السيدة سكينة (1-2) لماذا سُمِّيت آمنة وما تأثير كربلاء على نفسها ؟
-
نفيسة السنباطي
كاتب نجم جديد
تشرفت مصر المحروسة بوجود عدد كبير من آل بيت رسول الله «صلى الله عليه وسلم» فيها، وبرغم شهرة مقامات محددة تجذب الأنظار والقلوب مثل مقام الإمام الحسين، والسيدة زينب، والسيدة نفيسة، إلا أن هناك الكثير من آل البيت اختاروا أن يحطوا رحالهم فيها؛ فشرفوها ونشروا فيها العلم الشرعي واللدني؛ ومن آل البيت الذين ازدانت بهم مصرنا المحروسة: “سكينة آل البيت” السيدة سكينة رضي الله عنها.
من هي السيدة سكينة
هي السيدة آمنة بنت الإمام الحسين بن على بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعًا، وقد سماها أبوها آمنة تيمناً بجدته أم جده رسول الله – صلى الله عليه وسلم -؛ وأمها هي الرباب بنت امرئ القيس بن عدي بن أوس الكلبي، وهي من أطلقت عليها اسم سكينة لسكون قلوب وأرواح أهلها لها، وسَكينة بفتح السين تطلق على البنت الوديعة الوقورة، وبضمها تعنى الفتاة خفيفة الروح، وبتشديدها تعنى الطمأنينة.
ميلادها ونشأتها
ولدت السيدة سكينة في المدينة المنورة عام 49هـ/ 671م، وقد تربت – رضي الله عنها – في بيت النبوة بين أبيها الصحابي الجليل، التقي، القوي، ريحانة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: الإمام الحسين، وبين عمتها التقية، العارفة، المشيرة: السيدة زينب رضي الله عنها؛ فتشربت العلم بأحكام الشريعة وأنوار الحقيقة. وكانت رضي الله عنها صوامة، قوامة، تقية، نقية، ورعة، بليغة إذا تحدثت، وجليلة مهيبة إذا صمتت.
وكانت – رضي الله عنها – أحب أبناء الإمام الحسين لقلبه، فيروى في الأثر أنه كان ينشد فيها وفي أمها الرباب قائلا:
لعمرك إنني لأحب داراً ** تحل بها سُكينة والرباب
أحبهما وأبذل جلَّ مالي ** وليس للائم عندي عتاب
ولست وإن عتبوا مطيعا ** حياتي أو يغيبني التراب
ويروى في «إسعاف الراغبين» للصبان أن الحسن بن عمها الحسن جاء يطلبها للزواج فقال له الإمام الحسين “أما سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله فلا تصلح لرجل، و اختار له أختها السيدة فاطمة المعروفة في المحروسة باسم السيدة فاطمة النبوية .
أثر موقعة كربلاء في نفسها
كانت لموقعة كربلاء وقعاً أليماً على آل البيت خاصة، وعلى المسلمين عامة، فقد قُتل الإمام الحسين بأبشع صورة عُرفت في الإسلام فلم يراعي أعداء الله ورسوله جناب رسول الله الذي قال فيه: «حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنْ الْأَسْبَاطِ»، فقد قُتل، وقطعت رأسه الشريف، ودهست جسده الخيل. ثم سُلبت عباءته، ونعليه، وعمامة جده المصطفى – صلى الله عليه وسلم -.
اقرأ أيضًا
المشاركون في “معركة كربلاء” جرائمهم و نهايتهم.. رقم 32 يحمل مفارقة غريبة
قتل رجال آل البيت من أبناء الإمام الحسن، وأبناء الإمام الحسين –حتى ابنه عبد الله الرضيع وهو شقيق السيدة سكينة-، كما استشهد رجال بني عقيل وأبناء السيدة زينب، وأيضا أخوة الإمام الحسين لأبيه الإمام على بن ابي طالب. ولم يبقى غير الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين لحمّىٰ ألمّت به فأرقدته في خيمته، وقد أرادوا قتله رغم مرضه فحالت بينهم وبينه السيدة زينب ودافعت عنه بالسيف.
قد تم التمثيل بأجساد الشهداء من الصحابة وآل بيت رسول الله – صلى لله عليه وسلم – الذي أنزل الله فيهم ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ (سورة الأحزاب 33)، ورفعت رؤوسهم على الرماح -وهي سابقة لم تحدث في الإسلام من قبل-، وأُخذت نساء آل البيت سبايا وهم: السيدة زينب، والسيدة رقية، والسيدة أم كلثوم بنات الإمام على بن ابي طالب، و السيدة سكينة، والسيدة فاطمة النبوية، والسيدة رقية بنات الإمام الحسين، وزوجته الرباب، ومعهم الإمام على زين العابدين.
ذاقت السيدة سكينة، ونساء آل البيت أشد العذاب والحسرة وحُملوا سبايا للكوفة، ثم للشام، ثم أُعيدوا للمدينة.
فلقد فقدت الأب، والأخوة، والأعمام، وأبناء الأعمام. ولم يجدوا لهم معينا ولا ظهرا غير الله وجاه رسوله، وسيدة قوية بالله: هي السيدة زينب رضي الله عنها وأرضاها.
الكاتب
-
نفيسة السنباطي
كاتب نجم جديد