همتك نعدل الكفة
196   مشاهدة  

السَّير نحو محمود قرني وعطاياه “راحلة الحُمُول الثِّقال، ومانح الهواء للشَّجرات”

الشاعر محمود قرني
  • - شاعر وكاتب ولغوي - أصدر ثلاثة عشر كتابا إبداعيا - حصد جائزة شعر العامية من اتحاد الكتاب المصريين في ٢٠١٥ - كرمته وزارة الثقافة في مؤتمر أدباء مصر ٢٠١٦ - له أكثر من ٥٠٠ مقالة منشورة بصحف ومواقع معتبرة

    كاتب نجم جديد



لم يكن خبر رحيل الشاعر والمثقف الكبير محمود قرني مفاجئا.. كان صادما بالطبع لكنه متوقع؛ فمحمود يعاني صحيا منذ فترة طويلة، ويقاسي آلاما لا تطاق، وفي الأيام الأخيرة ساءت الأحوال بشكل مضاعف، ودخل العناية المركزة استعدادا لزراعة الكبد المقررة والتي باتت حتمية تماما، لكن قبل الجراحة الدقيقة ناداه الموت فلباه، كما ينادي الناس ويلبونه، ولعله لباه بقصيدة نثرية جديدة، راضية أو عاتبة، شكلتها اللحظات الفاصلة بين الوجود والعدم، وسمعتها الغيوب وحدها، واستوعبتها وحدها، ثم حفظت أسرارها في طيها المجهول!

محمود قرني
محمود قرني

لم يقصر محمود في علاج نفسه، لم يقصر بالمرة، أنفق بقدر ما تطلب الأمر إنفاقا، لكنه أنفق من جيبه الخاص، وهو جيب يشبه جيوب الفقراء في هذا البلد العزيز، والأكيد أنه دبر أموره بشكل يستره، في حين أن الوزارة المعنية وقفت متفرجة، أقصد وزارة الثقافة طبعا، ولم تقدم جهة ثقافية خاصة أية جهود ولا تقدمت بأية قتراحات لحلول، ولم يتدخل رجال الأعمال ولا أثرياء الفن كعادتهم، وأما الوسط الأدبي فكان قصاراه الدعاء، وهو الوسط العاجز عن معاونة أفراده باستمرار، أتحدث عن المعاونة المثمرة لا الكلامية الجوفاء في دواخلها، ومع ذلك لم يعلن محمود نفسه ضحية جهة أو أحد، ومارس الحياة، بشغف، بين متاعبه الرهيبة..

ولد محمود في قرية العدوة بمحافظة الفيوم عام 1961، حصل على درجة الليسانس في القانون من كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1985، ترك بلده وأقام بالعاصمة بداية من عام 1987، ككل الذين يحلمون أحلاما كبيرة ويريدون تحقيقها في نور زاه يليق بعزائمهم، عمل في المحاماة والصحافة المصرية العربية (كمراسل لجريدة عمان العمانية، ومحرر ثقافي بمجلة الثقافة الجديدة وجريدة العربي الناصري المصريتين، ومشرف على القسم الثقافي بجريدة القدس العربي اللندنية من مكتب القاهرة)، وطوال الوقت كان أحد أبرز الداعمين لمشروع القصيدة النثرية، تفرغ لها ومنحها مهجته بلا مقابل، أسس، بصددها، جماعة شعراء غضب، ومجلة مقدمة، وملتقى قصيدة النثر الأول والثاني بالقاهرة 2009 و2010 (باجتماع عربي حاشد)، كما شارك في تأسيس مجلتي الكتابة الأخرى والعصور الجديدة.

الشاعر محمود قرنى
الشاعر محمود قرنى

محمود عضو النقابة العامة لاتحاد الكتاب المصريين، وعضو أتيليه القاهرة للكتاب والفنانين، وكان عضوا بمجلس أمناء مركز أحمد شوقي وبيت الشعر، التابعين للمؤسسة الثقافية الرسمية، لكنه استقال منهما، كاستقالته من عضوية مجلس إدارة كرمة ابن هانئ، وهو مؤسس حركة “أدباء وفنانين من أجل التغيير في عام 2005 .

لمنجزه الشعري تقدير وإجلال في الساحة العالمية برمتها، مغرد فذ تتقرب جماعات من الآخرين إلى الشعر بمحاكاته، قدر ما يتباعد هو عن الأصداء المزعجة للأصوات عموما، وبخاصة المتزاحمة المتعاركة فاقدة الخصوصية والتميز، وقد شارك في عدد من المهرجانات الشعرية خارج الوطن، من ذلك: مهرجان أصوات المتوسط بفرنسا 2002، مهرجان جرش 2004، مهرجان الشعر العربي الثالث بالمغرب 2009، مهرجان وهران لفنون الصورة والفيلم التسجيلي 2012، بجانب عدد من المهرجانات الشعرية في العراق والكويت والإمارات والمغرب والأردن.

للسيد البسيط الراحل كتاباته الوافرة الذائعة، في الدوريات المتخصصة وغيرها، وكلها تشير إلى رجوح فكره الحر، ونفاذ وعيه النادر، ونبوغ تنظيره المحكم، وسلاسة نقده الخبير، وسحرية استنطاقه للصوامت واكتناهه للخوافي بصورة شاملة سرمدية!

الشاعر محمود قرنى
الشاعر محمود قرنى

المنجز الشعري المنشور:

حمامات الإنشاد – الهيئة العامة لقصور الثقافة  1996

خيول علي قطيفة البيت – دار الأحمدي للنشر 1998

هواء لشجرات العام – الهيئة المصرية العامة للكتاب  1998

طرق طيبة للحفاة – الهيئة العامة لقصور الثقافة 2000

الشيطان في حقل التوت – دار ميريت للنشر  2003

أوقات مثالية لمحبة الأعداء – دار ميريت للنشر 2006

قصائد الغرقي – دار التلاقي للنشر 2008

لعنات مشرقية – دار الأدهم للنشر والتوزيع 2012

تفضل.. هنا مبغى الشعراء – دار شرقيات 2015

ترنيمة لأسماء بنت عيسى الدمشقي – دار الأدهم 2019

أبطال الروايات الناقصة – مختارات شعرية – دار الأدهم 2021

مسامرات من الحياة الثانية – دار الأدهم 2023

إقرأ أيضا
كليات القمة

المنجز النثري المنشور:

وجوه في أزمنة الخوف – عن الهويات المجرحة والموت المؤجل – كتاب الهلال 2016

خطاب النخبة وأوهام الدولة الأخلاقية – دار روافد – 2017

لماذا يخذل الشعر محبيه – دار الأدهم – 2021

الوثنية الجديدة وإدارة التوحش – دار الأدهم – 2021

بين فرائض الشعر ونوافل السياسة – دار الأدهم – 2012

أعيد طبع بعض أعماله، وكتب عنه متابعون نبهاء منصفون، وتناول عطاءه الجم بالتحليل معتبرون كثيرون، منهم: رمضان بسطويسي، إبراهيم عبد المجيد، محمد مستجاب، وائل غالي، أمجد ريان، أشرف عطية. إلا أن اللافت هو خلو صفحته من الجوائز العظيمة المستحقة والتكريمات رفيعة الشأن، مع أنه شارك في تحكيم مسابقات محلية وعربية قيمة كمسابقة بلند الحيدري في المغرب على سبيل المثال؛ بما يطرح سؤالين ضروريين في الحقيقة: هل كانت العناية باسمه ظاهرية والحرب ضده دائرة في العمق؟! لماذا دفع وحده ثمنا لقناعات آمن بها غيره مثله؟! وأرى الأفضل عدم التسرع بوضع أجوبة، بل ترك السؤالين يفجران الحكايات الحزينة الملهمة في نفوس القراء والمهتمين..

بقي أنه واحد من شرفاء عالم الكتابة الفنية وأنقيائه بحق، وقد كان هو والكبرياء سواء، وكان مكافحا فريد القوة والصبر، ومحبوه كانوا أكثر من أعدائه، على الرغم من كثرة العداوات والتراشقات بالأحبار وغيرها في المجال المتأزم الضاج بالتنافس المعقد والفتن، هكذا ظلت سيرته في الحياة طيبة عطرة حتى لقاء ربه، وبدا البكاء عليه، يوم مضيه، غزيرا وصادقا وحارا؛ كأن الخلق كانوا يودعون زمنا حميما بأملاك من لبثوا فيه، لا رجلا واحدا قريبا منهم ملك قلما لوذعيا وضميرا يقظا وحسب!

الكاتب

  • محمود قرني عبد الرحيم طايع

    - شاعر وكاتب ولغوي - أصدر ثلاثة عشر كتابا إبداعيا - حصد جائزة شعر العامية من اتحاد الكتاب المصريين في ٢٠١٥ - كرمته وزارة الثقافة في مؤتمر أدباء مصر ٢٠١٦ - له أكثر من ٥٠٠ مقالة منشورة بصحف ومواقع معتبرة

    كاتب نجم جديد






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان