وزارة الري في مصر قبل 1000 سنة (1-2) السقا وكواليس صور جوجل النادرة
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
لم تعرف مصر مفهوم وزارة الري بشكلها الحالي إلا في ظل الدولة الحديثة خلال القرن الماضي لكن هذا لا يمنع من وجود نمط إداري يمثل السقا أحد روافده ويشبه الشكل الوزاري المعروف منذ أن تأسست القاهرة.
اقرأ أيضًا
صور: “الحمارة” طائفة مصرية قضى عليها “عفريت” السكة الحديد
تأسيس القاهرة في موقعها الجغرافي بعيدًا عن النيل منعها من التهديد بالحرب البحرية النهرية لكنه أوقعها في مشكلة مائية إذ كانت تحتاج للمياه، فكان السقا هو همزة الوصل بين القاهريين والشرب وصار السقا هو أهم عنصر لتوصيل المياه.
صور جوجل النادرة التي لم تحكي القصة
يزخر موقع جوجل بالصور النادرة لكل من يعمل بمهنة السقا حيث قربته المشهورة ومظهره اللافت، لكن لم يهتم الكثيرون بالمهنة نفسها والكواليس حول الرجل الذي يظهر في الصورة.
كان من يمتهن مهنة السقا يخضع لشروط صارمة، تحت إشراف دقيق، حدده الكاتب جمال الغيطاني في كتابه “قاهريات” حيث ذكر أن الراغب في امتهان مهنة السقا، يتقدم أولاً إلى شيخ الطائفة، وبعدها يتمثل لأختبارات يكون من المفترض عليه إجتيازها للقبول، وهي أن يحمل قربة أو كيس ممتلئ بالرمل لا يقل وزنه عن 67 رطلا، ولم يكن الغريب في كم الوزن، بل في كيفية حمله لكيس لمدة ثلاثة أيام متصلة لا يسمح له بالنوم أو الأستراحة، ثم يتم بعدها التحري عن أخلاقه وسلوكياته.
الاهتمام بأخلاقيات السقا راجل إلى أنه كان يدخل البيوت في غيبة أربابها لتزويدها بالمياه، هذا من ناحية التحمل والأمانة، أما من ناحية الصحة ونظافة المياه، فكان المحتسب يعطي هذه المهمة إهتمامًا خاصًا لمدى تأثيرها على صحة الناس، فكان يملي على السقايين بعض الأمور التى تراعى وتأخذ بعين الاعتبار.
كانت التعليمات الصحية للسقائيين حينما يتوجب عليهم نزول النهر أن يتسموا بالحرص على البعد عن الأماكن الملوثه أوالقريبة من المراحيض أو مساقي الحيوانات، وكان محظورًا عليهم خلط مياه النيل بمياه الآبار، ومن دليل الإحسان في العمل كان شدة حرصهم على أن لا يتغير مذاق المياه في فم الشارب، فكانوا لا يستخدموا القرب الجديدة في نقل المياه لانها تجعل طعمه غير مستساغ، وليس لأجل ذلك فقط بل للحفاظ على عدم لحوق الأذى بالمارة.
واشترط على السقا أن يتم تغطية القِرَب بسعف النخيل حتى لا يتأذى المار بالطين العالق بها، ومن أساليب التفنن في وسائل النقل بصورة حضارية، اذا تم إستخدام الحيوانات في النقل كان يتم تعليق أجراساً صغيرة في رقاب الحيوان لينبه المار بمروره، ولم يغفل المسئوليين في الري عن المظهر الخارجي للسقا لمن طرق استخدام الجماليات في ملابسهم تم اشتراط أن تكون زرقاء قصيرة، لا تخدش الحياء العام.
أنواع السقائيين
كان يتم توزيع السقائيين جغرافيًا على أربعة مناطق أولهم الذين ينقلون المياه عن طريق الدواب “الحمير” ويتمركزون في الناحية الغربية للمدينة حيث باب البحر، وباب الشعرية، وثانيهم طائفة لحي باب اللوق، وثالثهم: في حارة السقايين في عابدين، أما الطائفة الرابعة فتكون لمنطقة قناطر السباع.
من حيث النقل المائي كان هناك طائفة يحملون القرب على ظهور الجمال، وطائفة أخرى يسيرون على أقدامهم وقِرَب المياه على ظهورهم ويقومون بتوزيع المياه على البيوت، وكانت عملية تسجيل المنزل الذي صُب عنده الماء، تكون بتسجيل خطوط على الباب بعدد القرب التى أحضرها، أو أن يستخدم عقودًا من الخرز الأزرق يسحب منها خرزة عن كل قربة يُحضرها.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال