العيب الوحيد في الحجاب هو وجود عبدالله رشدي
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
باتت نغمة الحجاب هي أكثر النغمات المقززة والمُسْتَهْلَكة في خطاب عبدالله رشدي والذي وصل إلى مرحلة الضحالة حرفيًا، والغريب أن ألاضيشه على نفس الوتيرة من الضحالة.
أنا من المعتقدين بأن الحجاب فرض، وقناعتي تلك تخصني، لا أجبر عليها غيري ولا أتناقش فيها، لسبب بسيط وهو أن المسألة الآن لا تدور حول حكم الحجاب، وإنما المسألة أن عيب الحجاب هو عبدالله رشدي.
مراحل تجديد الخطاب التحجيبي
الرسم البياني في شكل الخطاب الديني حول الحجاب يمر بـ 3 مراحل تاريخية، الأولى مرحلة الرصيف والثانية مرحلة القنوات والثالثة مرحلة عبدالله رشدي.
جاءت مرحلة الرصيف مع سبعينيات القرن الماضي وظلت حتى مطلع القرن الـ 21 وكانت تلك المرحلة هي الأكثر زخمًا والأطول مدةً حيث الكتب والكتيبات حول الحجاب وفرضيته، وإلى جانبها شرائط الكاسيت بنوعيها الخطب الوعظية لـ محمد حسان ومحمد حسين يعقوب والأناشيد مثل نشيد صوني جمالك في علاك.
دخلنا في المرحلة الثانية مع معرفة التلفزيون الأرضي بالسموات المفتوحة عبر الفضائيات وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر تغير الوضع، فقد صار في الغرب سُبَّة ورمزًا للإرهاب لدرجة أن هناك جرائم تم ارتكابها في حق مسلمات لكونهن محجاب مثل مروة الشربيني، وقوبل هذا التطرف بتطرف إذ اعتبر الدعاة أن سبب البلاء هو سفور النساء.
انتهت المرحلة الثانية سنة 2013 ودخلنا في مخاض عسر بين تطرف علماني دعى صراحةً إلى مليونية لخلع الحجاب وقوبلت بآراء دينية حول تأكيد فرضه وظل التلاسن بين الفصيلين مستمرًا وأسفر أخيرًا عن تصدر عبدالله رشدي ليكون هو صاحب المرحلة الثالثة.
الضحالة الرشدية في التحويرة التحجيبية
أفهم أن يقوم شخص ما باستدعاء آيات قرآنية وأحاديث نبوية يستخدمها كدليل لإنكار فرض الحجاب ويقوم رجل دين بالرد عليه، يعني نقاش فكري ديني.
لكن مالا أفهمه هو الخلط الأرعن والضحل الذي يقوم به عبدالله رشدي طيلة الأسابيع القليلة الماضية وإقحامه في أشياء ليس لها صلة بالموضوع.
مثلاً في 7 أغسطس 2021 كتب عبدالله رشدي «أثبتت البطلات المصرياتُ في الأولمبياد أنَّ الحجاب لن يقف حائط صدٍّ في وجه التفوق، وأن الخلاعةَ ليست سبباً لاكتساب النجاح، على مُرَوِّجي الخلاعةِ أن يدركوا أنَّ المغالطاتِ الزائفةَ التي صنعوا أوثانَها أمسِ باتت تتهاوى حجارتُها اليوم أمام تيار الوعي الدينيِّ الذي صار متغلغلاً في المجتمع بكل طبقاته».
وهذا المنشور غير مفهوم، ففي الأصل المسابقات الرياضية ليس دليلاً على ما يزعمه عبدالله رشدي فضلاً عن أن المسابقات الرياضية ليس لها صلة بالخلاعة فهي ترشح الفائز فيها إلى بطولة فيلم من إنتاج موقع موقع بورن هوب.
وهنا نطرح سؤال :
– ماذا لو إذا كانت هناك فائزة في رياضة السباحة .. هل فوزها سيكون دليلاً على أن الحجاب عائق في الانتصار ؟.
الغريب أن بعضًا من جمهور عبدالله رشدي سأله عن الحضن بين اللاعبة الفائزة ومدربها وأنه رمزًا للخلاعة، فرد ساخرًا بإجابة فيها مكايدة سوشيال ميدياوية وليست إجابة شرعية.
منشور آخر في 18 أغسطس يتناول حالة الطالبة فاطمة محمد عبداللطيف الأولى على الجمهورية علمي علوم وقال «الحجاب لم يمنعها من التفوق كما يدعي البعض أن الحجاب قهر ورجعية».
وهذا المنشور فيه كمية لا متناهية من الضحالة، لسببين
أولهما أن هناك متفوقات مثل فاطمة وغير محجبات، فكيف نجحن وهن غير محجبات ؟.
وثانيهما أن الحجاب ليس سببًا في النجاح ولا الرسوب وإلا لقابلنا نفس الضحالة بقولنا أن نور قاتلة نجلاء لم يمنعها حجابها ولا أزهريتها من إزهاق روح صديقتها.
نأتي لشق التبرير حيث الأصوات التي تقول أنه قهر ورجعية.
لمناقشة من يقول أنه رمز للقهر والرجعية ينبغي أولاً أن نحدد من القائل، فإن كانت هناك فتيات تتبنى أيدولوجية تقول أن الحجاب رمز للقهر والرجعية فينبغي أن يكون نقاشهن مبني على رد علمي منطقي، إذ أن غالبية من يذكر أنه رمز قهر ورجعية لهن تجارب أسرية قاتمة أثرت نفسيًا عليهن، بالتالي لابد من احتواء ثم نقاش؛ أما إن من يتبنى وجهة النظر تلك من المفكرين ذو إثارة الجدل فينبغي أن يكون نقاشهم مبني على وجهة نظر وليس بوست كيدي لا صلة له بالدعوة أصلاً.
لماذا عيب الحجاب الوحيد هو عبدالله رشدي
العيب الأبرز في تناول عبدالله رشدي للحجاب أن الحجاب بات هو العامل المساهم في اختزال قضايا المرأة المسلمة المصرية، وكأن قضيتها الآن وبعد حين هي الحجاب.
رغم أن عبدالله رشدي الحاضر دائمًا في كل ترندات الفيس بوك لم يكتب منشورًا واحدًا ضد غلاة المتحرشين باستثناء فقط (التحرش جريمة والتائب من الذنب كمن لا ذنب له).
ولم يتكلم عبدالله رشدي أيضًا ولن يتكلم عن رانيا رشوان فتاة الفيوم التي خلعت حجابها فاعتدى عليها أهل قريتها، ولن يتناول الحكم الشرعي فيما فعلوه.
هناك مشكلات أخرى عويصة تمس المرأة المسلمة في مصر غير الحجاب، فالحجاب وحكمه قُتِل بحثًا وطرحًا وبَيْضًا.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال