الحلقة 17 من الحشاشين” خطأ متكرر بسبب غياب عنصر الزمن عن الحبكة
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تناولت الحلقة 17 من الحشاشين حصار السلاجقة لقلعة آلموت والذي تزامن مع حدوث انقسام سياسي بين أفراد الأسرة السلجوقية، وجنبًا إلى جنب نجح الباطنية في اغتيال الوزير الفاطمي الأفضل بن بدر الجمالي (والذي يطلق عليه المسلسل اسم بدر الجمالي).
الخطأ المتكرر في الحلقة 17 من الحشاشين
إشكالية الخطأ الذي وقعت فيه الحلقة 17 من الحشاشين، أنه خطأ متكرر منذ بداية المسلسل وهو غياب عنصر الزمن من الحبكة الفنية واللخبطة بين بدر الجمالي وابنه الأفضل، وتلك اللخبطة موجودة منذ الحلقة الرابعة في المسلسل.
تجددت تلك اللخبطة في الحلقة 17 من الحشاشين عندما جاء مشهد يتكلم عن مقتل بدر الجمالي، ومكمن الخطأ هنا في لخبطة المؤلف بين بدر الجمالي والأفضل بن بدر الجمالي، فبدر الجمالي الأب لم يمت مقتولاً وإنما مات من مرض عن عمر ناهز 80 سنة وتحديدًا في يونيو 1094م / جمادى الأولى 487هـ[1]، كذلك فبدر الجمالي الأب لم يقم بقيادة الصراع لتولية المستعلي بدلاً من نزار، وإنما من قاد ذلك الصراع الأفضل بن بدر الجمالي؛ فكان الأفضل التوضيح بين الابن والأب لشهرة الأخير في ذاكرة الناس.
والأفضل بن بدر الجمالي الذي مات مقتولاً في 18 ديسمبر 1121م / 30 رمضان 515هـ، بدأت وقائع اغتياله كما ذكرها المقريزي[2]، عندما أدى صلاة الظهر في دار باب الذهب وكان أكبر أبواب القصر الشرقي الكبير، ومع صلاة العصر تحرك إلى منطقة الزهري (وهي الآن بمنطقة السيدة زينب)، وحينها كان الأفضل مزاجه متغيرًا وخلقًا ضيقًا من الصيام، فلما رأى اجتماع الناس وكثرتهم أمر جنود بإبعادهم، فتقدموا ووقفوا عند باب الساحل الذي كان يفضي بسالكه لساحل النيل القريب، فتقدم مجموعة كبيرة من جنوده لهناك وبقي وحده في حراسة يسيرة، ومن أعلى دكان في منطقة الملاحين قام 4 باغتياله وألقي القبض على 3 منهم وتأخر القبض على الرابع إلى أن تمكنوا منه، وتم إعدامهم تقطيعًا وحرقًا.
يذهب بن تغرى بردي أن مقتل الأفضل بن بدر الجمالي تم بأمر من الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله[3]، لكن أغلب المؤرخين اتفقوا على الباطنية قتلوه[4]، وذكر بن الأثير 3 أسباب لمقتله، فقال أنها تضييقه على إمامهم، وتركه ما يجب عندهم سلوكه معهم، وترك معارضة أهل السنة في اعتقادهم، والنهي عن معارضتهم، وإذنه للناس في إظهار معتقداتهم والمناظرة عليها.[5]
ويتفاقم خطأ غياب الزمن من الحبكة ليطول وضع الحرب بين السلاجقة والباطنية، فمعارك بركياروق ضد الحشاشين لم تكن موجودة في الزمن الذي عاش فيه الأفضل بن بدر الجمالي، فقد قلنا أن الأفضل مات سنة 1121م / 515هـ، أما بركياروق مات سنة 1104م / 498هـ، بالتالي فإن معركة بركياروق مع الحشاشين كانت قبل موت الأفضل بن بدر الجمالي وليس كما أظهره المسلسل، إذ اندلعت المعركة الأولى في سنة 1101م / 494هـ، والثانية في سنة 1104م / 497هـ؛ وللمزيد عن المعركتين اقرأ هذا التقرير :- حكاية حرب بركياروق والحشاشين .. مواجهة أتلفتها الرشوة
إجابة الميزان على سؤال متكرر “أيهما أصح الجَمَّالي أم الجَمَالي”
من الأسئلة التي وردتنا خلال تغطينا لأحداث مسلسل الحشاشين هو نطق اسم الجمالي، فالمسلسل أظهره بتشديد الميم، فهل هذا صحيح ؟
والإجابة أن نطق الاسم في المسلسل خاطئ لكن له ما يبرره، فالصحيح هو الجمالي بفتح الميم لا تشديدها لأن سبب اسمه أنه كان مملوكًا لجمال الدين بن عمار فلذلك قيل الجَمَالي[6]، ويمكن تمرير النطق الخاطئ للمسلسل طالما تم تقبل المسلسل بالعامية لكون نطق منطقة الجمالية في القاهرة بالتشديد بلهجة أهل مصر في عاميتهم، لكن كان الأفضل هو النطق بالفتح.
[1] المقريزي، اتعاظ الحنفا بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفا، تحقيق محمد حلمي محمد أحمد، ج2، ط/1، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وزارة الأوقاف، القاهرة، 1416هـ / 1996م، ص329.
[2] المرجع السابق، ج3، ص60.
[3] ابن تغرى بردى، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، ج5، ط/1، دار الكتب، القاهرة ـ مصر، 1353هـ / 1935م، ص222.
[4] أبرز المؤرخين الذين قالوا بأن الباطنية قتلوا الأفضل بن بدر الجمالي هم :-
- الذهبي، العبر في خبر من غبر، تحقيق: أبو هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول، ج2، ط/1، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، (د.ت)، ص405
- ابن كثير، البداية والنهاية، تحقيق: مجموعة من المحققين بإشراف عبدالقادر الأرناؤوط وبشار عواد معروف، ج14، ط/1، دار هجر للطباعة، ط/1، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الدوحة ـ قطر، 1436هـ / 2015م، ص47.
- ابن العماد الحنبلي، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، تحقيق: محمد الأرناؤوط، ج6، ط/1، دار بن كثير، دمشق ـ سوريا، بيروت ـ لبنان، 1406هـ / 1986م، ص76.
- ابن طولون، إنباء الأمراء بأنباء الوزراء، تحقيق: مهنَّا حمد المهنَّا، دار البشائر الإسلامية، بيروت ـ لبنان، 1418هـ / 1998م، ص52.
- النويري، نهاية الأرب في فنون الأدب، ج28، ط/1، دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة ـ مصر، 1423هـ / 2002م، ص280.
[5] ابن الأثير، الكامل في التاريخ، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، ج8، ط/1، دار الكتاب العربي، بيروت ـ لبنان، 1417هـ / 1997م، ص569.
[6] المقريزي، اتعاظ الحنفا، (2/ 329)
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال