كوفيد ٢٥ : الفن صناعة.. مش شابوهات وخلاص
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
نجحت أخيرًا أتواصل مع د. محمد فايز، جراح أنف وأذن وحنجرة، في مقر عزله الطبي.. ونجحنا نتحايل على كم مش بطال من العكوسات التقنية.. لغاية ما وصلت له الحلقات من 04 إلى 07، عشان يشوفهم ويراجع المسائل الطبية والعلمية المطروحة في مسلسل كوفيد 25.
في مقال ريش على مافيش أعتذرت عن التعليق على التفاصيل الطبية/العلمية في الحلقتين الخامسة والساتة.. بسبب عدم التواصل مع د. فايز، اللي مشكور متطوعًا بيتابع ويسلمني تقرير يومي عن الجانب الطبي/العلمي في كل حلقة، أحيانًا طول الليل وهو يشرح ويترجم ونتناقش.. عشان أعرف أكتب تعليق عن فهم مستند على معلوماتية موثوقة. الآلية نفسها المستخدمة في بُنا العمل الفني.. هكذا بتكون الأعمال الجادة، ودعاية كوفيد25 بتبيع لنا المسلسل إنه من سكة النوع ده من الدراما المرئية مش إنه من سكة حقنة لهيطة وتجارب عم مبلولي.
بحث د. فايز وصلنا أن فعلًا فيه بعض الكائنات لا تصاب بالسرطان، بفضل امتلاكهم جين بيقاوم/بيعالج عملية النشاط الزايد غير المبرر للخلايا (هو ده الكانسر). منهم الأفيال.. الحيتان.. الخفافيش.. فئران الخلد العارية (المفضلة في المعامل)، بس مش منهم الغربان.. واللي يحب يقرا بالتفصيل يتفضل هنا.
بناء عليه فكل الكلام عن إجراء التجارب باستخدام جينات غراب وأن المرض أتنقل عن طريق غراب.. إلخ، هو كلام مش مبني على العلم خالص، عكس مثلًا مسألة حقيقة وجود موجات خارجة من العين.. فتم الأفتكاس على أساسها أن الفيروس التخيلي ده بيتنقل عبرها. إذًأ هنا صناع العمل بيفتكسوا في الهوا.. بل كمان دول بيفتكسوا عكس العلم، بما أن الغراب ضمن الحيوانات اللي بتنصاب بالسرطان.
لما جنب التعارض مع العلم نحط حالة اللاتمثيل أو حفلة التسميع الجماعي بين غالبية الممثلين جنب سذاجة الحبكة.. واستسهال أصطناع الأزمات بدل الاجتهاد في صناعتها، فنشوف الطبيب الهيرو بيستجوب كل حد أتعامل من قريب مع شروق، ويستبعد تمامًا زميلها اللي عارف كل التفاصيل.. حتى نهال اللي أتشنج قصادها يبرر الكارثة ماشكتش، لحد ما تاتا تاتااااااااا تظهر صورته ع الموقع وتنكشف الكاشفة.. بس بعد فوات الحاجات، جنب كل ده نضيف سطحية تقديم شخصيات ثانوية مرسومة بقشور الصور النمطية المتاخدة عن النماذج دي، في رؤية تتماشى والعقلية المحافظة التي يفتخر بها بطل العمل وصاحب فكرته.
بس استنوا.. منظار العقلية المحافظة لو بصينا بيه على فرضية الغراب -المناقضة للعلم- هنلاقيها مظبوطة مع الصورة الأسطورية للغراب في روايات الديانات الإبراهيمية.. وما يمتلك من أهمية بوصفه المعلم الأول للبشر، والرؤية دي نفسها ينفع على ضوءها يتفسر اختيار انتقال الفيروس بالنظر، فبخلاف الاستناد العلمي السليم (اللي سبق وأشادت بيه) هنشوف أنه نفس آلية “الحسد”.. وهو تفسير وَرَد على لسان أحد شخصيات العمل.
وكده بقى عندنا عمل متقدم بسطحية في قالب استهلاكي غير متقن لا على مستوى الكتابة ولا التنفيذ، أو متقن على مستوى الكتابة بس متبني رؤية تقليدية ساذجة.. وفي الحالتين ماحبش أضيع وقتي في متابعة عمل بالشكل ده، فما بالنا بالكتابة عنه.
الكاتب
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال