“القاهرة كابول”.. عبدالرحيم كمال وكتاب القراءة للشهادة الابتدائية دفعة 98
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
لم يكن نبيل الحلفاوي يومًا من الممثلين الذين يتصدروا “تريند” السخرية اللهم في تلك الصورة من فيلم الطريق إلى إيلات، ولكنه الآن ومن خلال شخصية عم حسن أصبح أحد أشهر “تريندات” مسلسلات رمضان، والسبب سطحية الشخصية المكتوبة في مسلسل القاهرة كابول تأليف عبدالرحيم كمال وإخراج حسام علي.
السطحية لم تأتي فقط في شخصية عم حسن التي يقدمها القدير نبيل الحلفاوي، ولكنها الآفة التي قتلت المسلسل رغم قوة نجومه وقدراتهم التمثيلية الكفيلة بإنجاح أي عمل درامي حتى وإن كانت كتابته متوسطة المستوى، ولكن القاهرة كابول كتابتًا لم يقترب حتى من المستوي المتوسط للكتابة.
الخطابة في الحوار ربما هي السمة الأبرز التي أصبح الجميع يتحدث عنها، كل الشخصيات بلا أي استثناء ومهما كانت زاوية حوارهم يتحدثون بلغة خطابية مباشرة، حتى الحيل السردية حيل مباشرة مثل تلك الحيل التي يحاول الكاتب من خلالها أن يعرفنا على تاريخ رمزي وهي حيلة الضابط الذي يتم تجهيزه للاندساس داخل الجماعة الإرهابية التي يقودها رمزي، حيلة شديدة السطحية والوضوح والمباشرة.
خطب وشعارات رنانة حول مصر والمصريين وطبائع وتحولات المجتمع المصري، وخلق خط درامي كامل بهدف فقط زراعة تلك الجمل وهو الخط بين القدير نبيل الحلفاوي وبين الممثل الشاب كريم قاسم، حتى لقاء درامي وقوي بين رمزي وطارق في جبال أفغانستان تحول بقدرة عبدالرحيم كمال إلى درس أخر في الخطابة، خطابة في كل مشهد وهذا الأمر أصبح محل رؤية وسخرية الجميع.
امتدت السطحية من الجمل الحوارية إلى الشخصيات الدرامية ورغم الجهد الجهيد الذي يبذله أغلب الممثلين في تحويل تلك السطحية إلى عمل فني يرقى لمستوى موهبتهم تطغى تلك السطحية على العمل، كأنما عبدالرحيم كمال وضع رداء من السطحية فوق كل شخصية، رداء مصمت فاتخذ من -حلفان البطانية- أساس درامي فقط، دون محاولة تعميقه أو الإضافة إليه، فكل شخصية أصبحت كقطار يسير على قضبان مستقيمة بلا أي التواءات أو انحرافات، فخالفت الشخصيات الطبيعة المنطقية للتدرج والتطور.
وطبيعة التدرج والتطور لأي شخصية درامية وجود أحداث متتابعة تحدد ملامح ومسار الشخصية، فطارق كساب على سبيل المثال حينما نراه في الفلاش باك هو ذلك الشخص النفعي المادي منذ الصغر وكذلك رمزي هو رمزي الخليفة المفتون بالسيطرة منذ الصغر وعادل أيضا، كل الشخصيات لم يحدث فيها أي نوع من أنواع التغير أو التطور منذ طفولتها ومراهقتها وحتى بلوغها فلا أحداث هامة في تاريخهم دفعتهم للتغير، هكذا أرادهم عبدالرحيم كمال.
حوار سطحي وشخصيات سطحية بالتبعية ستنتج مشاهد سطحية وركيكة ومتوقعه، مثل مشهد مكالمة رمزي لمنال عقب مقتل خالد، كان هذا المشهد متوقعًا، مثل اعتذار طارق كسّاب لسيدة الأعمال بعد عرضه الزواج منها وانفعاله عليها، أو مشهد ذهاب رمزي لزوجته التي قتلت أبنه والنوم معها قبل سجنها ثم قتلها، العديد والعديد من المشاهد التي توقعتها قبل حدوثها وصدق توقعي.
إقرأ أيضًا…تترات مسلسلات رمضان (4) نسل الأغراب .. شوية منطق الله يكرمكم.
الأسوأ من السطحية هو تتابع المشاهد، لابد لكل مشهد من سبب، وكل مشهد مرتبط بالمشهد الذي يسبقه والمشهد الذي يليه، ولكن عبدالرحيم كمال في تتابع مسلسله يصنع قاعدة جديدة من نوعها، وهي عدم ترابط المشاهد بعضها البعض، كأن يقتل منصور ابن رمزي فينتقل في الحلقة التالية لعلي في المقهى، حتى المشاهد التي ترتبط ببعضها البعض كانت مثيرة للضحك كمشهد ذهاب أبو رمزي إلى حسن ليسأله في ماذا أخطأ ولماذا تحول رمزي إلى إرهابي، فنذهب بعد ذلك لرمزي وهو تتابع صحيح، وهو يريد الانتقام ممن يعتقد انهم قتلوا ولده، ثم نعود لوالده يسأل نفس السؤال؟!.
إضافة إلى كل ذلك الحبكة نفسها بها الكثير من الثغرات، مثل كيف عرف الإرهابي الذي أخبر رمزي أن زوجته هي من قتلت ابنه بهذه المعلومة؟! متى استطاع عادل مراقبة ومعرفة أين يختبئ سمير؟! كيف أحب حسن ريم وكيف أحبته؟ والعديد من الأمثلة التي تملأ السيناريو، إضافة لكتابة مشاهد شديدة القصر ليست ذات أهمية على الإطلاق، مثل مشهد الفلاش باك حينما تذهب منال إلى عادل في مكتبه، وتفتن له على أماكن اختباء أصدقاءه، فهذا المشهد لا قيمة له ومخالف لرسم شخصية منال في الأساس فهذا مشهد يؤسس أن منال منذ صغرها شخصية تبلغ عن أقرانها، أتهدم الشخصيات الدرامية هكذا بلا أدني مبرر أو سبب؟
ما يحدث في القاهرة كابول هو جريمة إهدار يعاقب عليها عبدالرحيم كمال وحده منفردا دون سواه، إهدار مواهب وطاقات تمثيلية في تقديم منهج القراءة للصف الخامس الابتدائي دفعة 1998 الذي كتب منه كمال ذلك الحوار والسيناريو، إهدار طاقة مخرج مميز مثل حسام علي يحاول جاهدا يضيف بعض من الدراما لتلك المنشورات التي كتبها كمال في مسلسله، وإهدار لأمل المشاهد في عمل كان يظن الكثير منا أنه سيكون الرابح الأعظم هذا الموسم بسبب أسماء صناعه، ولكن شتان بين ما كنت انتظره -بشكل شخصي- وبين ما شاهدت، ليتحول القاهرة كابول من مسلسل منتظر إلى عمل يجب على كل كاتب سيناريو أن يشاهده بتركيز ويتعلم منه ألا يكتب مثله أبدا.
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال