ما أشبه الليلة بالبارحة (1) الخوارزمي
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
وإحنا بنعيش الأيام الصعبة دي.. معزولين وخايفين ومهددين نموت متفيرسين، افتكرت التساؤل المهم لفضيلة الشيخ أحمد الطيب عن جدوى وجود كليات علمية ليها أكتر من 100 سنة وإحنا بنستورد الكاوتش.
النهارده بقى أحب أسأل فضيلة الشيخ “الطيب” مين اللي واقفين ع الجبهة وبيواجهوا الموت.. خريجي الكليات العلمية ولا كليات أصول الدين؟ حَمَلِة العِلّم ولا حُفَاظ التراث؟ مستوردو الحداثة ولا حُراس الماضي؟ تلامذة النسبية ولا ملاك الحقيقة المطلقة؟.
وبالمناسبة أحب أفكره ونفتكر معاه قصص أشهر العلماء في تاريخ “دولة الخلافة” اللي سماحته بيتباهى بتاريخها.. شخصيات شهيرة وعظيمة ياما تم تقديمهم بوصفهم علماء عرب-مسلمين ـ بس المرة دي هنقدم قصصهم مع ذكر تفاصيل مهمة عادة مش بيتم ذكرها.
اقرأ أيضًا
الطيب طلع الخُشّت ع المسرح وأكد كلامي.. وأشياء آخرى
أه عرفنا أن العلماء دول كانوا منارة العالم وقادة الإنسانية وقت ما كانت أوروبا غرقانة في عصور الظلام، بس ماحدش قال لنا ليه علمهم لما وصل أوروبا كان بمثابة شرارة التنوير بس ماكنش له نفس التأثير مكان ظهوره.
ماحدش بيحكي أزاي أن المشايخ هاجموا العلماء وعلمهم، أزاي خاضوا معارك شبه معركة شيخنا الطيب وأنتصروا فيها للتراث على الحداثة ورفعوا من شأن النقل أمام قيمة العقل، أزاي قتلوا علماء وكفروا فلاسفة وحرقوا كتب.. حرموا علوم وثقافات وفنون، أزاي وقت ما أوروبا كانت بتخوض معاركها التنويرية كان الشرق بيفرض سيطرة الماضي على الحاضر وبيحارب المستقبل، أزاي فيه شبه كبير بين معركة الشيخ الطيب اليوم ومعارك رجال الدين في الماضي.
معارك انتصارهم فيها كان بمثابة هزيمة للمجتمع ككل ودمار مستقبل أجيال وأجيال، إزاي رفض الحداثة والتشبث بالتراث كان سبب أن وقت هجوم الفرنسيس بسلاحهم الحديث على القاهرة خرجت الأهالي تصرخ “يا خفي الألطاف.. نجنا مما نخاف”، فبعد عصور من تهميش العلم ماعدش قدام الشعوب إلا استجداء النجدة من السما.
مشهد بائس أتكرر في أسكندرية من كام يوم في شكل مسيرات تكبير وتهليل بتطلب الغوث من السما في مواجهة فيروس مش محتاج أجواء أفضل من كده للانتشار، فما أشبه الليلة بالبارحة.
بس قبل ما نبدء رحلتنا للماضي وجب علينا نوجه التحية والتقدير لأبطال معركتنا ضد الوباء، لكل العاملين في منظومة الصحة من أطباء وممرضين ومعاونين، لكل المتشبثين بسلاح العلم في مواجهة المرض مش الرُقية الشرعية والمَّية المِصَلّية وحلول العصور الوسطى.
سنة 809م مات هارون الرشيد، الخليفة العباسي الأشهر، وكان له من الأبناء 22.. دستة بنات و10 أولاد أشهرهم الأمين والمأمون والمؤتمن، ولاة العهد بترتيب وصيته، ويرجع الاختيار ده لأسباب قبلية بحتة.. فالأمين أبنه من أبنة عمه العربية وذات النسب الهاشمي أما ابنه المأمون “الأكبر سنًا” كانت أمه فارسية.
بسرعة قامت الحرب بين الأخين، الأمين والمأمون، صراع على السلطة أستمر أشهر طويلة وراح ضحيته عشرات الألاف.. قبل ما ينتهي بقتل الأمين وانتقال الخلافة إلى المأمون في 813م.
اهتم المأمون بالعلم والثقافة والفن، أسس “بيت الحكمة” اللي أتدرِست فيه الفلسفة اليونانيَّة وتُرجِمت الأعمال العلميَّة، وعيَّن الخوارزمي رئيسًا له وكلفه بجمع الكتب اليونانية وترجمتها، واللي استفاد جدا من الكنوز المعرفية المتوفرة تحت أيده فتعمق في دراساته المتنوعة، الرياضيات، والجغرافيا، والفلك، والتاريخ، وأتطلع على مختلف المعارف الهندية واليونانية.
الخوارزمي أو محمد بن موسى الخوارزمي، أصله من منطقة خوارزم، مدينة خيوا حاليًا وتقع في أوزبكستان، كان إنسان موسوعي بالمعنى الحرفي للكلمة وقدم أسهامات مهمة جدًا في مجالات متنوعة على رأسها الجبر، ومنها علم المثلثات والفلك والجغرافيا ورسم الخرايط، ده غير الترجمات من اليونانية والهندية.
الخوارزمي هو مؤسس علم الجبر، ومن اسمه اشتق اسم الخوارزمية اللي بتعتمد عليها لغات الكمبيوتر وشبكة الانترنت وأمور كتير جدا من التكنولوجيا الحديثة، اخترع الأرقام المسماه بالعربية (0، 1، 2، 3،….) باختصار الرياضيات قبله كانت حمادة وبعده حمادة تاني خالص، لإنه ببساطة نقل من النظام الحسابي في الهند رقم جديد وقدم للعالم كله علم حسابي موحد مبني على أساس الرقم الجديد.. وهو الصفر.
ترك الخوارزمي أكتر من 20 مؤلف في مختلف المجالات العلمية اللي برع فيها، معظمها أسس علمية ومراجع ينتفع بيها لحد النهارده، بس بعد وفاته بحوالي بأكتر من 4 قرون.. وبالتحديد سنة 1263م ولد رجل يدعى أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام، رجل تقريبا كده كفر كل خلق الله، وتجرأ ع التسفيه من قامة بحجم الخوارزمي ومن العلم كفكرة، رجل يلقبوه بـ شيخ الإسلام:
• الخوارزمي: محمد بن موسى الخوارزمي ت: 232هـ :
وهو المشهور باختراع (الجبر والمقابلة) وكان سبب ذلك كما قاله هو المساعدة في حل مسائل الإرث، وقد ردّ عليه شيخ الإسلام ذلك العلم بأنه وإن كان صحيحاً إلا أن العلوم الشرعية مستغنية عنه وعن غيره .
والمقصود هنا: إن الخوارزمي هذا كان من كبار المنجّمين في عصر المأمون والمعتصم الواثق، وكان بالإضافة إلى ذلك من كبار مَنْ ترجم كتب اليونان وغيرهم إلى العربية.
الفقرة من كتاب: حقيقة الحضارة الإسلامية لفضيلة الشيخ/ ناصر عبد الحمد الفهد، ربنا يفك سجنه.
الخوارزمي مش حالة فريدة من نوعها، التاريخ فيه أسماء كتير زي.. الفارابي 847م : 950م، ابن الهيثم 965م : 1040م، ابن سينا 980م : 1037م، ابن رشد 1126م : 1198م، ابن خلدون 1332م : 1406م… وغيرهم، هنتعرف عليهم اسم اسم وحدوتة حدوتة.
الكاتب
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال