الذكريات عند الإنسان ماذا تعني؟
“لديَّ ما يَكفي من الذكريَات لأشْرب قهوتي وحْدي، فِي مقهى يظنهُ الجمِيع فَارِغ، لكنَّهُ يغصُّ بالغائبيْن”.. قالها الشاعر محمود درويش وصدق عليها الكثيرون ممن يرون أن للذكريات مكانة خاصة فهى تذكرنا بالماضي وتجعل حاضرنا أكثر جمالًا فعندما تغلق جميع الأبواب أمامنا نتذكر اللحظات الجيدة لتعطينا دفعة من الطاقة الإيجابية لاستكمال طريقنا.
تنعش النفس
فلا تقتصر الذكريات على اللحظات الجيدة فقط من نجاح حدث بل هي تذكرنا بأشخاص رحلوا عن عالمنا لتبقى ذكراهم هي ما تبقت، أو بأشخاص أخذتهم الغربة بعيدًا عنا لتبقى الذكرة هى المهون علينا حتى عودتهم، يمكننا أن نعتبر أن الذكريات هى الحبل الذي ينقذنا من الغرق في بحر الحزن وهى دافعنا نحو تحقيق النجاحات، وأيضًا دليل لتجارب سابقة تجعلنا انضخ واعقل في المستقبل.
وعلى مدى العقد الماضي تطورت العديد من الدراسات في علم النفس عن سيكولوجية الحنين إلى الماضي، والتي أوضحت أن الأشخاص يستغرقون في خيالات الحنين والذكريات عندما يشعرون بالضعف فيلجأون إليها لتعزيز مزاجهم وثقتهم بأنفسهم.
وأشارت الدراسات إلى أن مشاعر الحنين تُعد بمثابة عاطفة إيجابية إلى حد كبير سيؤدي إلى تحسين مزاج الإنسان و زيادة الشعور بمعنى الحياة، وزيادة التفاؤل للمستقبل.
وقال الفيلسوف الروسي فيودور دوستويفسكي:”حين تستبد كآبة ثقيلة بالنفس التي صارت من المحن في ظلام ، تأتي الذكريات فتنعش النفس وتحييها، مثلها كمثل تلك القطرات من الندى التي تضعها رطوبة المساء على الأزهار بعد نهار خانق ، فتبعث الحياة في هذه الأوراق الحزينة التي كادت تمحوها الشمس المحرقة”
تخزين الذكريات
وتعتبر الذكريات هى المؤثر الأساسي على السلوك العام، حيث توثر على عملية الإدارك والتعلم والانتباه، ويتم تخزين الذكريات في المخ وتتم تلك العملية على عدة مستويات الأولى يتم تخزينها على المستوى الحسي لمدة جزء من الثانية، ثم على مستوى الذاكرة قصيرة المدى.
ومع مرور الوقت يتم تحويل المعلومات الهامة إلى الذاكرة طويلة المدى بشكل تدريجي.
أماكن تخزين الذكريات
كما تتم عملية تخزين الذكريات من خلال موقعين الأول المخ عبر عدة مناطق به وهي: قشرة المُخ، اللوزة الدماغية, وقرن آمون أو الحصين.
والموقع الثاني هو القلب، قد يستغرب البعض تلك الجملة ولكن الموقع الثاني للتخزين هو القلب بالفعل والذي يربطه علاقة بالعمليات النفسية والإدراكية التي تساهم في عملتي الإبداع والتفكير، حيث يوجد داخل القلب برامج خاصة بالذاكرة يتم فيها تخزين الأحداث التي يمر بها الإنسان.
ثم تقوم تلك البرامج بإرسال الذاكرة للمخ ليقوم بمعالجته ويوجد في القلب أكثر من أربعين ألف خلية عصبية تعمل بدقة كبيرة على تنظيم معدل ضربات القلب وإفراز الهرمونات وتخزين المعلومات ثم يتم إرسال الأخيرة إلى المخ، لتلعب دورًا مهمًا في الفهم والإدراك.
بقعة ضوء
وتقول دعاء جمال في عقدها الثالث:”بحب الذكريات لأنها بتفكرني بناس حتى لو مبقوش موجودين.. بحب افتكر اللحظات الحلوة اللي عدت عليا وقد ايه الناس اللي معايا في الصور دي ناس مهمين وكنت أتمنى أن كل اللحظات الحلوة تبقي متوثقه بصور.. فعلا الذكريات حاجه مهمة ويمكن دي اللي مصبرانا ع وجودنا في الحياة بعد مفارقه ناس كانوا لينا الحياة ولكن قضاء الله كان له كلمته”.. تقول” للميزان”
ووافقتها فب الرأي تقى أيمن 22 ربيعًا من عمرها عندما قالت إن الذكريات تعيشنا اللحظات الجيدة:” بتعيشني لحظة حلوة.. ساعات بفتكر المواقف الحلوة أوقات حزني بلاقي أني بفضل افتكر وانسى اللي أنا فيه .. وبالذات لو في صور أو أىي حاجة من الذكرى الجميلة دي .. حرفيا أنا بحب الذكريات وبحب الحاجات غير الملموسة اللي بحس بيحها”
وتقول ولاء محمد إن الذكريات جزء من حياة الانسان سواء جيدة أو لا والذكريات السعيدة تظل طول الوقت بقعة ضوء نعود لها من وقت لأخر لشحن طاقتنا الايجابية.
تابعت في حديثها” للميزان”:” أما الذكريات الصعبة المؤلمة فبنحاول نتنساها وطبعا بعضها بيكون عصي على النسيان بس بنتجاهلها قدر الإمكان وفي رأي حتى لو زارتنا من وقت للتاني فهي بتذكرنا باننا أصبحنا أقوى وعدى علينا أوقات صعبة وفي النهاية انتهت ومرت مع الوقت”
السلوك العام
وتُعد الذكريات هى نتاج عملية ترميز وحفظ التجارب والأحداث السابقة في الدماغ ثُم استرجاعها، وعندما نسترجع الذكريات فإننا نبتسم ونحزن في آن واحد نبتسم لجمال الذكريات ونحزن لانتهاءها وابتعاد أشخاص كنا نتمنى لو كانوا معانا لكنها الحياة يا سادة.
إقرأ أيضًا.. كيف يخفي العقل الباطن الذكريات؟.. ولماذا يخدعنا بحكايات ليست حقيقية؟