الصرخة…هكذا عبر ادوارد منش عن مشاعر قاسية مكبوتة

ربما منح الله الإنسان الموهبة كي يخفف بها آلامه وآلام الأخريين، فيقف الإنسان مندهشا أمام كلمات كاتب ما عبرت عما بداخله، أو لوحة رسمها فنان عبر بالألوان عما يدور في خلده.

لذلك نشأت المدرسة التعبيرية عام 1900 تقريبا وظهرت بوادر لها قبلها ببعض سنوات، فقد رأى الكتاب والفنانين التشكيلين بعد نظريات فرويد عن العقل الباطن والتداعي الحر للمعاني وعن  معانِ ظهرت جديد مثل الكبت وااللا وعي، رأوا أن الفن يجب أن يتجبه للتعبير عن الذات الداخلية.

ومن أوائل الفنانين التشكيلين الذين اتخذوا المدرسة التعبيرية طريقا لهم في الرسم هو الفنان فانج جوخ  ولحقه في هذا الأمر الفنان النرويجي إدوارد مانش.

رسم الفنان النرويجي إدوارد مانش لوحة الصرخة عام ١٨٩٣ وهي من أوائل اللوحات التي عبرت عن المدرسة التعبيرية. وكان يميل إدوار مانش للتعبير  عن أي شيء يراه  جميلا أو قبيحا من وجهة نظر البعض.

حيث اعترض على هذه اللوحة بعض الفنانين التشكيلين ورأوا فيها قبحا عكس المتعارف عليه عن الفن التشكيلي والرسومات المستوحاة من الطبيعة أو تثير السرور والبهجة.

ورد عليهم الفنان إدوار مانش قائلا:

“إن صرخة الرعب لا يمكن أن تكون جميلة، ولو وجدتموها جميلة في لوحة لي أكون قد كذبت وزيفت جوهر الآلم

وقد عبر ادفار مانش عن حالة الذعر وهي حالة أشد من الخوف والقلق، فاختار خطوطا مائلة  تعبر عن عدم الاستقرار الذي نشعر به أثناء الذعر.

واختار ألوانه رمادية تثير الكآبة، فمشاعر الذعر لا يأتي معها أبدا سعادة ، فاختار اللون الرمادي والأسود ليسيطر على اللوحة ويوحي بحالة من الحزن.

فالأسود يرتديه الشخص المذعور والذي وضعه مونش في مركز اللوحة حيث تدور فكرتها حوله، وجعل شكله أقرب للأشكال الكراكاتيرية كي يصور منظوره الشخصي خلف الفكرة.

ونلاحظ أن اللوحة جعلت الشخص الذي يشعر بالذعر وكأنه ميت، فوجهه وجه ميت لا حياة فيه ونحيف للغاية ليعبر منش عن انعدام الحياة والحيوية.

فيما رسم منش شخصان خلف الشخصية الرئيسية يسيران على الكوبري، وكأن خلفه حياة كاملة هو لا يشعر به، وقد  جعله كمن علق في شعوره بالذعر الشديد ، وصور هذه اللحظة وكأنها لحظة رئيسية في حياة هذا الشخص فيما كل المشاعر الأخرى والحياة برمتها بمعانيها الجميلة على الهامش.

وقد جعل منش في لوحته كل الخطوط المستحدمة مائلة عدا الخطوط الأفقية في الكوبري، والذي يستقر عليه الناس بكافة أشكالهم، فحتى جسد الشخصية الرئيسة صوره مائل كخطوط اللوحة، ليؤكد على شعوره بالفزع والضياع وعدم الاستقرار.

إقرأ أيضا

أسامة الشاذلي…الرجل الذي علمني أن أكون نفسي

فيما منح اللون البرتقالي بتصدره اللوحة من أعلى شعورا للمتلقي بالغضب عكس ما يوحي به البرتقالي بالحيوية والنشاط في أغلب الأحوال، فعمل بهذه المساحة الكبيرة التي فردت له عمل اللون الأحمر.

الصرخة تعبر دائما عن مشاعر مكبوتة من آلم وحزن وذعر وقلق ، وقد عبرت هذه اللوحة عن جميع هذه المشاعر وكأي عمل جريء يخرج للنور في عصره يتعجب الناس ويعترض عليه البعض، وهذه النوعية من الأعمال هي ما تبقى للفنانين والنقاد يتأملونها ليخرجوا منها بكل جديد ولو بعد حين.

المصدر

مقولة الفنان مصدرها كتاب قصة الفن ل. ه جومبريتش

بعض المعلومات من كتاب دكتورة نهاد صليحة “التيارات المسرحية المعاصرة