السر ورا أسامي الملايكة
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
خلال اليومين اللي فاتوا أنتشر على السوشيال ميديا ميمز ساخرة بخصوص أسامي الملايكة في الإسلام، الميمز فيهم سؤالين، وللإجابة عن السؤالين يحتاج الإنسان أن يضرب غُطس في الفِقه الإسلامي وفي تاريخ المنطقة المتنازع على جزء منها النهارده بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والمعروفة تاريخيًا باسم “أرض كنعان“.
رباعي نجوم الملايكة
مافيش عدد محدد للملايكة ومش كلهم ليهم أسامي، فغالبيتهم معروفين بمهماتهم، زي حملة العرش والحفظة والزبانية، وبعضهم ليهم أسامي بس مش كلها أكيدة زي ملك الموت الشهير باسم عزرائيل وخازن الجنة الشهير باسم رضوان.
إنما الأسماء المتفق عليها بين جمهور الفقهاء هي مالك وميكائيل وإسرافيل وجبريل/جبرائيل، ودول مُصنفين قيادات الملايكة ككل.
مجموعة الأسامي المذكورة تخلي السؤالين بتوع الميمز مقبولين، فغالبية الأسامي فعلًا شكلها أصوله عِبرية، والدلالة على ده إن الخلاف حوالين اسم ملك الموت بيقول إن اسم عزرائيل غالبا وارد من الإسرائيليات.
كمان غالبية الأسامي شكلها رجالي، وبعضها شايع فعلًا بين الرجالة، مالك وجبريل وحتى رضوان، المُلفِت أكتر إن عدد من الفتاوى الدينية أجازت تسمية الذكور بأسامي الملايكة
بس تم تحريم الفعل نفسه بشكل قاطع بالنسبة للإناث، مش بس لإن الأسامي أصلا وقعها ذكوري إنما كمان بيتم اعتبار اسم مَلَك مرفوض للإناث ومباح للذكور، كما ورد عند ابن باز، حيث يعتبر تأنيث الملايكة حرام.
بين هيمنة الذكور وعالم اللا-جندر
يتفق غالبية الفقهاء إن الملايكة لا رجالة ولا ستات، وإنهم نوع من الخَلق يُخلق مباشرة ولا يتكاثر جنسيًا، والمؤكد إن في نَهي إلهي عن تأنيثهم، ورد في الآية 19 – الزخرف: (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ)، لكن مافيش نَهي عن التذكير ولا أمر بيه ولا ورد أصلًا.
وده خلى بعض الآراء تشوف إنهم خلق من الذكور فقط، زي أبي مجلز في تفسيره للآية 46 – الأعراف، لكن لو نظرنا للموضوع (كما ورد في الإسلام) بشكل موضوعي شوية هنلاقي إنهم:
- مخلوقات مستقلة غير البشر، بالتالي مش شرط يكون ليهم نفس شروط تواجد وحياة البشر.
- بالضرورة إنهم مش إناث ولا فيهم إناث، حسب الآية 19 من سورة الزخرف.
- وارد يكونوا لاجندريين ووارد يكونوا كلهم ذكور، فلا يوجد نص في الأتنين.
- جندر الملايكة يندرج تحت بند “الغيبيات” وده بند بيضم معظم الأمور فلسفية في الدين، والأصل في الإيمان إنه غيبي مش عقلي، فلو ناوي تؤمن غَمّض وتوكل في هدى الإيمان.
كده نبقى خلصنا من تساؤل “ليه أسامي الملايكة كلها رجالي؟”، وفاضل التساؤل التاني:
ئيل
ما يدخل الدماغ بوصفه “دين” بيحصُل على قدر عالي جدًا من التحصين ضد النقد والتدقيق أو الملاحظة أو حتى مجرد التفكير. زي مثلًا.. إحنا من بداية مشروع الصحوة بنستخدم مصطلح (إن شاء الله)، بس كشفرة صوتية ذات طابع ديني بالتالي كتير مافكروش يفهموا تطلع إيه النغمة الصوتية دي.
عشان كده مع دخولنا عصر السوشيال ميديا واحتياجنا لتحويل صوتياتنا إلى حروف مكتوبة شوفنا مهازل كتابية كلها عبارة عن محاولات فاشلة لتحويل شفراتنا الصوتية إلى حروف، فشل يؤكد إن المستخدم مش بس مايعرفش معنى الكلاشيه المستخدم إنما كمان مايعرفش الكلمات اللي بيكتبها على سبيل الخطأ زي (إنشاء الله).
بالتالي فرغم إن أسماء قادة الملايكة غالبيتها بتنتهي بالمقطع “ئيل” (ميكائيل، جبرائيل/جبريل، إسرافيل)، وأي حد هيقدر بسهولة يلاحظ التشابه مع إسرا”ئيل”، بس فضلنا محتاجين ميم ساخر زي ده عشان ننتبه للتشابه.
كيف بدء الـ إيل
بالبحث عن أقدم ذِكر للمقطع ده (ئيل) ظهر إن الكنعانيين/الفينيقيين، في الشام، وقبل الميلاد بحوالي أربع قرون، عبدوا عدة آلهة وكان كبيرهم اسمه إيل، أعتقد الكنعانيين إنه بدقن كبيرة ومتجوز من إلهة اسمها إيلات وقاعد على عرش عظيم في السما السابعة.
حسب المؤرّخ فراس السوّاح: (الإله إيل كبير الآلهة ورب السماء، يعتلي عرشه في السماء السابعة. وشاعت عبادة هذا الإله لدى جميع الشعوب السورية. فنجده في الحواضر الفينيقية، والآرامية في الألف الثالث قبل الميلاد)، (ومن الآلهة المؤنثة عبد الكنعانيون الأم الكبرى، زوجة إيل، وتُدعى إيلات نسبةً إلى إيل).
إيل في الأديان الإبراهيمية
إيل كمقطع أخير في أسماء شخصيات مقدسة مش حِكر ع الإسلام بس إنما منتشر في غالبة الأديان الإبراهيمية، في المسيحية مثلًا هنلاقي اسماء متداولة زي (صموا-ئيل) أو (رُفا-ئيل). أما اليهودية فمش هنحتاج ندور فاليهود هم بني (إسرا-ئيل)، بكده تنقل إيل بين تَلَت ديانات غير ديانته ولغتين غير لغته (ليهم نفس الجذر) العربي والعبري.
وكل اسم من دول له معنى (بالعبرية غالبا بالآرامية نادرًا) والمعنى ده منسوب للإله إيل، على سبيل المثال:
- – جبرا = رجل، فيبقى جبرائل = رجل إيل.
- – ميكا = إشراقة، فيبقى ميكائيل = إشراقة إيل
- – عزرا = مساعد، فيبقى عزرائيل = مساعد إيل.
- – إيسراف = إرادة ، فيبقى إسرافيل = إرادة إيل.
- ياريت كمان وسط هيصة الأسماء دي كلها ماننساش الاسم العابر للديانات التلاتة (إسماع-إيل).
بكده نكون وصلنا لإجابة التساؤل التاني، وبالنسبة للناس اللي تحب تستذيد تقدر اقرا عنه إيل وباقي الآلهة الكنعانية في مراجع كتير، من أهمها كتاب بنفس الاسم للباحث د. خزعل الماجدي.
الكاتب
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال