همتك نعدل الكفة
640   مشاهدة  

الفن النظيف والتنمر

الفن


لا أذكر تحديدا متى ظهر مصطلح السينما النظيفة، ومن أطلقه؟ كل ما أعرفه أن هناك مصطلح كنت أقرأه اسمه green cinema  وكان المقصود به هو السينما أو الأفلام التي تكون صديقة للبيئة حيث وجدته على أحد المطبوعات الدعائية في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وكان الغرض من هذه الدعوة الحفاظ على البيئة من التلوث من خلال السينما، ولا أعرف أي شيطان سادي أوحى لأحدهم أن يترجم هذا المصطلح إلى سينما بدون مشاهد جنسية أو عاطفية أو ساخنة كما أطلق عليها فيما بعد..

قبل هذا بعدة سنوات ظهر الأدب النظيف والذي حمل رايته الناشر حمدي مصطفى والكاتب الكبير نبيل فاروق، حينما أصدرا سلسلة الروايات الرومانسية (زهور) مذيلة بجملة الروايات التي لا يخجل الأبوين من وجودها بالمنزل، وكأن أدب نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس، وأشعار نزار حتى الشعر الجاهلي يخجل منهم الأبوين!

تزامن هذا مع ظهور المد الوهابي وسيطرة رجال الدين المودرن (بالبدلة) وموجة حجاب الفنانين وتوبة الرجال عن الفن، حتى أصبح مايقدم من فن ماسخا ..

الهدف الأساسي من الفن بجميع أنواعه هو المتعة، ومادام تحققت المتعة تحقق الهدف من العمل الفني، ولكن أصبحت قيم الوعظ والإرشاد والفن من منظور خلقي هو السائد، فتم إنتاج أعمال فنية شبه بفقعات الصابون ما تظهر إلا لتختفي، فأين أفلام مثل صعيدي في الجامعة الأمريكية وهمام في أمستردام وتيمور وشفيقة وغيرها، والتي حينما تعرض في التلفزيون من الممكن بكل بساطة أن تحول المحطة بدون أي شعور بالخسارة..

الفن النظيف هذا تم الترويج له على أيدي الفنانين ذاتهم وليس أحد آخر، فهذا يتحدث عن قيم الأسرة المسلمة، وتلك تتحدث ن الحدود التي وضعتها لنفسها، وتبارى الجميع في نشر أخبار عمراتهم الرمضانية، وأخبار قيامهم بالحج، وتباروا في التسعينيات وأوائل الألفية في عمل الخيام الرمضانية وكأنهم يعلنوا إيمانهم واستغفارهم عن الفن..

هذه الدعاية الدينية المبتذلة، مع دعوات الأدب النظيف والفن النظيف أثمرت عن جيل مزدوج يتلقى الفن من منظور أخلاقي فأي احتفاء بالجسد هو دلالة على البغاء وسوء السلوك، وأي مشهد به قبلة أو حضن فهو دعرة، وأصبح الفنانون داعرون بأيديهم لا بأيدي غيرهم..

ثم يأتون الآن للتباكي على قيم المجتمع الذي يتنمر بهم وبورهم وصور أبنائهم مع أنهم هم من ملأوا دنيا ضجيجا بالأخلاق المزيفة بدون مضمون حقيقي..

وأنا هنا لا أدعو للابتذال أو لحشر مشاهد جنسية أو عاطفي غير مبررة في الأفلام، ولكن أيضا لكل فن شروطه ومعطياته، فإما أن تأخذه كله أو ترفضه كله هناك مثل شعبي ينطبق على هذا الوضع(مانحبش الحرام بس بنغرق في مرقته) هم يحبون الشهرة والمال والتمثيل لكن بما لا يخلف شرع المجتمع، بدون أي رغبة في التنوير حقيقية أو محاولات حقيقية لإرساء قيم الحرية..

لذلك يحصد أصحاب الفن النظيف أوساخ أفكارهم التي لوثت المجتمع، فلو كان فنهم نظيفا فهل فنون من سبقتهم كانت (وسخة) هل أفلام صلاح أبو سيف ونيازي مصطفى وحسن الإمام وسخة؟ وهل سعاد حسني وهند رستم وغيرهن من الفنانات بغايا؟ وهل رشدي أباظة وأحمد مظهر داعرين؟ ..

إقرأ أيضا
مشروعات خارج الصندوق

الحقيقة أنا غير مشفقة عليهم فهم الأسبق بالتنمر على المجتمع عن جهل وعمد، ولم يرحموا الفن ولم يقدموا قيمة حقيقة ولا متعة، فقط العديد من الأعمال التي لا قيمة لها كزبد البحر لا تمكث في الأرض ولا تنفع الناس.

وبمجرد أن نالهم جزء من مما زرعوه ملأوا الدنيا صراخا وعويلا عن الظلم الواقع عليهم، ونسيوا أن أي مختلف معهم هاجموه وطعنوا فيهـ وأقصوه من جنتهم جنة الفن النظيف ..

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
1
أعجبني
0
أغضبني
1
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان