همتك نعدل الكفة
760   مشاهدة  

الدنيا على جناح “الترند” هل حقًا جعلتنا السوشيال ميديا نفقد هويتنا الشخصية؟!

التفاعل مع الترند


اتخذت قرار منذ أكثر من شهرين بالبعد عن السوشيال ميديا بشكل عام والفيسبوك بشكل خاص، وذلك هروبًا من كم الضغط النفسي الهائل الذي نتكبل أعبائه بالمجان، وانحصر استخدام هذه المواقع فقط في حدود الأشياء التي تتعلق بعملي، ولكن بالأمس قراء لي صديق منشور في منتهى الوجاهة كتبته فتاة من مستخدمي الفيسبوك، تتحدث خلاله عن الترند الذي يتكرر بشكل مستمر، وللحق أعجبت للغاية بطريقة سرد الفتاة لهذه الترندات وارتباطها بالتواريخ.

فتحدثت عن 5 ترندات يتكررون كل عام وهم كالآتي:

-النصف الأول من يناير وهل المعايدة على المسيحيين حلال أم حرام.

– 25 يناير وهل هي ثورة ام مؤامرة.

– عيد الأضحى وذبح الحيوانات في الشوارع.

– تريند المثلية الجنسية والحديث عن حقوق المثليين.

– الصيف وقوانين الشواطئ والمايوه الشرعي.

 

لم يمر علي منشور الفتاة على عقلي مرور الكرام، ولكني سرعان ما وجهت حديثي لصديقي فور انتهائه من القراءة، “لقد تناست الفتاة الترندات الخاصة بوفاة الفنانين التي لا تتخطى اليومين، وكذلك الذكرى السنوية لماتش الأهلي والزمالك (6:1) وماتش الزمالك والأهلي (6:0)، وهل الحجاب فرض أم عادة والحديث عن محمد رمضان وغيره وغيره من الموضوعات التي تتكرر كل يوم”.

الدنيا على جناح الترند

والحقيقة أن هذا الهوس غير الطبيعي في حرصنا جميعا بتسجيل آراءنا في كل الترندات جعلنا مع الوقت مجرد ببغاوات، أصبحنا نشبه الروبوتات نستيقظ كل يوم لنرى ما هو الموضوع الرائج اليوم حتى نتحدث فيه دون حتى التركيز في جدوى هذا الحديث أو إثارة هذه الموضوعات.

فقد أصبحنا مزيفين كلياً في إظهار الدعم أو المساندة لشخص أو قضية ما، وحتى مشاعرنا أصبحت مبتذلة، وكأن السوشيال ميديا مكان كبير لتدجين البشر كلنا نستخدم نفس التعبيرات ونتفاعل بنفس الأسلوب، نزايد في مشاعر الحزن والفرح على الغير، فحتى اختلافنا في أي رأي سرعان ما يتحول إلى خصومة، وكأنه من غير المقبول أن يكون أحد أصدقائي يتبنى وجهة نظر مخالفة لي.

يوميات قلق..عن صديقك المتطرف!

وبشكل شخصي صدمت منذ أشهر في ذكرى وفاة محمد مرسي بصديق ليبرالي التوجه كتب على صفحته نصاً (ذكرى نفوق محمد مرسي) الأمر أفزعني حرفيًا ولم أتردد لحظة للاتصال به لسؤاله عن استخدام هذا المصطلح غير الآدمي، خصوصًا وأن نفس الشخص كتب منشور غاية في الرقي عندما قام مستخدمي الفيسبوك بنشر منشور قديم لأحد الممثلين في مسلسل “الاختيار” والذي استخدم نفس المصطلح (نفوق) في ذكرى استشهاد المفكر فرج فودة، ولكن إجابة هذا الصديق كانت صادمة أكثر من منشوره وهي (طالما بنكلمهم نستخدم نفس مصطلحاتهم) وهذه إشارة مرعبة لأن البعض يفقد حتى مبادئه فقد من أجل ركوب الترند!

فقدان الهوية مقابل التماشي مع الترند

نحن أصبحنا أجهل ما يكون بما يسمى حوار أو مناقشة، ولم نعد نعرف غير صبغ آراءنا بصبغة الحقائق المطلقة، ففي الأعوام الأخيرة شهدت بعيني أصدقاء عمر يتحولون إلى أعداء بسبب اختلاف أراءهم فيما يخص الترند الرائج في وقت ما، وخلافات تحدث في المنزل الواحد بسبب تبني أفراده آراء مختلفة، الأمر حقًا مرعب للغاية.

وحتى لا اتجنى على السوشيال ميديا وتناول الموضوعات من خلالها، فأيضا هناك جانب مشرق فالأمر، ففي بعض الأحيان يكون الضغط من خلال مواقع التواصل الاجتماعي في قضية بعينها مؤثر للغاية، ولكن السؤال هنا الذي يستحق التفكير، هل حقًا في هذا النوع من التحركات على خلفية التريند الأمر يرجع إلى قوة السوشيال ميديا، أم إلى فقر مصادر القائمين على الإعلام من برامج ومواقع إخبارية لخلق محتوى متخصص وهام، وأن الجميع أصبح يدور في فلك الترندات فقط لكسب عدد مشاهدات أعلى.

الجرائم الجنسية ضد المرأة والطفل ودور موقع PornHub فيها

فمن أسوء نتائج هذا التفاعل الزائف-من وجهة نظري-أنه بعد تفاعل الأشخاص حول قضية ما وإظهار أكبر درجات الدعم أو الهجوم، فأنه فقط مع صباح يوم جديد وظهور الترند جديد تنسى القضية وأصحابها وكان شيء لم يكن، وأكبر دليل على ذلك هل يعلم أحد إلى أين وصلت قضية الشاب محمود البنا الذي قتل وهو يدافع عن فتاة؟

إقرأ أيضا
ملخصات أفلام

هل يعرف أحد إلى أين وصلت قضية جنى الطفلة التي تم اغتصابها من رجل أربعيني؟

هل مازال أحد يتابع أخبار المظاهرات في أمريكا على خلفية قتل الرجل الأسود (جورج فلويد) بعد أن امتلئ الفيسبوك بشعار Black lives Matter؟

ما هو مصير فتيات التيك توك؟

ما هي تطورات ملف سد النهضة وأين وصلت المفاوضات بين مصر والسودان واثيوبيا؟

التفاعل مع الترند على السوشيال ميديا

والمزيد والمزيد من القضايا والأحداث التي أصبحنا نتفاعل معها فقط لأن الجميع يتفاعلون معها ليس أكثر، فكما قلت وأكرر مرة أخرى نحن حتى لم نصنع هذه التريندات ولكننا فقط ندور في فلكها وإن لم نستوعب ذلك ونحاول تقويمه سنتحول مع الوقت كلنا إلى صورة مبتذلة من بعضنا البعض وسنفقد حتى هويتنا الشخصية، فالأمر أشبه بعمليات التجميل الفاشلة التي تفقد الإنسان تعبيرات واجهه.

 

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
6
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان