الفتوات .. من حماية الأحياء الشعبية للتحالف مع الاحتلال
-
أحمد فكري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
كان لكل حي في القاهرة فتوة، فهناك فتوة للجمالية، وفتوة للناصرية وفتوة لبولاق.اما في الإسكندرية كان يسمون الفتوة “أبو أحمد” أو “أبو الأحمدات” ولعل هذه التسمية ترجع الى ان هؤلاء الفتوات كانوا حكومة داخل الحكومة.
لا يُقام فرح أو يُنصب مهرجان أو تمشي زفة عروس أو موكب مطاهر إلا بعد إستئذان فتوة الحي، ولابد أن كون هو مقدم هذه المناسبات، وإلا طارت فوق رؤس المعازيم الكراسي، وانقلب الدكك رأسًا على عقب، وتحول الحفل إلى معركة عنيفة ووقعت الضحايا وسال الدم من الرؤوس.
وفي المهمات الخطيرة والأمور التي تمس مصالح الشعب، كان طبيعًا أن يتصدر الفتوات للدفاع عن هذه المصالح ليبرروا زعامتهم وسطوتهم بين الناس على الأقل.
يرى الجبرتي أنه في آخر عهد المماليك كثر فرض الضرائب و”الفردة” (الأتاوات) على الشعب، وكان عمال الوالي يخرجون كل يوم لجباية فردة جديدة حتى ضاق الناس بذلك وهجروا دورهم وأعمالهم.
وفي يوم خرج عمال “البرديسي” لجباية أتاوة جديدة فلما انتهوا إلى “درب مصطفى” بالقرب من باب الشعرية، خرج نساء الحي وانهلن على عمال “البرديسي” ضرباً بالعصى والمقشات وسرن في مظاهرة صاخبة وهن يرددن”ايش تاخد من تفليسي..يابرديسي”
فشاهد فتوات الحسينية نساء درب المصطفى فزادت حماستهم وتصدروا هم الأمر وخرجوا في جموع كبيرة وتوجهوا إلى بيت القاضي، وطلبوا منه أن يتدخل عند البرديسي لوقف المظالم والفردات والأتاوات التي يقررها الشعب كل يوم، فأذعن البرديسي للأمر وأوقف عماله عم جمع الإتاوات والضرائب التي فرضها على الناس.
وعندما جاءت الحملة الفرنسية للإستيلاء على مصر، وتخاذل المماليك في مقاومة الفرنسيين، شارك الفتوات في الدفاع عن كيان البلد واستقلالها، وكان نابليون يضيق من الشغب الذي يثيره هؤلاء الفتوات، وكان يسميهم بالحشاشين البطالين، ويصدر منشوراته إلى طوائف الشعب المصري:” إياكم يا مصريين وسماع كلام الحشاشين البطالين”
ولما جاء دور الإحتلال البريطاني وقامت ثورة 1919، كان الإنجليز على علم بدور الفتوا وإلى المشاغبات التي يثيرونها، فأغروهم بامال ووسعوا عليهم في حياتهم، ويسروا لهم الوسائل للإفلات من طائلة القانون والعقوبة على جرائمهم وحصل الكثير منهم على جنسيات غير المصرية حتى يتمتعوا بالحصانة والإمتيازات الأجنبية، حسبما ذكرسيد صديق عبد الفتاح ،في كتابه “تاريخ فتوات مصر ومعاركهم”
وأصبح الفتوات بعد كل هذه الإمتيازات يقتلون وينهبون بإسم الحكومة، ولا سلطان للقانون عليم وتحولوا إلى بلطجية وصاروا نقمة على الأمة لا تحتمل، وعونًا للمستعمر على النكاية بأبناء البلاد والتسلط على أفراد الشعب.
الكاتب
-
أحمد فكري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال