الدعوة إلى العامية (1) الصلح بينها وبين اللغة العربية الفصحى
-
محمد سعد
خريج كلية الحقوق .. كاتب تقارير نوعية ومتخصص في ملفات التراث الديني والإسلام السياسي
كاتب نجم جديد
الفرق بين اللغة العربية الفصحى واللغة العامية أن الأولى تُستخدم في الإنتاج الفكري عامة مثل تدوين الشعر والنثر ، أما اللغة العامية فهي تستخدم في الحديث العادي الذي يكون بين الأقران والناس مع بعضها البعض في أثناء معاملاتهم اليومية والفصحى لها قواعد تسير عليها فهي ثابته لا تتغير ومعانيها وألفاظها لا تختلف بتغير الزمان والمكان بخلافة العامية فهي متغيرة في اللفظ والمعنى أيضا من زمن لزمن ومن مكان لمكان .
اقرأ أيضًا
اللغة غذائنا الثاني الذي نموت بدونه
اللغة العربية الفصحى والعامية موجودان جنبا إلى جنب في كل اللغات وأثبت وجودها بعض العلماء المشتغلين بالدراسات اللغوية مثل الدكتور على عبدالواحد وافي في كتابه فقه اللغة ، والاستاذ جبر ضومط في مقال له في مجلة السيدات والرجال، كما أثبتها في الفرنسية وصنف فيها كتاب الأستاذ (هنري بوش) .
وجدير بالذكر أن قبائل العرب قديما على الرغم كانت لهم لهجات مختلفة ولكن لهجة قريش كانت هي اللهجة الطاغية على باقي لهجات القبائل العربية نظراً لمكانتها السياسية والإجتماعية والدينية عند العرب فكانت تؤلف النثائر والشعر بلهجة قريش .
لكن لما انتشر الإسلام اختلط الأعاجم بالعرب فدخل اللحن في اللغة وكان هذا هو أول مظاهر انتشار العامية وابتعاد الناس عن الفصحى ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحذر من اللحن في اللغة فقد روى عنه أن رجلاً لحن بحضرته (فقال لأصحابه ارشدوا أخاكم فقد ضل ) يعني صححوا خطأ أخاكم اللغوي فكان صلى الله عليه وسلم حريص على لغة القرآن .
وروي عن عبدالملك بن مروان أنه كان يحذر أبناءه من اللحن في اللغة لانه كان يرى أن اللحن على لسان الرجل الشريف ذو المكانة والجاه أكبر من آثار الجدري في الوجه .
لكن مع مرور الزمن أصبح وجود العامية أمر واقع وأصبحت تعيش مع اللغة العربية الفصحى جنبا إلى جنب زمن طويل ، ولكن الفصحى احتلت ميدان الأدب لم تشاركها العامية في ذلك فدوواين الشعر والنثر والمؤلفات الأدبية كالقصص والروايات وكتابة المسرحيات حتى وقت قريب ظلت الفصحى هي المسيطرة عليه سوى بعض الأخطاء التي كانت تتسلسل إلى كتابتهم بسبب ضعف اللغة وما أصابها من انهيار ..
بعد ما ظهر ما يسمى بعصر القوميات بدأت الدعوة في مصر إلى تمصير اللغة العربية على يد أحمد لطفي السيد وهو أول داعية للقومية المصري ففكر في تمصير اللغة فكتب سبع مقالات نشرت في صحيفة الجريدة سنة 1913 وراح في هذه المقالات يدافع عن فكرته ويشرحها ويدعو إلى الأخذ بها فجاء في مقاله الأول أن سبيل إحياء اللغة العربية هو تعريب العلوم لأن اللغة العربية واسعة معانيها وخصبة… وهو راي لا ينكر لكنه استغله في التسامح اللغوي فدعا إلى إستخدام لغة الشوراع في الكتابة والتأليف حتى أنه قد أستهل مقاله الثاني بألفاظ مثل (الأوتومبيل ، والبنطلون ، والجاكت ..) وفي مقالاته التالية أخذ يسخر من التكلف في بعض الكلمات مثل السيارة والدراجة …إلخ .
وفي الأخير انتشرت العامية انتشار النار في الهشيم فأصبح الشعر الذي كنا نتعلم منه الفصاحة (حلمنتيشي)
الكاتب
-
محمد سعد
خريج كلية الحقوق .. كاتب تقارير نوعية ومتخصص في ملفات التراث الديني والإسلام السياسي
كاتب نجم جديد