همتك نعدل الكفة
4٬457   مشاهدة  

“الدنيا سنة 2000  بقلم نجيب الريحاني” .. كيف تنبأ بظهور الفيس بوك؟

نجيب الريحاني
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



لم يكن نجيب الريحاني فقط “ضاحكًا باكيًا” كما روج الكثيرين حتى ملّ الناس من المصطلح .. بل كان شديد الحكمة، له نظرة على الماضي وأخرى للمستقبل، يحمل عقلًا راجحًا كقلبه المرهف، عينين ينظران للأمور على حقيقتها كما ينظران إلى الهزل فيها .. كان مولعًا بالشعر العربي منذ مرحلة الابتدائية وبالأخص ما قاله المتنبي وأبو علاء المعرّي مما جعله ذو ثقل ثقافي وصاحب نظرة مستقبلية سديدة .

وفي عام 1947 (أي قبل وفاته بسنتين فقط) قامت مجلة “الاثنين والدنيا” باستكتاب (زعيم المضحكاتية) نجيب الريحاني لمقال يحدد فيه شكل الدنيا من وجهة نظره في سنة 2000 .. فهل كان سابقًا بخياله أم أن نفحه إلهية أطلعته على الخفي كالصوفيين، على كل حال إليك ما كتبه نجيب الريحاني ومنه ستعرف ماذا أقصد :

نجيب الريحاني
عدد من مجلة الاثنين والدنيا

“قلت لصديقي اللدود مندوب “الاثنين” ان هذا (سؤال غريب ماجوبش عليه)، وحاولت أن أقنعه بكلام طويل عريض، ذكرته فيه بأني لست من (أهل الذكر) وبأن حضرته (سيد العارفين) بما إني أسير في حياتي طبقًا لخطة موضوعة في الأصل لخصها المتنبي حينما قال : “ما مضى فات، والمؤمل غيب ولك الساعة التي أنت فيها”. ولكن كل هذا الدفاع لم يصل إلى حد الاقناع والاقتناع !

وهكذا، لم أجد بدا من الامتثال، لأتصور الدنيا في سنة 2000 بالكمال. وأجيب عن ذلك السؤال. كلنا الآن نعرف الدنيا ماشيه ازاي، وسواء كانت ماشية بالمقلوب ، أم إلى الأمام كما هو مطلوب، فالمهم أن سرعتها في ازدياد. ولهذا أتصورها بعد خمسين سنة وقد تطورت سرعتها في المشي إلى جريان فطيران في طيران .. وهكذا يصبح كل شئ فيها يطير حتى العمارات غذ تكون معلقة في الهواء وحتى وابورات السكة الحديد، ووابورات الزلط. إذ تنقلب عند اللزوم طيارات .

وطبيعي أن تكون هناك إلى جانب الطيارة الضخمة الفخمة الخاصة بالعظماء والأثرياء، طيارات شعبية على قد الحال للخدم والحشم والحيوانات والفقراء. وما دمنا قد تصورنا الطيران العام 2000 فلابد أن نتصور القنزحة والشقلبة فيه !

وويل للتقاليد والأوضاع من (الدنيا لما تتشقلب) فتصبح النساء – مثلًا – هن القوامات على الرجال، ويتحكم العمال في أصحاب رؤوس الأموال، وسيكون كل شئ أتوماتيكيًا ولا حول ولا قوة إلا بالله!

فإلى جانب الآلات الكاتبة ، والآلات الزراعية والصناعية، ستوجد آلات مفكرة مدبرة، تتولى القيام بكل شئ، حتى نظم الشعر، وكتابة المقالات، بل ان الحب نفسه وما يتبعه من ملحقات، سوف يتم بواسطة آلات، تتولى إرسال الخطابات وتبادل النظرات والابتسامات والقبلات.

وهذه القنبلة الذرية التي يشيب من هولها الولدان الآن في كل مكان. أتصورها بعد سنة 2000 وقد تجردت من “نون النسوة” فأصبحت قبلة لطيفة مسعدة تطبعها الدنيا على جباه أولادها” كلهم حينذاك . فتكون قنبلة ذرية تشبع الناس من جوع وأخرى تكيف الهواء الذي يعيشون فيه .

على أن هذا كله لا يمنع أن أتصور الناس في ذلك الحين، وقد أخذ كل منهم يعمل بأصله الطيني السفلي الوضيع، ومن هنا تشيع بينهم المنافسات وتشتعل في صدورهم الحزازات، فتقوم الخناقات، وتكبر وتتسع حتى تشمل جميع المخلوقات. فتكون النتيجة أن تنقلب جنتهم إلى جحيم، وتخلو الأرض من كل شيطان رجيم .

إقرأ أيضا
مصر في الصومال

ولكني أعرف أن المرء لا يدرك كل ما يتمناه. ويحدثني قلبي وأنا أختم هذه التصورات بأن نبوءة العالم الفلكي الفرنسي بفناء العالم سنة 1999 سوف تتحقق مع الأسف الشديد .. وإذن فلن تكون هناك سنة 2000 ولا يحزنون .. وكل سنة وأنتم طيبون”

 

الكاتب

  • نجيب الريحاني محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
21
أحزنني
3
أعجبني
16
أغضبني
2
هاهاها
2
واااو
7


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان