“الفيضانات والسيول” كارثة جديدة تضرب تركيا
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
لم تكد تركيا تنفض ركام زلازل السادس من فبراير حتَّى باغتتها الفيضانات العنيفة، والتي تسببت في إزهاق الأرواح وتعطيل حركة المدن المتضررة من الكارثة الأخيرة. حاصرت السيول المارة في الشوارع والمواطنين في البيوت، مع تحذيرات من استمرار هطول الأمطار؛ الأمر الذي ربطه البعض بالهزات الارتدادية التي لازالت تضرب الجنوب التركي.
تواجه ولايتي “شانلي أورفا” و”أضي يامان” جنوب شرق تركيا أمطارًا عنيفة تسببت في سيول عارمة خلال أقل من يومين، أدى ارتفاع منسوب المياه المفاجئ إلى فيضانات بجدول “قارا قويون” بولاية “شانلي أورفا”، ما تسبب في محاصرة السكان في بيوتهم وتحول الطرقات إلى مسابح مفتوحة. المدن التي يعاني أغلب سكانَّها بالفعل جراء الزلازل الأخيرة بين مشرَّد ومكلوم، تواجه الكارثة الجديدة بموارد محدودة ومنشآت متهالكة، ناهيك عن معاناة قاطني المخيمات المؤقتة من النازحين.
تتداول رواد وسائل التواصل الاجتماعي العديد من المقاطع المصورة للكارثة، تظهر سيارات مغمورة بالمياه يدفعها التيار المتدفق عبر الشوارع. أحد المقاطع رصد مسنًا يندفع مع المياه الجارية في الشوارع، بينما يشاهده السكان العالقون في بيوتهم عبر النوافذ، ولم يتضح مصيره حتى الآن.
قتلى وعالقون جراء الفيضانات والسيول
تقارير أولية أعلنت مقتل 16 شخصًا حاصرتهم السيول في شوارع الولايتين المنكوبتين، منهم خمسة سوريين عثر عليهم في قبو أحد المنازل وتم إرسال جثثهم للطب الشرعي. في حين تم إنقاذ العشرات من الأنفاق والبحيرات الطينية التي ملأت شوارع المدن المتضررة، وتستمر جهود رجال الإطفاء وإدارة الكوارث لاستخراج العالقين.
الأمطار الغزيرة المستمرة حتى الآن أغرقت المصالح العامة والطابق السفلي بأحد أكبر مشافي الولاية، مما أدَّى إلى نقل المرضى للأدوار العلوية، وتعليق الدراسة لمدة يوم بشكل مبدئيّ. فيما تجري أعمال البحث عن المفقودين وإنقاذ العالقين في الأنفاق والمنازل والعربات، باستخدام غواصَين و10 فرق مكونة من 163 شخص.
صرَّح”صالح أيهان” محافظ شانلي أورفا- الولاية الأكثر تضررًا من السيول- أن كمية الأمطار الهاطلة خلال السنوات الأخيرة ارتفع بشكل ملحوظ، إلا أنه بلغ أعلى مستوياته خلال اليومين الأخيرين حيث تلقَّت الولاية خلال يوم واحد فقط 20% من الكمية المعتادة خلال سنة. الأمر الذي دعا المسئولين إلى رفع درجات الحذر بالمنطقة خلال الأيام القادمة، وتنبيةالمواطنين بضرورة توخي الحذر خاصة سكان الأدوار السفلية بالولايتين، رغم انحسار معدل هطول الأمطار التي وصلت إلى 136 لتر في الساعة لكل متر مربع وفقا للبي بي سي التركية. وأضاف أيهان أن اثنين من الضحايا الذين جرفتهم الفيضانات تبين أنهم من رجال الإطفاء.
ربط بعض رواد مواقع التواصل بين الفيضانات والسيول التي تعيشها تركيا حاليًا والزلازل الأخيرة، الأمر الذي لم يقره أيًا من خبراء الزلازل مطلقًا. الزلازل يمكن أن تحدث نتيجة لترسب مياه السيول في صخور القشرة الأرضية وليس العكس، كما أنه أمر نادر الحدوث. من المعروف أن الحالة الوحيدة التي تكون الزلازل فيها سببًا للفيضانات هي “التسوناميط والذي لا يحدث إلا في نطاق المدن الساحلية، وهو أمر بعيد كل البعد عن الكارثة الحالية التي وقعت في بلدة برية.
الأوقات الصعبة التي عاشها الجنوب التركي مؤخرًا جعلته أضعف من أن يتصدي لكارثة جديدة، بينما تحاول البلاد تخطي فجيعتها في آلاف الضحايا الذين سقطوا على أثر الزلازل، تعيد الفيضانات والسيول للأذهان مشاهد الحسرة والعجز، لاسيما بعد تلويحات بإعلان حالة الطوارئ في حال تدهور الوضع أكثر.
الكاتب
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال