همتك نعدل الكفة
1٬075   مشاهدة  

الشيخ سيد درويش مسيرة قصيرة وأعمال خالدة (2) قصة الحفل الأول لفنان الشعب

الشيخ سيد درويش


انتهينا في اللقاء الأول حيث بدأ الشيخ سيد درويش في التعبير عن ذاته وعن شخصيته الفنية بالغناء في حي كوم الدكة لأصدقائه ولقاطني الحي الذين أعجبوا بفنه وموهبته.

التعليم الديني في مسيرة الشيخ سيد درويش وفخ التشابه

سيد درويـش
سيد درويـش

تشابهت مسيرة الشيخ سيد درويش مع مسيرة الكثير من مطربي عصره وعصر من سبقوه في كونهم قد خرجوا جميعا من عباءة المشيخة ورحم دولة التلاوة، كالشيخ سلامة حجازي والشيخ يوسف المنيلاوي والشيخ زكريا أحمد وغيرهم، ولعل السر في إبداع هؤلاء الكبار يكمن داخل تلك المسألة، فقد تربوا جميعا في ظلال المشايخ وبين حوائط الكتاتيب والمعاهد الدينية فتحسنت لغتهم ومخارجهم، وصاروا من اللباقة والفصاحة بمكان قبل أن يسلكوا مسيرة الفن الدنيوي بشكل رسمي.

اقرأ أيضًا 
سيد درويش مسيرة قصيرة وأعمال خالدة (1) أجواء اكتشاف الموهبة

وها هو الشيخ سيد درويش، يسير في ذات الطريق الذي سبقه إليه غيره، فيقال أن والده كان يحلم بأن يراه شيخا معمما محفظا للقرآن، وهو ما دفعه لإلحاقه بكتاب الشيخ حسن حلاوة كما ذكرنا في الحلقة الأولى، وترتسم معالم هذا الطريق في التحاقه بالمعاهد الدينية والمساجد الكائنة بالإسكندرية.

في عام 1905م، كان سيد درويش بلغ الثالثة عشر، فالتحق بالمعهد الديني بمسجد المرسي أبو العباس بمدينة الإسكندرية، ومن بعده انتقل إلى مسجد الشوربجي “أحد أقدم المساجد بمدينة الإسكندرية وبالتحديد في منطقة المنشية”، لكي يكمل دراسته في السنة الثانية، حيث أتم حفظ القرآن الكريم وجوده، وكما تفوق على أقرانه التلاميذ من قبل في تعلم وحفظ المقطوعات الموسيقية، فقد تفوق أيضا على أقرانه في هذه الناحية، فقد ميزه أسلوبه في تلاوة القرآن الكريم وحسن نغمه عن بقية زملائه.

ظل الشيخ سيد محافظا على الأذان في مسجد الشوربجي طوال العام الدراسي الذي أقام فيه بالمسجد، ولعظم موهبته وكونها ملفتة للنظر، كثيرا ما كان يستدعيه مشايخ المعهد كي يقرأ لهم آيات من القرآن الكريم قبل الدرس الشرعي في غير حصص التجويد.

الشيخ أحمد ندا
الشيخ أحمد ندا

عرف عن الشيخ سيد أنه كان شغوفا بالتعلم والاستماع إلى المشايخ والمطربين فقد كان يهرب من والدته ليلاً، متوجها إلى السهرات والليالي التي كان ينشد فيها كبار المطربين آنذاك كالشيخ أحمد ندا والشيخ حسن الأزهري، ليعود إلى المنزل قبل أذان الفجر بقليل، فتقابله أمه بالتوبيخ واللوم لتأخره في تلك السهرات وهو لم يكن قد أتم الخامسة عشر من العمر حتى، وهو وقت متأخر جدا في السهر لمن هم في سنه.

