الخوف الذي ينهشني
يتملكني الخوف منذ أن عجت مواقع التواصل الاجتماعي بسيرة “ابن الناس ” المغتصب الذي لم يترك تقريباً غير النباتات دون التعرض لها، الهاشتاج الذي فضح الوسيم الثري أحمد بسام ذكي و الذي ما أن انتشر وبدأ ضحاياه في سرد الانتهاكات المخزية والتي لا تدين أبداً الضحايا بل تدين المجتمع المتقيح الذي ينال من المظلوم ويترك الظالم ليمارس ظلمه بكل جبروت وأريحية، وأنا أشعر بغصة في حلقي وانقباض قلبي، وكأن أحدهم فتح صندوق الذكريات الأسود الذي كنت أنكر وجوده طوال السنوات الفائتة.
لماذا لا تفصح الضحية عن الاعتداء فور حدوث الجريمة؟، سؤال تمت كتابته أكثر من مرة في تغابي متعمد وتواطؤ مع المعتدي دون رحمة، الحكايات المؤلمة التي حكاها ضحايا ذلك الشاب المجرم وضحايا آخرين اللذين بدأوا في سرد حكاياتهم هم أيضاً تفضح المجتمع الذي يرتدي ثوب فضيلة مزيفة كشخص يرتدي كيساً بلاستيكياً شفافاً ويمشي في الشارع متباهي بثيابه ، الكل يراه عارياً إلا هو، فالنظارة الشمسية بالطبع تعطيه وقاراً لا يشعر به غيره!.
الضحايا الذين تنوعت حكاياتهم بين تحرشات من أقارب كخال وعم وجد أو من دوائر من المفترض أنها آمنة كمدرس أو مربية، والتي قوبلت إما بالتكذيب وبالتجاهل أو بالصمت في تواطؤ مع المعتدي من الأم أو الأب، حالة الاستهبال المجتمعي هذه التي تصنع من الضحية شخصاً يشك أن من حدث كان حقيقياً أصلا، هذا في الحالات التي استطاعت أصلا أن تحكي وكان لديها مساحة من الأمان ولو زيفاً للفصح عن الانتهاك.
ضحايا الـ stalking ..جريمة يتجاهلها المجتمع المصري
هل هذه هي الأسر التي يتملكها الخوف من أن تفسد أخلاقها الحميدة بفيديوهات التيك توك؟، كيف وصلنا للخوف من كلام الناس حد قتل الأبناء الذين نمثل طوال الوقت أننا لا نتمنى سوى سعادتهم ورضاهم كذباً؟، الخوف من كلام الناس والعيب والوصم المجتمعي، الألسنة والنظرات التي لا ترحم هيبتها احتلت مكانة الله في الأرض!، نفس هؤلاء المجرمون يملؤون الدنيا حديثاً عن الأخلاق والظلم والله، أي رب تتحدثون عنهم ؟ أي ديانة تنتمون لها ؟ أي ظلم تجرع أبنائكم أكثر من خذلانكم وخستكم وحقارتكم؟، أيقف الواحد فيكم بكل وقاحة على الله يسأله لماذا يحدث له ذلك الظلم دون سائر الناس وهو لم يظلم أحداً؟!، أتكذبون على الله وأنتم مشاركون بصمتكم في اغتصاب أرواح وأجساد أبنائكم إناثاً وذكوراً، وتفور دمائكم لكتف عار أو رقصة أو حتى ليد عاشقين تتعانق في مودة.
أشهد الله أنني لا أسامح في كل مرة شعرت فيها بـ الخوف وأنا أقف في الشارع انتظر ، في كل لمسة غصب تتبعها نظرة انتصار لرعبي، لا أسامح في كل مرة انتهك المجتمع حقي في الدفاع عن نفسي بحجة أن مستقبله سوف يذهب سدى، في كل مرة دافع أحدهم عن متحرش كنت أعلم يقيناً أنه يدافع عن حقارته الشخصية التي يمارسها مع آخرين، أشهد الله أني لا أسامح من لم يعلمني الدفاع بقوة عن نفسي وأبدل أماني رعباً.