العالم الكامل وراء النقاب والمنتقبات
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
قضية النقاب بالنسبة لي من القضايا التي لم أعرف كيف أتبنى فيها رأيًا حقيقيًا إلى الآن. فمن يتكلمون عن أنه ربما يهدد الأمن أجد كلامهم سليمًا، خاصة في هذه السنوات التي أصبح فيها الإرهاب يهدد أماننا جميعًا ويُستغل النقاب من أجل تحقيق الجرائم أحيانًا.
وأجد نفسي حائرة أيضًا أمام هؤلاء من تتمسكن به وهن على قناعة تامة بأن ثوابه عظيم ومن واجب من يدافع عن الحريات أن يدافع عن حقهن في ارتداء ما يردن، مرردات بأن الأمن كفيل بالكشف عن هوية من ترتديه وبالأماكن التي يوجد بها تفتيش تكشف المنتقبة وجهها إذا لزم الأمر.
ولي حكايات مع المنتقبات وتجارب ظلت سيئة لسنوات ابتدائًا من رصدي بأن منهن من تستخدمه للتبجح على خلق الله. فلن أنسى طالبة كانت معي بالمدرسة الثانوية حكت أن صديقة لها ترتدي النقاب تطاولت على مديرتها بالمدرسة عندما نهرتها لتأخرها عن موعد الحصة بعد انتهاء الفسحة وكانت الفتاة قد اعتادت أن تأخذ راحتها وتطيل في أداء فريضة الظهر بلا مراعاة أن هناك موعد لبداية الحصة.
فيما اعتادت المديرة أن ترتدي أطقم ملابس رسمية أنيقة وتنورات قصيرة مع جوارب طويلة تحتها كي تغطي رجلها، فما كان من الفتاة سوى أن علقت على التنورة القصيرة التي كانت ترتديها بمنتهى التبجح والجرأة قائلة:
كنت بصلي..وبعدين دي جيبة تلبسها مديرة مدرسة بنات المفروض إنها قدوة!
حكت صديقتها المنتقبة المؤيدة لها في التصرف والتي كانت تدعونا جميعًا لارتداء النقاب وانهت القصة قائلة:
ما هي بتتكلم براحتها بقى من ورا النقاب مش هاممها حاجة!
لسنوات طويلة قابلت عددًا لا بأس به من المنتقبات المتكبرات اللاتي ينظرن للمحجبات بأنهن أقل درجة في الثواب أو متبرجات لأن الحجاب الذي فرضه الله هو النقاب وتأخذ كل فتاة سيئة على كل رجل يرى وجهها، فيما ينظرن لغير المحجبة بالفاسقة! وتعرضت لمضايقات من بعضهن فقط لكوني محجبة!
ولكني أؤمن أن التعميم بالسوء على فئة بعينها دائمًا ظالم وقابلت بالفعل من المنتقبات من لا تملك أفكارًا تعصبية ضد المحجبات أو غير المحجبات أو المسيحيات.
بل أنني تفاجئت بالمنتقبة التي تتقن أكثر من لغة، والمنتقبة التي تبدع في فن التصوير، والتي تبدع في الرسم، والمنتقبة التي صادقت جارة مسيحية وتتعامل معها بكل حب صادق على غير المتعصبات التي رأيتهن بحياتي.
بل وتقابلت مع المنتقبات الاتي تعرضن لمواقف عنصرية سيئة وتعليقات ساخرة مؤذية والحكم عليهن من البعض وتصنيفهن بالسلفيات أو الإخوانيات وهن أبعد ما يكونوا عن هذه التصنفيات.
بالنهاية قد اكتشفت أن عالم المنتقبات كأي عالم به السىء ما يدعو للحنق وبه الجيد ما يدعو للابتسامة، وبه الكثير من المفاجأت كهؤلاء اللاتي يتبعن خطى الفن!.. ولعلنا نستطيع يومًا ما تقبل من نختلف مع أفكارهم دون الحكم عليهم.
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال