“القمص والبابا” قصة أشهر خلافات الكنيسة القبطية التي جددها مقتل الأنبا إبيفانيوس
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
لم تحدث خلافات فكرية قوية داخل رجال الكنيسة القبطية كالخلاف بين الذي وقع بين البابا شنودة والأب القمص متى المسكين رئيس دير الأنبا أبو مقار، ظلت تفاصيلها متوارية لسنوات ولم يجددها إلا مقتل الأنبا إبيفانيوس.
خلافات الكنيسة القديمة .. هل انتهت بقتل إبيفانيوس ؟
جذور الأزمة في الخلافات الكنسية تعود إلى تلمذة الأنبا إبيفانيوس على يد متى المسكين أحد أبرز رجال الدين المسيحي الذين أثاروا الجدل منذ خمسينيات القرن الماضي وإلى اليوم وذلك بسبب الخلاف بينه وبين البابا كيرلس والبابا شنودة.
يذكر كتاب «أبونا متى المسكين: السيرة التفصيلية» – إعداد رهبان دير القديس أنبا مقار – الطبعة الأولى 2008 – صـ175، تفاصيل هذا الخلاف.
اقرأ أيضًا
نسف قطار القساوسة بقرار عبدالناصر “شائعات ستيناتية عن الكنيسة”
يقول رهبان دير القديس أنبار مقار ” في عام 1960 أصدر المجمع المقدس برئاسة البابا كيرلس السادس قرارا يقضي بعودة جميع الرهبان إلى أديرتهم وحرمان من يخالف القرار، وعندما علم البابا بتواجد القمص متى ومجموعته خارج دير السريان طلب منهم تنفيذ القرار فاستجابوا، إلا أن القمص متى ترك الدير مرة أخرى بعد خلافه مع مدبر الدير الراهب مكاريوس (مطران بني سويف الراحل الأنبا أثناسيوس) لينتقل مع مجموعته إلى ببيت التكريس بحلوان، فأرسل إليهم البابا كيرلس كل من أسقف المنوفية الراحل الأنبا بنيامين، وأسقف جرجا الراحل الأنبا مينا لتسليمه خطاب شديد اللهجة يؤكد ضرورة تنفيذ قرار المجمع مهددا إياهم بالحرمان، ولكن الأب متى رفض وبالتالي رفض معه رهبانه، فطبق عليهم جميعا قرار المجمع بالحرمان.
أكد كاهن كنيسة مارمرقس بالجيزة الراحل القمص صليب سوريال، أنه حاول التوسط لدى البابا قائلا له أن هذا القرار لا يشمل القمص متى وأبناءه، فرد البابا قائلا «لا كل الرهبان، القرار صادر من المجمع ولازم يرجعوا»، مؤكدا أنه جرت العديد من المحاولات لإرجاعهم دون جدوى.
اقرأ أيضًا
تمثال هيباتيا في العاصمة الإدارية “لماذا تأخر تبرئة الكنيسة المصرية من قتل الفيلسوفة”
وبعد أن شمل قرار الحرمان القمص متى وأبناءه الرهبان، ذهبوا إلى صحراء وادي الريان حيث قضوا هناك 9 سنوات، وكان ذلك القرار أحد الأسباب في استبعاد القمص متى من الترشيحات بالانتخابات البابوية بعد رحيل البابا كيرلس عام 1971، حيث تقضي لائحة انتخاب البطريرك أن يقضي المرشح 15 سنة في الرهبنة، وعندما تم تجريده من الرهبنة لمدة 9 سنوات لم تحتسب هذه المدة ضمن سنوات الرهبنة.
على الجانب الآخر، نفى تلميذ الأب متى، الأب باسليوس المقاري، وجود أي حرمان أو تجريد، مشيرا إلى أن البابا كيرلس أرسل للأب متى خطابا في «حوالي شهر فبراير» سنة 1966، يناديه فيه بلقبه الكهنوتي مؤكدا أن سبب الاستبعاد يرجع لوشاية البعض به لدى الحكومة متهمين الأب متى بأنه «شيوعي».
رحل البابا كيرلس وجاء عام 1971 ورشح القمص متى المسكين ضمن 9 رهبان آخرين للكرسي البابوي، ولكن لم يتم ذلك أيضا، وتم انتخاب البابا شنودة الثالث، وكان قبل رسامته بابا صديقا وتلميذا للقمص متى المسكين قبل أن يختلفا عام 1956، وتتطور لخلافات عقائدية عام 1960، إلا أن ما أشعل النار بين البابا الراحل والراهب، رفض القمص متى المسكين تدخل الكنيسة في السياسة، وذهابه مرتين لمقابلة الرئيس أنور السادات لمحاولة رأب الصدع بين الرئاسة والبابا.
يذكر رجال الدين المسيحي أن للأب متى المسكين كتباً فيها بعض الأخطاء العقائدية التي تختلف في درجتها، وقد ناقشها البابا شنوده الثالث في مجموعة «اللاهوت المقارَن»، لكن الخلافات كانت أعمق بسبب قرارات سبتمبر 1981 التي طالت البابا شنودة وكشف القمص متى المسكين أنه من اقترح على الرئيس السادات أسماء اللجنة البابوية لإدارة شئون الكنيسة، وأن تلك القرارات حمت الأقباط.
عقب موت القمص متى المسكين دُفِنَ في مغارة في صخرة ضمن الأسوار المُحيطة بأرض دير أبو مقار، كان قد اختار مكانها قبل وفاته بثلاث سنوات، وترك وصيه بأن لا تصلي عليه أيَّة قيادات كنسيَّة، إنما يصلي عليه رهبان الدير فقط.
شماتة ما بعد الخلافات .. كيف تظهر ؟
عقب مقتل الأنبا إبيفانيوس أسقف ورئيس دير أبو مقار بوادي النطرون؛ ومع الخلافات المتصاعدة في الكنيسة ظهرت لجنة حملت اسم حماة الإيمان تتألف من خدام وشمامسة بالكنيسة ولاهوتيين تؤمن بأن التغيير يؤدى إلى فقدان هوية الكنيسة القبطية؛ وبعض المنتسبين إلى لجنة حماة الإيمان أظهروا موقفًا سلبيًا في مقتل الأنبا إبيفانيوس.
الباحث القبطي مينا منسي وصفهم بـ “الدواعش من أصحاب الديانة المسيحية”، قائلاً أمر يثير الغثيان وجود شماتة من حماة الإيمان بسبب خلافات الأب متى المسكين أستاذ الأنبا إبيفانيوس والبابا شنودة؛ مشيراً إلى أن الأب متى المسكين كان له قيمة إنسانية راقية.
وقال مينا منسي في تصريح له قتل أسقف داخل الدير أمر يجب أن لا يمر دون تحقيق، مشيراً إلى أنه في حال ثبوت أن الواقعة جريمة قتل فلا يجب إنكار ذلك والتحري حتى ضبط الجاني مهما كان نعته وصفته.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال