القيم الإنسانية والدينية “نظرات في كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسي لماكرون”
-
محمد سعد
خريج كلية الحقوق .. كاتب تقارير نوعية ومتخصص في ملفات التراث الديني والإسلام السياسي
كاتب نجم جديد
ألقى الرئيس عبدالفتاح السيسي كلمة في مستهل زيارته لفرنسا في المؤتمر الصحفي الذي جمعه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ولاقت الكلمة إستحسان الكثير من طوائف الشعب المصري وخصوصا عندما تحدث الرئيس عن الرسوم المسيئة والتي صدرت من إحدى الصحف الفرنسية تجاه الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال كلمته على ضرورة العمل المشترك لتشجيع نشر قيم التسامح والاعتدال والتعايش المشترك بين الأديان والحضارات والشعوب، ومحاربة ظواهر التطرف والإرهاب والعنصرية، وهي القيم التي تمثل أركان عمل الدولة المصرية وأسس مشروعها الحضاري والديني.
اقرأ أيضًا
لماذا طلب ماكرون مساعدة مصر لمواجهة موجة التطرف في أوروبا
وشدد الرئيس عبدالفتاح السيسي عن رفضه ربط الأرهاب بالإسلام بسبب بعض من ينتسبون إليه فقال: “لا يمكن أن أتصور أن يتم تحميل المسلمين بأوزار وشرور ومفاسد فئة ضالة من المتطرفين، أرجو أن يصل هذا الكلام لكل من يهتم بالوعي والفهم ومن يهتم بحقوق الناس، نحن أيضًا لنا حقوق؛ ألَّا يُجرح شعورنا ولا تُؤذى قيمنا، فهذا حقنا”.
ثم نبه الرئيس على أن القيم الإنسانية التي وضعها الإنسان لا يمكن أن تعلو على القيم الدينية مؤكدا أنها قيم إلهية لا يمكن إنتهاكها بحجة الدفاع عن القيم الإنسانية .
تدخل بعد ذلك “ماكرون” معترضا على كلام السيد الرئيس في إعلاءه للقيم الدينية على القيم الإنسانية مشيراً إلى أن القيم الإنسانية تأتي أولاً وقبل كل شىء لأن ما يطرحه الرئيس السيسي يُمكِن للسلطة الدينية في البلاد وهو ما يرفضه المجتمع الفرنسي وقد قام بثورة للتخلص منها !
ورأيت بعض الكُتاب المثقفين يؤيدون كلام ماكرون ويرون أن قيمة الإنسان قبل كل شىء .
القيم الإنسانية والدينية صنوان لا يفترقان
لم يقصد الرئيس السيسي ما فهمه البعض من أن إعتبار القيم الدينية مقدمة على القيم الإنسانية إهمال لقيم الأنسان فقد جاء الدين ليرفع من شأن الأنسان فنجد النبي يقول فيما معناه ” أن زوال الكعبة أهون عند الله من إراقة الدماء” .
فحياة الإنسان أهم من الكعبة وهي أقدس شىء عند المسلم ، وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال للنبي ” بما أرسلك الله ؟ فأجابه الرسول الكريم ” بأن توصل الرحم، وتحقن الدماء ، وتؤمن السبل ، وتكسر الأوثان، ويعبد الله وحده لا يشرك به شيء “، فقال الرجل نعم ما أرسلك.
فالدين عبارة عن مجموعة من القيم وهي إنسانية في ذاتها فصلة الرحم تمثل قيمة الأمان الإجتماعي ، وحقن الدماء تمثل قيمة الحياة ، وتأمين السبل أي الطرقات تمثل قيمة الأمن العام وكسر الأوثان تمثل قيمة الوعي في مجتمع ضجت أركانه بالجهل.
فبدون تأمين الحياة والأمن العام والأمن المجتمعي والوعي لا يكون عند الإنسان أي حرية من الإختيار الواعي فإن فقد هذه القيم فقد حريته على الإختيار ويصبح إختياره معلول ولا يكون حقيقي بل يصبح إكراه معنوي ، وديننا في الأصل قائم على حرية الإختيار : “لا إكراه في الدين “
القيم الدينية هي في الإساس إنسانية فالله جل جلاله لا يأتي بأمر أو نهي إلا وتكون في صالح الإنسانية لإسعادهم .
ولكن قد يتدخل الإنسان ويقوم بإنشاء بعض القيم التي تتصادم مع قيمة الإنسان قبل أن تتصادم مع الدين أو يقوم هو بالتدخل فيستخدم بعض القيم إستخدام يضر بها غيره فعلى سبيل المثال قيمة الحرية هي قيمة دينية في المقام الأول وهي في ذاتها إنسانية ولكن قد يستخدمها البعض في السخرية من إنسان أوإهانته أو جرح مشاعره كما فعلت حرية الصحفيين الفرنسيين حيث أساءوا لنبي الإسلام وجرحوا مشاعر أكثر من مليار ونص مسلم فهنا كان قصد الرئيس السيسي بإعلاء القيم الدينية على الإنسانية التي قد يشوبها شوائب من جراء تدخل الإنسان فيها وإساءة إستخدامها مما يضر بالآخر .
مثال آخر العنصرية التي كانت تفرق بين البيض والسود ما هي إلا قيمة من قيم الإنسان التي وضعها ودافع عنها لسنين وتفضيل بعض الأجناس على بعض وجاءت القيم الدينية لتنصف الإنسان والإنسانية فقال الله عز وجل “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”
وقال النبي صلى الله عليه وسلم – لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ ، ولا لأبيضَ على أسودَ ، ولا لأسودَ على أبيضَ – : إلَّا بالتَّقوَى ، النَّاسُ من آدمُ ، وآدمُ من ترابٍ.
فالقيم الدينية يجب إعتبارها الأساس لأنها في الأصل قيم إنسانية من الطراز الأول
الكاتب
-
محمد سعد
خريج كلية الحقوق .. كاتب تقارير نوعية ومتخصص في ملفات التراث الديني والإسلام السياسي
كاتب نجم جديد