الشيخ سيد درويش يفحم مطربا كبيرا ويعود لبيته شيخاً معمما للمرة الأولى

الشيخ سيد درويش
الشيخ سيد درويش

مع مواظبة سيد على الأذان والتلاوة في المعهد، ذاعت شهرته بين مشايخ المعهد واكتسب حب الجميع واحترامهم بل وصداقتهم، حتى أن عميد المعهد الديني (الشيخ أحمد الشباسي) قد دعاه ذات يوم لإحياء حفل في منزله بمناسبة مولوده الجديد، وكان من ضمن الحضور المطرب الشيخ حسن غميض الذي وكل إليه أيضا إحياء الحفل، بدأت السهرة فجلس الشيخ حسن غميض أمام المدعوين متكبرا متعاليا وبدأ في غنائه، إلا أن سيد درويش أحس بغرور الشيخ وتعاليه فلم يعجبه ذلك، وقرر أن يضع حدا لما رآه خصوصا بعد سماعه للمجاملات المزيفة والتطييب المبالغ فيه بلا مبرر، فاندفع واقفا وأخذ يغني بين المدعوين بصوت مرتفع فالتفت الجميع إليه وأعجبوا به، حتى أسكت الشيخ حسن غميض، وكان سيد درويش بالفعل قد استولى على قلوب الحضور، حتى قام مستمع تركي من المدعوين وكان يعمل قبطانا على إحدى البواخر، وأخذ يحث الناس على التبرع لهذا المطرب الصغير الذي بدأت عليه علامات الفقر، فجمع له من المال الكثير بما يكفي لشراء عمامة وقفطان وجبة وعصا، ليعود الشيخ سيد إلى أمه في صباح اليوم التالي شيخاً معمما للمرة الاولى.

وفاة الحاج درويش البحر ومسئولية كبيرة على عاتق سيد

سيد درويـش
سيد درويـش

في عام 1906م، لقى الحاج درويش البحر وجه ربه تاركا ورائه أسره فقيرة ليس لها أي مورد مالي تعيش منه، بل وليس لها عائل يعولها سوى ذلك الإبن الوحيد سيد الذي لم يكن قد بلغ من العمر إلا أربعة عشرعاما فقط، فبات سيد مسئولا عن إعالة هذه الأسرة الفقيرة المكونة من أمه وشقيقاته.

إقرأ أيضا
روبي

لم يكن الشيخ سيد (في ذلك الوقت) قد تمكن من صنع إسما له أو شهرة كافية في مجال التلاوة والإنشاد بما يسمح له بالاعتماد بشكل كلي على دخل السهرات والليالي التي يقرأ وينشد فيها، فأشار البعض على والدته بأن يفتح سيد محلا صغيرا للعطارة يتكسب منه لينفق على أسرته، وبالفعل فتح سيد محلا للعطارة إلا أن مكسبه كان قليلا، وفي إحدى الجُمع، ذهب الشيخ سيد درويش ليصلي الجمعة في مسجد المرسي أبو العباس، ومن حسن حظ سيد، كان مقريء السورة بالمسجد متغيبا، وهنا جاء دور الشيخ سيد درويش، فقد طلب منه إمام المسجد أن يقرأ هو سورة الكهف، فاعتلى سيد دكة التلاوة وبدأ يتلو ما تيسر له من سورة الكهف، فأحسن وأجاد وانتبه إليه الجميع، حتى تسائل الناس عنه، ومنذ ذلك اليوم بدأت الخطوات الأولى لشهرة الشيخ سيد درويش كمقريء للقرآن الكريم.

الحفل الأول لسيد درويش

سـيـد درويـش
سـيـد درويـش

يحكي أحد أصدقاء الشيخ سيد ومحبيه عن قصة الحفل الأول في حياته فيقول:
كان أول حفل يحييه الشيخ سيد بمنزل أحد تجار الأحذية وكان يدعى (الحاج علي حسن شحاتة) وقد تقاضى عنه مبلغ 60 قرشا، في احتفال هذا التاجر بختان أولاده، ولم يظفر سيد درويش بهذا الحفل إلا بعد عناء شديد.
يقول الحاكي: كانت العادة أن يلبس المنشدون والمغنون الذين يقرأون القرآن الكريم وينشدون المدائح النبوية خاتما من الماس يلوحون به للمستمعين ويخايلون به الناس، ولكن من أين لهذا لشاب الفقير بخاتم من الماس؟
ويكمل: أن سيد كان قد اشترى خاتما من الماس الصناعي بمبلغ خمسة وعشرين قرشا، فبدا بمظهره وكأنه شيخا كبيرا مشهورا من الذين ضحكت لهم الدنيا فنعموا بالثراء، وإن كان بسنه صغيرا يافعا لا يعرفه من الناس سوى جماعة من الأصدقاء والأقران، وكان هذا الحفل بمثابة الخطوة الاولى لسيد على درج الشهرة.

وإلى هنا نصل الى نهاية الحلقة الثانية على أن نكمل في اللقاء المقبل ..
دمتم في سعادة وسرور.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
4
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان