الذين حاصروا الحصار .. كيف ألقى خمسون شابًا القبض على فيروس كورونا في المحلة الكبرى؟
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
من الطبيعي ، وحينما تكون بصدد الكتابة عن تفاعل أهل مدينتك ، ومقدار التزامهم بتعليمات الحكومة بعد دوامة الموجة الثانية من فيروس كورونا ، والتي أعلنت عنها الجهات الرسمية منذ أسابيع ماضية ، من الطبيعي أن ترصد حالة الإهمال الشعبي ، وعدم التعاون ، التي لا تختلف في المحلة الكبرى عنها في القاهرة ، ولا تختلف في الإسكندرية عنها في الصعيد ، وهذه الإحصائية لا تحتاج لمركز إحصائي يقول لك كم أن الشعب المصري لا يتعامل مع الفيروس بجدية منذ اللحظة الأولى ، اللهم إلا فترات قليلة جدًا اجتاح فيها الخوف العالم كله فالتزم المصريين ، ومن بعدها لم تتكرر هذه الدرجة من درجات الإلتزام إلا من رحم ربي .
ولأن ما حدث في المحلة الكبرى، ويحدث يوميًا ، ليس هو الطبيعي ، كان لابد أن نلقي الضوء على مجموعة من الشباب ، التقطوا طرف خيط الخطورة التي تتعرض لها أهل مدينتهم التي تمثل طبيعتها أرض خصبة لانتشار الفيروس ، ذلك لأن أغلبها ممتلئة بالأسواق ، والمصانع ، التي يتكدس فيها الساعون وراء لقمة العيش ، لذلك قرر هؤلاء الشباب ، الذين أطلقوا على أنفسهم “الحملة الشعبية لمكافحة فيروس كورونا في المحلة الكبرى” ، قرروا أن يطاردون الفيروس في كل مكان بالمدينة ، في الشوارع ، في البيوت ، في الحواري ، في المحلات والمطاعم والمراكز الرسمية ، في تجمعات المعاشات والبنوك والمراكز الطبية ، في الميدان الرئيسي، والميادين الفرعية ، ممسكين بزمام الأمور ، واقفين بالمرصاد لانفلات الأوضاع ، واستشراء الفيروس .. خمسون شابًا يجوبون المحلة ليل نهار ، يطمئنون الناس ، يزرعون الأمل في التخلص من هذا الكابوس الذي سقط على رأس العالم ولازال لم يستفق منها حتى الآن .. لا شك أن مجهودات الشباب لا تمنع تواجد الفيروس من الأساس ، لكن وجودهم هو حائط الأمان ضد أن تصبح المدينة بؤرة من بؤر الفيروس .
وكما نعرف .. أن الأفكار التي تنفع الناس ، لابد أن تمكث في الأرض ، تضخمت الفكرة في عقول أهل المدينة وتجاوز عدد الداعمين للفكرة حوالي عشرة آلاف عضو على الجروب الرسمي للحملة ، وعشرة آلاف هو رقم جيد في مدينة مثل المحلة الكبرى … وهنا ربما يسأل القارئ : هل دور هؤلاء الشباب يقتصر عند التعقيم ، وحصار الفيروس قبل أن يصاب به أحدهم ؟ .. أقول لك بالفُم المليّان : لا .. هؤلاء يشتبكون مع المشاكل الفرعية التي تفاجئ النظام الصحي في المحلة ، وأبرزها تلك المشكلة التي حدثت منذ بضعة أيام ، حيث تناثرت شكاوى عن وجود نقص بالأكسجين في مستشفى المدينة العام .. سريعًا تكاتفت الجهود بالاسطوانات ، وخزانات الأكسجين الكبيرة ، حتى تم تأمين حد الكفاية من الأكسجين .. إنهم يذهبون أيضًا لتعقيم وتأمين المناطق الذي يصاب فيها أحدهم ، من منزله إلى الشارع إلى المنطقة …. هؤلاء أصبحوا أكثر من عددهم .. هؤلاء هم أمل المدينة ، وأمثالهم هم أمل البلد في التخلص من هذا الكابوس ، هؤلاء هم شباب مصر العزيز كما قال الخال عبد الرحمن الأبنودي
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال