السيسي والإخوان .. ما بعد 2013 أسوأ فترات الجماعة مع حكام مصر لهذه الأسباب
-
خالد سعد
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
رسمت فترة ما بعد عام 2013 بين الرئيس عبدالفتاح السيسي والإخوان صفحة جديدة من تاريخ الجماعة وحكام مصر لكنها الأشد سوادًا على كل المنتمين لها.
السيسي والإخوان والحكام .. الفوارق والاختلافات
بات الرئيس السيسي هو أذكى حكام مصر خلال الـ 92 عامًا الماضية في التعامل مع جماعة الإخوان أم حركات الإسلام السياسي والأب الروحي لفشلها، إذ يبلغ عمر الجماعة 92 عامًا شهدت فيهم 89 حكومة و 12 حاكم (ملكان + 6 رؤساء + 4 رؤساء مؤقتين).
اقرأ أيضًا
كيف أجهضت مصر في عهد السيسي “خطة زينب ـ سيد ” بالـ Plan B للكهرباء
كانت الجماعة ورقة تغري كل صاحب سلطة، فالضعيف شعبيًا يستخدمها للتعامل مع القوي شعبيًا، والقوي شعبيًا يخشى من مؤامراتها فيسعى إلى لعبة الموائمات والتوازنات، كان كله بتاع مصالح، غير أن ما بعد 2013 (فترة السيسي) هي أسوأ فترات الإخوان على مدار تاريخها.
اقرأ أيضًا
محمود عزت وشهر أغسطس “رحلة الميلاد والسجن من تنظيم سيد قطب إلى 2020”
كان الحظر والحل والمعتقل والموائمات هم رابوع التعامل مع الجماعة؛ لكن السيسي أزال الموائمات ليلعب على وتر الضرب من داخل الجماعة، ونجح في ذلك باقتدار وحقق ما لم يحققه أحد من قبل، وأعتقد لن يحققه أحد من بعد.
تعقدت حسابات مكاتب تنظيم الإخوان وقياداته الهاربة بالخارج منذ خروج المصريين في 30 يونيو مسقطين مشروعهم المهدد لسلامة كيان الدولة الوطنية وأمنها، ومع نجاح الأجهزة الأمنية في اصطياد عناصر ورؤوس المخطط العبثي الإخواني استمرت حالة التخبط والانهيار ضمن صفوف الجماعة الإرهابية.
نجاح المؤسسات الأمنية المصرية في الإيقاع برأس الأفعى مرشد التنظيم في مصر محمود عزت مثَّل الضربة القاضية التي عصفت بما تبقى من سرديات سعى التنظيم لتوظيفها؛ لإظهار أنه باق ويتنفس، وليستمر في عرض خدماته على العواصم الراعية للارهاب.
الإخوان بعد عام 2013 .. إلى أي حال وصل التنظيم
الحالة الراهنة لتنظيم الإخوان والملامح الرئيسية للتحولات التي طرأت على قواعده وأقطابه بعد 2013 يمكن تلخيصها في 7 أشياء رسخها الصراع المتصاعد بين أجنحة ومستويات الجماعة الإرهابية.
أول الأحوال السيئة تمثلت في صراع مكاتب التنظيم، إذ يعاني تنظيم الإخوان من حالة من الصراع والانهيار الهيكلي، لاسيما مع تصاعد التراشقات والبيانات المؤكدة لوجود مخالفات مالية وانفراد بقرار الجماعة، وهو ما عزز حالة الانقسام بين مكتبي التنظيم في لندن وإسطنبول، والمواجهات الدائرة بين الطرفين عبر منصات التواصل الاجتماعي والقنوات التابعة للتنظيم. وهو ما يمكن الاستدلال عليه من تصريحات مقدمي تلك البرامج التي وصفت تصريحات المرشد الجديد إبراهيم منير بالحمقاء، وتأكيد البعض منهم أن عناصر التنظيم ساروا على نهجه واتبعوه وهو من تخلى عنهم.
أما ثاني الأحوال فيتمثل في وضع القيادات بين الملاحقة والهروب حيث نجحت الأجهزة الأمنية المصرية في اصطياد المرشد السابق محمود عزت، ما قضى على التماسك الهش والرمزية الزائفة التي سعى التنظيم على مداومة تسويقها لأتباعه ومموليه، وأصبحت كافة قيادات الجماعة بين ملاحق بتهم تورط فيها التنظيم، وآخرين هاربين بالخارج فقدوا ثقة من تبقى من إخوان بالخارج، وهو ما أحال مكتب التنظيم الدولي لتبني فقه الضرورة، واختيار إبراهيم منير مرشدًا جديدًا، رغم تعارض هذا الاختيار مع لائحة التنظيم الداخلية التي لا تجيز تولية مرشد للتنظيم خارج القطر المصري، فضلًا عن ضعف هياكل التنظيم وعدم قدرتها على إجراء انتخابات جديدة، ما يعني أن اختيار منير لا يحظى بتوافق يمكنه من ممارسة دور المرشد بالشكل المعتاد.
يأتي انقطاع مصادر التمويل كثالث أحوال الجماعة حيث يواجه الإخوان ظروفًا مالية غاية في التعقيد؛ فمع نجاح الاستراتيجية المصرية لتجفيف وملاحقة عمليات تمويل الأنشطة الإرهابية، سقطت العديد من شبكات إدارة التدفقات المالية لعناصر التنظيم، إلى جانب وضع أموال التنظيم تحت رقابة المؤسسات الرسمية، وعلى رأسها لجنة حصر أموال الإخوان، ما جعل إخوان الداخل يعانون من غياب التمويل الخارجي وأية مصادر اعتادوا على تعويض خسائرهم منها. وبدأ تنظيم الإخوان في استصدار فتاوي تحرم إرسال الزكاة إلى مصر؛ لتوفير تدفقات مالية وتوزيعها على أعضاء الجماعة الهاربين.
أما الشكل الرابع من أحوال الجماعة بعد 2013 فكان الملاحقة الأمنية والقضائية بعد العمليات الإرهابية، فقد حاول التنظيم نفي تورطه في الأنشطة الاجرامية والإرهابية التي ارتكبتها المجموعات النوعية كتنظيمات حسم ولواء الثورة والعقاب الثوري ومن قبلها التنظيم السري المسلح بقيادة القيادي السابق محمد كمال، إلا أن الملاحقات الأمنية والقانونية المصرية والتنسيق مع العديد من العواصم التي يحتمي بها عناصر التنظيم الهاربة نجحت في إثبات ارتكابهم لجرائم إرهاب، وتكلل هذا النجاح بتسليم العديد من تلك العناصر لجهات التحقيق المصرية. وهو نجاح يثير مخاوف الإخوان بالخارج من تسليمهم الى القضاء المصري، وأن ينعكس صراع الأجنحة عليهم وانتهائه برفع الغطاء عنهم، مثلما كشفت تقارير عن تضييق “منير” على شباب الإخوان المعارضين له وتنسيقه مع عدة أجهزة أمنية ببعض الدول لهم لترحيلهم وعدم منحهم تأشيرات إقامة ورفض حصولهم على جنسيتها.
وتمثل الحال الخامس للجماعة في تنافسية الدولة الراعية للهاربين، فبعد أن تمزقت أواصر التنظيم مع تصاعد حدة الخلاف بين الدول الراعية لعناصره وأنشطته بالخارج، فعلى أحد الأطراف تسعى تركيا إلى إحكام قبضتها على تحركات الجماعة، واستهدفت في فترات سابقة أن يتم توجيه التمويل القطري لتخفيف عبء الهاربين إليها من الإخوان، وعلى الجانب الآخر، تعمل قطر على إعادة تنظيم علاقتها بالجماعة، عبر تصعيد قوى مكتب لندن وتعزيز نفوذهم على باقي المستويات التنظيمية، لاسيما مكتب إسطنبول، وهو ما أثار انتقادات باقي عناصر التنظيم بالخارج. ومع احتدام الصراع بين أنقرة والدوحة على الولاية على تنظيم الإخوان، يتوقع أن تستمر موجات الانشقاقات وحالة الانكشاف والتسريبات التي تدلل على مخالفات “منير” ومن معه في جناح لندن، وفي المقابل سيسعى المكتب السابق إلى التضييق على معارضيه عبر أدواته التقليدية كقطع التمويل والتضييق عليهم في الاقامات وغيرها من الإجراءات.
أما الوضع السادس الذي يعتري الجماعة فيتمثل في رفض الشباب لعواجيز التنظيم إذ أدرك أدرك المكون الشبابي داخل أروقة التنظيم أن الحرس القديم قد استخدمهم في الفترات السابقة لتحقيق مصالحه، وأنه تخلى عنهم ولم يبد أي اهتمام بأوضاعهم ومشاكلهم، بل وأصبح يكيل لمن يوجه أية انتقادات لتلك القيادات وهو ما كشفه عناصر التنظيم الذي خرجوا على منصات التواصل الاجتماعي ببيانات تؤكد رفضهم لسياسات عواجيز التنظيم، وأن هؤلاء القيادات هم السبب الرئيسي لانهيار التنظيم. وتمثل اتجاهات المكون الشاب داخل التنظيم خروجًا على ثوابت العمل السري وعضوية الجماعة، وأبرزها مبدأ السمع والطاعة، وبذلك فقد التنظيم خصيصة جوهرية طالما اعتمدها في توظيف عناصره لتحقيق أهدافه وإخضاعهم للمستويات القيادية.
سابع وآخر ما تشهده الجماعة تمثل في انكشاف الفساد المالي بين القيادات حيث أدى صراع الأجنحة بالخارج واستشراء الفساد داخلها إلى تشتت مخصصات تمويل العناصر الهاربة وأنشطة الجماعة بالخارج، وهو ما قاد إلى انتقادات لسياسات وقرارات إبراهيم منير من قبل، ودفع شباب التنظيم بالخارج لإصدار البيان المعنون بـ “هذا ما جناه منير وحسين للكشف عن تورطهم في إهدار التمويل وتدهور أوضاعهم في تركيا، كما تبادلت المنصات الإخوانية، في لندن وإسطنبول الاتهامات وكشفت العديد منها عن نهب مخصصات التمويل لدى قيادات التنظيم، واعترفت أغلب الأبواق والمنابر الاعلامية في خضم تلك الاتهامات المتبادلة بأنها جميعًا تتلقى تمويلات من أنظمة تعادي الدولة المصرية.
الكاتب
-
خالد سعد
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال