القلب في مكة والروح تهوى آيات الله.. حكاية “الشيخة زينب” مُحفظة القرآن بالشرقية
من يقول إن العمى ضرر وابتلاء سيحتاج حتمًا لقراءة قصتها مراتٍ ومرات، قبل أن يُعيد حساباته من جديد ويتيقن أن الرزق بيد الرزاق يُعطي منه الكل نصيبه دون نقصان، بل هناك كرم لا حدود له وعطفٍ وإحسان.
أنا مين؟.. أنا واحد من عباد الله ساقه لهناك لأجل ما ينقل الحدوتة ويبعت المرسال، سمعت كتير حكاوي عنها وعن النور اللي بوجهها وبوادر الرضا على عيونها اللي من غير نور، رجلي خدتني هناك، وهناك قلبي سمع قبل وداني صوت عالي لأطفال بتقرا وتحفظ القرآن، ووسطهم كانت قاعدة تعيد وتزيد وتقول من تاني ويقولوا وراها الولاد.
الاسم على اسم بنت النبي صاحبة المقام العالي السيدة زينب، والقلب عامر والفؤاد موصول بمحبة رب العباد وحفظ آياته، والعين نظرها ونورها راحوا من بدري ليها زمان، لكن البصيرة نصيبها كبير بتعوض المحنة.
زينب عبدالعزيز كامل منصور، بنت بنوت عمرها يعدي الأربعين بتلات سنوات وعشرة من الشهور إلا كام يوم وساعات، من بلد جنبنا هنا اسمها “ميت ربيعة” بلبيس شرقية، الناس تعرفها باسم “الشيخة زينب”، حافظة كتاب الله وراضية وتملي تحمد ربنا على كل حال، ولو سألتها بتتعدل إزاي تقول “ببركة القرآن”.
اتولدت بميَّة زرقا على عينيها، وأهلها غلابة بيكمل عشاهم نوم، كبرت البنت وربنا رزق أبوها تلات بنات غيرها، لكن الكبيرة “زينب” كان حظها قليل من التعليم والنظر، تعبت عينيها وقلت الرؤية، خدها أبوها لكُتاب بلد جنب البلد ببلاد لأجل ما تحفظ القرآن.
هناك سأل أبوها الشيخ وقال يا مولانا بنتي نظرها ضعيف وبدي أحفظها بدل العلام قرآن، يسر ربنا الإجابة على لسان الشيخ بالقبول، لكن وقتها سار اتفاق تحفظ زينب الجزء في شهر واحد مفيش غيره، وقصاد كده ياخد مولانا خمس جنيهات.
الله أنزل نور كتابه في قلب البنية وحفظت آياته أوام، الربع تكتبه في لوح وخلال يومين يكون مكانه قلبها محفوظ، وربع في ربع وجزء بعد جزء أتمت زينب حفظ القرآن وبقت تساعد مولانا في تحفيظ زملائها، ويراجع عليهم الشيخ ولو لقاهم مش حافظين يضربها كام زُخمة على إيديها لأجل ما تنتبه زيادة.
تمت زينب التسع سنوات وحفظت القرآن، لكن أبوها صابوا المرض الخبيث واتمكن من رجله وقضى عليها قبل ما يتنقل للرئة، والبنية كانت ما بين حزنها طفلة لا تعرف غير الزعل على تعب أبوها وحبها لكتاب الله، واتيسرت لها الأمور تدرس في معهد قراءات، خمس سنوات بتقرا وتجود، ولما أتمت دراستها بالمعهد بدأت ألوان الحياة تختفي.
مات عم عبدالعزيز والد زينب، وساب معاش سبعين جنيه وجاموستين وبيت يا دوب السقف بيغطيه، والأربع بنات وأمهم مالهمش غير ربنا، وبعدها التعب زاد على الحزن وراح النور من عين زينب، وحتى الجاموستين لحقوا صاحبهم وماتوا بعده بأسبوعين.
تسمع كل دا تقول فين الأمل وليه الحياة تقلب ظروفها كده، لكن ربك كما تبان صعبة بيكون حلها معاها؛ الأم راحت تشتغل، وزينب قالت تروح الأزهر يمكن يوافقوا على رُخصة لها تفتح كُتاب، وهناك شفع لها حفظ الآيات ووافقوا على الرُخصة.
ربك بيوصل تملي، وببركة القرآن كل شيء بيتعدل.. قالتها الشيخة وأعادها بعدها كل من سمع الحكاية؛ عاشوا البنات وأمهم مستورين، وتمر السنين تتعب الأم فجأة بعد ما وقعت من سطح البيت، يزيد كرم ربنا واللي بالطوب الني يبقى كما العمران، دورين وسقف بحديد مسلح، ويزيد معاهم عدد حفظة القرآن على يدها، أطفال وشباب بنات وولاد.
اتعدلت الأمور مع زينب، وجمعية في إيصالات آمانة وسداد قسط ورا التاني جوزت إخواتها البنات وكملوا التعليم، لكن آخر الحكاية حاجة في نفسها ودعوة تتمنى تحصل قبل ما تقابل وجه كريم؛ تشوف الكعبة بقلبها وتزور بيت الله.
اقرأ ايضا
سادات قريش.. أقدم مسجد في إفريقيا لم يبقى منه سوى “أطلال” مئذنته