الكومنولث مقابر تضم يهود ومسلمين ومسيحين وملحدين
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
الكومنولث هو اتحاد سياسي يضم 53 دولة ومعظم هذه الدول كانت تحت حكم الإمبراطورية البريطانية بالقرن التاسع عشر والعشرين عدا بعض الدول مثل الكاميرون وموزمبيق ورواندا وهذا الاتحاد من أقدم الاتحادات بين الدول والعضوية في هذا الاتحاد تستند إلى التزام بالقيم والإيمان بالحريات وحقوق الإنسان والحكم الرشيد.
هناك أكثر من 150 مقبرة بهذا الاسم على مستوى عالم، وتضم هذه المقابر جثث الجنود الذين لقوا حتفهم من أكثر من دولة بالحرب العالمية الأولى والثانية، وتضم مصر وحدها حوالي 15 مقبرة تابعة للكومنولث.
مقابر الكومنولث بالعلمين
عام 1942 شهدت أرض العلمين معارك عالمية بشعة بين دول الحلفاء التي كانت تحت قيادة القائد برنارد مونتغمري وتحت قيادة الدولة البريطانية، وبين دول المحور التي كانت تضم تحالف بين ألمانيا وإيطاليا بقيادة القائد إرفين رومل.
وقد قُتل على أثر هذه الحرب ألاف الجنود من أكثر من دولة على أرض العلمين، وبالكومنولث وحدها أكثر من 7000 ألاف مقبرة لجنود من أستراليا وبريطانيا وألمانيا ونيوزيلندا وماليزيا وجنوب أفريقيا والهند، كما هناك أسماء أكثر من 11 ألف جندي مفقودين.
وعلى بعد أمتار أخرى بالعلمين هناك المقابر الخاصة بالجنود الإيطاليين ومتحف به أسماء الجنود المفقودين بالصحراء كرمز لما قدموه بالحرب، وكان عددهم 38 ألف جنديا. وتقع المقبرة غرب مدينة العلمين بنحو 5 كيلومترات وهي من أجمل المباني من حيث الفن والمهابة و المعمار.
وتلتحق بالمقبرة كنيسة صغيرة ومدون على الجدران بمتحف تخليد ذكرى الجنود أسماء المفقودين منهم، وحتى الآن يأتي أهالي هؤلاء الجنود كل شهر أكتوبر من كل عام لإحياء ذكراهم وتتجدد دموعهم فور دخول المكان.
بالصور زيارة لكفافيس الشاعر اليوناني السكندري الذي توفى بيوم ميلاده
وهناك مقبرة صغيرة أخرى تقع داخل مقابر الجنود الإيطالين للجنود الليبين الذين حاربوا قهرًا تحت حكم الاحتلال الإيطالي بالحرب العالمية الثانية، وتم تخصيص لهم مقبرة داخل المقابر الإيطالية وبجوارها مسجدًا صغيرًا لزوار المقبرة.
كما هناك مقابر أخرى للجنود اليونانين ماتوا بحادثة بشعة بإطلاق الرصاص عليهم دفعة واحدة فور وصولهم لأرض العلمين، وجمعيهم شباب يتراوح سنهم بين 15 و16 عامًا كانوا بين مرحلة الطفولة والشباب أتوا قهرًا لأرض لا يعرفونها لمسك السلاح وخوض حربًا على أرض أفريقية لا يعلمون عنها شيئًا.
وكان مصير أكثر من 300 جندي يوناني بهذه الواقعة الموت فورًا، والمقبرة اليونانية تشهد على ذلك بالعلمين.أما المقابر الألمانية فتقع غرب مدينة العلمين بنحو
3 كيلومترات وتطل على شاطئ البحر وشيدت عام 1959، ودفن فيها نحو 4231 جنديًا من بينهم 31 جنديا مجهولين الجنسية، ويوجد بها قاعة لمقتنيات الجنود.
ورغم وجود مقابر للجنود اليونانين ومقبرة أخرى للجنود الإيطالين والليبين والألمان ومقبرة صغيرة للجنود الشباب اليونانين، إلا أن مقابر الكومنولث هي أكثر المقابر مهابة لعدة أسباب:
أولا تصميم المقابر، وأنشئت مقابر الكومنولث بموجب الميثاق الملكي البريطاني الذي أصدر عام 1917 لتخليد ذكرى ضحايا الحروب والذين بلغ عددهم نحو مليون و700 ألف جندي قتلوا خلال الحرب العالمية الأولى والثانية.
والمقبرة سعتها كبيرة وتمتلىء بالزروع وصممت بدايتها بشكل هندسي فريد قام بتصميمها المهندس البريطاني السير جون هوبرت ورثينجتون، وتم افتتاحها في حضور قائد الحلفاء في المعركة “برنارد مونتجمري.
وقد صمم سقف مقدمة المقبرة وجدرانها بشكل هندسي يساعد على تنقلات الصوت تكريمًا لجنود المعركة الذين كانوا ينقلون الأخبار فيما بينهم. فبكل ركن تستطيع التحدث بالحائط فيسمعك الطرف الآخر بالحائط الموازي لك.
كما هناك بوسط المكان وبداية المقبرة مركزًا لعلو الصوت وتردده بشكل مختلف، ويوحي من يجربه أنه في ساحة معركة قتالية؛ حيث يتردد الصوت ويعلو ويقشعر بدن من يقف بهذا المركز ويتكلم بداخله.
وأهم ما يميز هذه المقابر هي شواهد القبور التي تدل على دفن جثامين الجنود المسلمين بجانب الجنود المسيحين واليهود والهندوس والملحدين أيضًا
وكأن الأرض تقول كلمات الشاعر عبد الرحيم منصور
لا يهمني لونك ولا بلادك
يهمني الإنسان ولو مالوش عنوان
وفي الحقيقة هناك جند كثر لم يكن لهم عنونًا بالفعل بهذه المعارك؛ جنود مجهولون لم يعرف لهم وطن لذلك كُتب على قبورهم “معلوم لله” أي أن البشر ربما لم يتعرفوا على هويته ولكن يكفي أن الله وحده يعلمه.
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال