“الحوقلة” سر 6 كلمات احتوت على الفضل الإلهي ويخطئ المسلمين في ترديدها
-
أحمد الجعفري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
تتلازم الحوقلة مع ما يشعر به الإنسان من مشكلات فلا يوجد منا أحد نحن البشر إلا تعتَرِيه هُمومٌ وغُمومٌ ، تتقاذَفُه نوائِبُ الحياة وصُروفُها يمنةً ويسرةً ، تعتَرِيه تلكُم النوائِب وتعترِضُه، ثم يلهَثُ جاهِدًا للنجاة مما اعتراه.
اقرأ أيضًا
الخلاص في سورة الإخلاص “نظرة أخرى للعبادة بين السلف والخلف”
يطرُقُ أبوابَ الناسِ المُغلَقة ولا يطرُقُ بابَ الله المفتُوح، يُقطِّعُ الأوقات في بثِّ همِّه وغمِّه إلى الناس مع ضعفِهم وقلَّة حيلتِهم، ولا يُقطِّعُ وقتَه في بثِّ همِّه وغمِّه إلى من لا تخفَى عليه خافِية، من لا يُعجِزُه شيءٌ في الأرض ولا في السماء، من يُجيبُ المُضطرَّ إذا دعاه، ويكشِفُ السوءَ، من بيدِه ملكُوتُ كل شيءٍ وهو يُجيرُ ولا يُجارُ عليه.
الحوقلة .. ما هي وما فضلها
ولو فرَّ مثلُ هذا إلى ربِّه لأحيا ضميرَه، وزكَّى نفسَه، وطهَّر قلبَه، وأمدَّه بالعَون والتوفيقِ، وفتحَ عليه من المعرفةِ به ومعرفةِ وسائل الوُصولِ إليه الشيءَ الكثير، ومن ذلكم: أن يهدِيَه إلى كنزٍ من كُنوز الجنة، وبابٍ من أبوابِها التي قد غفلَ عنها بعد أن ألهَته الدنيا والوحشةُ بينه وبين ربِّه عن إدراكِها وإدراكِ أثرِها.
ففي “الصحيحين”: أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال لأبي موسى الأشعريِّ: « يا عبدَ الله بن قيس قُل : لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله؛ فإنها كنزٌ من كنوز الجنة »، إنها الكنزُ الذي يفتقِرُ إليه كلُّ واحدٍ منَّا، إنه الكنزُ الغائِبُ عن أوساطِنا، إنه الكنزُ العظيم ذو الثمن الضَّئيل، إنها كلمةٌ عظيمةٌ مليئةٌ بكل معاني التوحيد واللُّجوء إلى الله، والبراءة من حَول العبد الضعيف وقوَّته إلى حَول العظيم الجبَّار وقوَّته.
اقرأ أيضًا
شركة التأمين القرآنية .. بين النساء وجدار الأب الصالح
هي من الباقِيات الصالِحات التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: «استكثِروا من الباقِيات الصالِحات» قيل: وما هي يا رسول الله؟ قال: «التكبير، والتهليل، والتسبيح، والحمدُ لله، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله»؛ رواه أحمد وابن حبان.
عجبًا للعبد يشغَلُه حولُ البشر وقوَّتهم عن حَول الله وقوَّته! عجبًا له كيف يزهَدُ في هذا البابِ المُوصِلِ إلى الكنز؟!
لذلك جاء في فضائلِها أحاديثُ كثيرة بذكرِها مُفردة وذكرِها مقرونةً بغيرها؛ لأنها تُوجِبُ الإعانةَ من الله لقائلِها، فلأجل ذلك سنَّها النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا قال المُؤذِّن: “حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح”، فيقول المُستمِع: “لا حول ولا قوة إلا بالله”.
ذكرَ جماعةٌ من المُفسِّرين والمُحدِّثين قصةً حسَّنها بعضُهم وهي : أن عوفَ بن مالكٍ الأشجعيِّ أسرَ المُشرِكون ابنًا له يُسمَّى “مالِكًا”، قال: يا رسولَ الله! أسرَ العدوُّ ابنِي، وشكَا إليه الفاقةَ أيضًا، فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم -: «اتَّقِ الله واصبِر، وأكثِر من قولِ: لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله». ففعلَ الرجلُ ذلك. فبينما هو في بيتِه إذ أتاه ابنُه وقد غفلَ عنه العدوُّ، فأصابَ إبلاً فغنِمَها وجاءَ بها إلى أبيه.
كما أن نبيَّنا – صلى الله عليه وسلم – ليلةَ أُسريَ به مرَّ على أبينَا إبراهيم – عليه السلام -، فقال: «يا محمد! مُر أمَّتكَ أن يُكثِروا من غِراسِ الجنة»، قال: «وما غِراسُ الجنة؟»، قال: «لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله»؛ رواه أحمد وابن حبَّان.
فعجبًا لمن يقنَط وعنده لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله! وعجبًا لمن يقلَق وعنده لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله! وعجبًا لمن استثقَلَ شيئًا أو استبطأَه وعنده لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله.
أخطاء نية نطق الحوقلة
وهناك خطأ جسيم يقع فيه كثير من الناس وهو أنهم يجعلُون هذه الكلمة تُقالُ في المصائِبِ والمِحَن التي ينبغي أن يُقال فيها: “إنا لله وإنا إليه راجِعون”، وذلك أن هذه الكلمة – أي: لا حول ولا قوة إلا بالله – هي كلمةُ استِعانة لا كلمةَ استِرجاع، وكثيرٌ من الناس يقولُها عند المصائِب بمنزلةِ الاستِرجاع، ويقولُها جذَعًا لا صبرًا”، وهناك خطأ آخر وهو إهمالُ بعضهم وتساهُلُهم في نُطقِها، إما جهلاً أو كسلاً، فيقولُون: لا حولِ الله؛ وهذا خطأٌ ظاهرٌ؛ فالكلمةُ نفيٌ وإثباتٌ، ثبَّتَنا الله على طاعتِه، وأعانَنا على ذكرِه وشُكرِه وحُسن عبادتِه، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله.
الكاتب
-
أحمد الجعفري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال