القاضيات المصريات .. الحرب من أجل الوصول إلى المنصة
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
في مارس 2007م، تحولت أحلامهن إلى حقيقة وأدت 30 امرأة اليمين الدستورية أمام المستشار مقبل شاكر رئيس المجلس الأعلى للقضاء، ودخلن سلك القضاء المصري بعد حروب سنين طويلة، وعلى الرغم من تلك الخطوة الجريئة التي جاءت متأخرة في مصر مقارنة بالدول العربية الأخرى، إلا أن التطور في هذا الملف يسير ببطء شديد، فبعد مرور 13 سنوات على وجود المرأة في السلطة القضائية، يبلغ إجمالي عددهن الآن 66 قاضية موزعين على جميع محاكم الجمهورية وذلك مقابل حوالي 16 ألف قاضي رجل.
نساء مصريات على منصة القضاء
وقد كانت المستشارة تهاني الجبالي هي أول نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، واحتلت أعلى منصب قضائي نالته امرأة في مصر في عام 2003م، وكانت أول سيدة تجلس على منصة القضاء لتنظر القضايا، وتصدر الأحكام فيها، وبعد تعيين أول دفعة المكونة من 30 امرأة، تم تعيين 12 قاضية أخرى في مسابقة أجراها مجلس القضاء الأعلى لاختيار القاضيات، ولكن توقف الأمر منذ عام 2008م وحتى 2015م ولم تحدث أي تعيينات جديدة للقاضيات، ولكن شهدت هذه الأزمة انفراجه في عام 2009م بعد إعلان مجلس الدولة عن قبول تعيين مندوبين مساعدين من خريجي وخريجات كلية الحقوق دفعتي 2008-2009م، وتم فتح باب تقديم الطلبات، إلا أن الجمعية العمومية لمجلس الدولة انعقدت بشكل طارئ بعدها وصوتت بالإجماع على رفض تعيين المرأة في مجلس الدولة، أعقبها جمعية أخرى قررت فيها إرجاء الأمر، ومنذ ذلك التاريخ والقضية جمدت بمجلس الدولة.
عائشة راتب القضاء ظلمها والشريعة أنصفتها
إقرأ أيضًا…القضاء والإمام علي بن أبي طالب تميز أشاد به الرسول لهذه الأسباب الدينية
قبل حوالي نصف قرن تحديدًا في عام 1952م قضت محكمة القضاء الاداري برفض دعوة اقامتها الدكتورة عائشة راتب للاعتراض على عدم تعيينها بمجلس الدولة، واستندت المحكمة وقتها إلى أن وظائف القضاء ومجلس الدولة مقتصرة على الرجال فقط، وذلك على الرغم من وجود المادة 16 من الدستور المصري التي تنص على حق المرأة في تولي كل الوظائف من دون تمييز، وتمديدًا في الظلم تجاهلت المحكمة فتاوى مشيخة الازهر وقتها التي تؤكد أن الشريعة الإسلامية تخلو من أي نص يقضي بحرمان المرأة من أن تكون قاضية.
ومن وقتها شهدت قضية دخول المرأة القضاء فصولًا كبيرة من الجدل والصراع من كبار القضاة الذين كانوا يرفضون الأمر ويرون أن العمل القضائي غير مناسب للمرأة، وكان هذا الرفض أتيًا من التقاليد القضائية وعن بعض التفسيرات للشريعة الإسلامية وليس عن أي حكم دستوري أو قانوني صريح، فالدستور المصري كفل المساواة بين المواطنين فى الحقوق والواجبات، كما أن القوانين المنظمة للهيئات القضائية المختلفة لا تشترط أن يكون القاضي ذكرًا.
10آلاف قاضية في الدول العربية
هناك أكثر من 11 دولة عربية تسمح للمرأة بتولي هذا المنصب وقد بلغ عدد القاضيات في الوطن العربي حوالي 10000 قاضية، وقد كانت المغرب هي أول دولة عربية تشغل بها المرأة منصب قاضية منذ عام 1961م، وقد وصل عدد القاضيات بها حاليًا ما يقرب من 440 قاضية أي تقريبًا نصف عدد القضاة هناك، وتلها تونس في عام 1968م، وكانت موريتانيا هي أخر الدول المنضمة لتلك القائمة، وتبلغ نسبة القاضيات في السودان حوالي 67%.
رأي الدين بين الإجازة والتحريم
انقسم العلماء والفقهاء حول مسألة تولي المرأة القضاء إلى فريقين، الفريق الأول أقر بجواز تولي المرأة منصب القضاء، بينما شدد الفريق الأخر على عدم جواز تولي المرأة هذا المنصب، وأرجع العلماء والفقهاء المؤيدين حكمهم إلى أن الشريعة الإسلامية لا تفرق بين الرجل والمرأة في تولي المناصب بما فيها القضاء، وذلك لأنه لا توجد نصوص تمنعها من العمل قاضية، بل على العكس أتاحت لها الشريعة الإسلامية مباشرة جميع الحقوق، والمشاركة في كل ما يخص الصالح العام، وأوضحوا أن هناك رأي في الحنفية وبعض المالكية بجواز قضاء المرأة في غير الحدود والقصاص.
أما عن الرأي الأخر الذي ينفي أحقية المرأة في تلك المهنة، فقد اشترط الشافعية أن يكون القاضي ذكرًا، وقضى بعض الحنابلة بالتحريم أيضًا، كما قام بعض المالكية بتحريم تولي المرأة القضاء.
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال