همتك نعدل الكفة
491   مشاهدة  

كيف تحدى شاب طموح المحليات وانتصر بالحق والمؤسسات والواسطة؟!

الشاب
  • إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة



كان الشاب الذي يجتهد في أكثر من عمل طموحًا ومثابرًا، يؤمن أن عشريناته لا يجب أن تمر دون أن يدخر ثمن مقدم الشقة والأقساط المطلوبة غير متطلبات الحياة الأساسية من مأكل ومشرب وعلاج، كان يفكر فيما بعد زواجه وكيف له أن يتدبر مصروفات الأبناء حتى يكفل لهم حياة لائقة وكريمة دون أن يمضي عمره يلهث وراء سداد أبسط الالتزامات، ولم يكن يترك فرصة سانحة دون استثمارها بالحد الأقصى، وفي يوم من الأيام بينما يسير بسيارته القديمة في شوارع الحي الراقي القديم يلفت انتباهه منعطف بمنطقة مهجورة تراكمت بها القمامة فرأى أن يطلب من المحافظة استثمارها لكن الأخيرة حددت له موقعًا آخر بمنطقة نائية تبعد عن أي حركة مرورية كما أنها تستخدم كمكان لتجمع النفايات ولا يوجد بها أي خدمات على الإطلاق.

لم يتذمر الشاب ووافق على أن يعيد إحياء المنطقة النائية التي أوصت له بها المحافظة بما تضمه من وحدتي مباني صغيرتين نظير أن يستغلهما في تأسيس مقهى يقدم المأكولات البسيطة مع بعض المشروبات مقابل ٤٠٠٠ جنيه لكل وحدة أي ٨٠٠٠ شهريًا لمدة ثلاث سنوات بزيادة ١٠٪ كل سنة، وهي القيمة الأعلى سعرا للمتر في الحي الذي تتبعه المنطقة المعنية، حتى أنها أكثر من ضعف القيمة التي تؤجر بها وزارة الري من الحي نفسه علي سبيل المثال.

اشترطت المحافظة على الشاب أن ينشأ ثلاث دورات مياه عامة على نفقته وأن تكون صيانتها الدورية من ضمن مسئولياته وأن يتحمل نفقات ادخال الخدمات للمنطقة المهجورة من مياه وكهرباء وغيرها.

 

وعلى ذلك وضع الشاب نحو نصف مليون جنيه اقترض معظمها من أصدقاءه في تطوير الخرابة وتنفيذ شروط المحافظة، وعمل باجتهاد حتى تبدل المكان تمامًا وقبل أن تبدأ العجلة في الدوران ادعى أحد المواطنين أنه يملك الوحدتين والأرض من حوله، وعلى ما يبدو كان الادعاء عملا بالمقولة (المكان حلي في عينه) ليدخل الشاب في قلق سرعان ما تخلص منه بعد فشل المدعي في إثبات ملكيته، وتابع الشاب عمله منتظرًا دون تعجل أن يحقق المقهى أرباحًا (ويربي زبون) ليبدأ في سداد ديونه خاصة أنه وظف معه ثلاثة أفراد للمساعدة، لكن ما حدث بعد ذلك لم يكن في الحسبان.

في صباح أحد الأيام أرسل مسئول بالإدارة المركزية بالمحافظة في طلب الشاب الطموح وخاطبه نصًا: خلاصة الكلام عشان ننجز ومش فاضي لك الإيجار أصبح ٣٠ ألف جنيه شهريا، عاجبك تدفع ادفع، مش عاجبك آخرك يوم الخميس وحعملك إزالة!

 

فما كان من الشاب غير أن استدار مغادرًا دون أن ينطق بحرف واحد، ما أزعج المسئول الذي علا صوته قائلًا: خد تعالى هنا أقف مش بكلمك!

توقف الشاب مواجهًا المسئول وتحداه قائلا: بيني وبين المحافظة عقد يجار محدد المدة والقيمة ولن أدفع جنيها زيادة ولو أردت إزالة المقهى لك ذلك لكنني سأخرج من مكتبك إلى الرقابة وسأشتكيك.

بهت المسئول وأطرق برأسه.

التقدير خسرنا كتير!

كان الشاب يتوقع دعمًا مقابل تكفله بنظافة وإنارة المكان وزراعته وإدخال لخدمات غير إنشاد دورات المياه العمومية، لكن ما لاقاه عكس ذلك فسرعان ما تحولت الخرابة لمكان مربح أرسلت إليه المحافظة وتحديدًا إدارة الحي، تخبره بما استجد حيث رأت أن الإيجار الذي تم التعاقد عليه لم يعد مناسبا وأنها قد شكلت لجنة من المختصين لإعادة النظر، وكأن اللجنة اعتمدت على مجهود الشاب بإدخاله الخدمات علي نفقته وتنظيفه حرم الطريق وزراعته الساحة الفضاء التي كانت مجمعًا للنفايات وتشييد الحمامات العمومية واعتبرت أن كل ما استجد على المنطقة هو إنجاز المحافظة نفسها وبمال الدولة وعليها إعادة تأجير المكان باعتبارات جديدة، لذا شكلت المحافظة لجنة وقررت زيادة الإيجار بمعدل فاق ثلاثة أضعاف العقد المبرم، الذي كان موقعًا بخصوص خرابة أما وقد تبدل الحال فلم يعد مناسبًا!.

اللي له ضهر ما ينضربش على بطنه، وصاحب الحق عينه قوية!

اقرأ أيضا

زيادة المساحة الفارغة في الايفون دون الحاجة لحذف التطبيقات أو الملفات الهامة

فور خروج الشاب من مكتب المسئول قدم تظلم حرره بنفسه من أربع صفحات وأرسله إلى المحافظ، مجلس الوزراء ووزير التنمية المحلية، وحرر شكوى أخرى قدمها إلى هيئة الرقابة الإدارية يشرح خلالها بالتفاصيل بعض المخالفات والتعاقدات مع الغير والتي تشوبها النزاهة المطلوبة والتي استطاع رصدها من خلال متابعته للمجريات في نطاق عمل الحي.

إقرأ أيضا
حالة خاصة

 

استطاع الشاب الطموح أن يدعم شكواه المرسلة للجهات المعنية بحيث أصبح لديه شخص في كل جهة يتابع شكوته بنفسه حتى لا تلقى في سلال المهملات وعلى هذا الجهد الإيجابي من جانب الشاب الذي دعمه بالمعارف تمت إقالة رئيس الحي ومدير الإشغالات إلي جانب إقالة موظفين أيضًا بالحي، فيما تمت إحالة موظف بالمحافظة إلي التحقيق، وكأن شكوى الشاب لفتت الانتباه لوابل من الفساد تم تصويبه ومعاقبة المتجاوزين.

وبهذه المعركة استطاع الشاب أن يبقي على قيمة عقده مع المحافظة دون جنيه زيادة، ويعتقد الشابة أن خطابيه إلى الرقابة والتنمية المحلية كان لهما الأثر الكبير في كشف الفساد الذي كان يمارس سطوته على المواطنين بتأكيد قاطع أنه يمثل الحكومة وهي دي الأوامر، ويعرف أيضًا أن نهاية فصل من المسرحية لا يعني اسدال الستار والالتفات إلى مشروعه الذي عليه أن يجعله ناجحًا بأسرع وقت ممكن، حيث يحاول موظفي الحي في معرفة المكاتب المحددة الهيئات التي أرسل إليها الشاكي خطاباته ربما ليعيد بعضهم ترتيب أوراقه من جديد.

على ما يبدو أن الحق حتى لا يضيع يجب أن يكون وراءه مطالب دؤوب وواسطة!

 

الكاتب

  • الشاب رشا الشامي

    إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
1
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
2


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان