الفنان طارق لطفي .. الرجل الذي جاء سيرًا على الأقدام
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
أشدت بالاحتفاء الذي يتلقاه الفنان طارق لطفي حاليًا على وسائل التواصل الاجتماعي عن دوره في القاهرة كابول لتفاجئني صديقتي برأي أن طارق لطفي أضاع العديد من الفرص وأنه وصل متأخرًا جدًا، لأجد نفسي أتساءل لماذا وصل طارق لطفي متأخرًا، هل الأمر يتعلق بطارق لطفي نفسه أم هناك أسباب أخرى ؟.
استرجعت مسيرة الفنان طارق لطفي منذ الانطلاقة القوية في ليالي الحلمية الجزء الرابع ودماء على الأسفلت، وحتى هذه اللحظة، وراجعت ما قدمه طارق لطفي في فترات اختفاء وهجه وبريقه، والحقيقة أن طارق لطفي هو أحد أبناء الجيل الذي ظلمته حركة السينما والدراما المصرية، جيل به أسماء مثل خالد الصاوي وعمرو عبدالجليل وخالد صالح وغيرهم من الأسماء التي تعني أنك ستشاهد ممثلا من العيار الثقيل، هذا الجيل الذي فرمته تغيرات الحالة الفنية في مصر سواءًا تلفزيونيًا أو سينمائيًا.
اقرأ أيضًا
الحشيش مع خاتم الماسونية في القاهرة كابول “هل هناك ارتباط بينهم مع تنظيم القاعدة ؟”
كان الصاوي أول الواصلين لحقه خالد صالح وعاد عمرو عبدالجليل إلى النور مرة أخرى ولكن طارق ظل متواجدًا، لم يحقق المكانة المناسبة لموهبته ولكن ظل على الساحة يقدم أدوار متنوعة ومختلفة يجيد في بعضها ويفلت منه البعض الآخر، ولكن تأخر طارق لطفي لم يكن يومًا عن سوء اختيار أو إضاعة للفرص.
حينما ظهر علينا الفنان طارق لطفي سينمائيًا في فيلم دماء على الأسفلت كان جيل الواقعية الجديدة على أعتاب كلمات النهاية في مغامرته السينمائية، لتقع السينما المصرية في منطقة مظلمة، بعدما كانت أفرزت العديد من الوجوه الشابة، دخلت السينما المصرية بعدها نفقا مظلما استمر لسنوات حتى عام 1998.
في تلك الفترة كان التلفزيون حكرًا على نجوم بعينهم حيث كانوا هم في أوج تألقهم الفني، نجوم في كافة المجالات سواء أمام أو خلف الكاميرا فما كان من الوجوه الجديدة إلا أن تكتفي بشريحة الأبناء والشباب وكان لطفي من بينهم ابن من أبناء المسلسلات، لياتي عام 1998 وتنقلب الحالة فتعود السينما للازدهار مع بوابة الكوميدية الشبابية الجديدة او المضحكين الجدد على يد محمد هنيدي.
ولحكمة عجيبة يكون طارق لطفي أحد هؤلاء النجوم الجدد الذي يعاد تقديمهم بعيدًا عن عالم المسلسلات الاجتماعية، ولكن تلك الثورة تبلورت سريعًا واختارت نجومها ونحتت انماطها، فكان طارق لطفي خارج هذا التقسيم فلا هو أحمد السقا بأكشنه ولا هنيدي وعلاء ولي الدين بكوميديتهما، وإنما هو طارق لطفي، فلم تكن الساحة تسمح له سوى بدور السنيد كما ظهر في الحب الأول مع مصطفى قمر.
فلا يجد أمامه سوى العودة للتلفزيون مرة أخرى والذي كان بدأ في الانهيار وبقوة مع بداية الألفية الجديدة، ليجد طارق لطفي نفسه مجبرا على تقديم أعمال للتواجد ورغم ذلك ورغم أنك قد تجد أعمال متوسطة القيمة الفنية إلا أنه ظل متواجدًا، في انتظار ربع فرصة ليخرج قبسًا مما لديه من طاقة.
ولأن الممثل إنسان مثلنا جميعا لابد أن يعمل، كان هذا تواجد طارق لطفي، لابد أن يعمل، ولم يسلم الأمر من بعض أدوار مضيئة بين الحين والأخر في أعمال تثير الجدل وقت عرضها ولكن لا تدوم أو تعيش طويلا مثل ملك روحي والحقيقة والسراب، ولكن في وسط هذا الزخم يقدم دور متميز في مسلسل جيد وهو الليل وآخره، أو لا أحد ينام في الإسكندرية أو سلطان الغرام، أو لحظات حرجة، وفي السينما يقدم دور جيد للغاية في عن العشق والهوى، إذن حتى في عز تخبط السينما والتلفزيون في مصر وتردي المستوى لطارق لطفي العديد من الأدوار الجيدة، لكن كان هذا هو الحال، عمل واحد جيد خلال الموسم ولن أكون مبالغًا إذا قولت ان هناك مواسم درامية مرت دونما عمل واحد جيد أو متقن لتأتي ثورة يناير ويتغير شكل الأعمال التلفزيونية.
نجوم السينما الكبار يعودوا للصدارة عبر التلفاز، عادل إمام، محمود عبدالعزيز، كانا أبرز اسمين عائدين لعالم الدراما، ومع محمود عبدالعزيز يعود طارق لطفي لعالم الأضواء ولم تتأخر الفرصة كثير بعد عمل واحد حمل طارق لطفي على عاتقة بطولة مسلسل، وهو بعد البداية عام 2015، لتبدأ المسيرة من جديد، ولكن هذه المرة وسط مواسم درامية بها العديد والعديد من الاعمال الجيدة، ومصطلح جديد ظهر ليغير خارطة النجومية، السوشيال ميديا.
وهنا كان خطأ طارق لطفي، فتلك الموهبة الشرسة تسكن في إنسان هادئ بسيط يبتعد عن الضوضاء والميديا، فليس هو من مثيري الجدل، أو رواد السوشيال ميديا الذي خبروا اللعبة، ولا هو من المدركين لقوتها، فكان هذا خطأه الوحيد الذي جعله آخر الواصلين، طارق لطفي لم يهدر فرصا في مسيرته، بالعكس كان الرجل الذي ينتظر ربع فرصة ليمثل، والآن هو في موقعه الصحيح، والمناسب كخطوة بداية لموهبة سارت إلى مشيا على الأقدام في طريق كان تزداد عقباته يوما بعد أخر، طارق لطفي.. ألف حمد لله على السلامة.
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال