المتسول .. وضحك حتى وَقَع على قفاه
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
كنت أسمع تعبيرًا شهيرًا عن الضحك ذو المستوى العالي، الضحك القادر على إصابتك بالحرارة والبرودة والنهجان في نفس الوقت، الضحك الذي يترك آلامًا لذيذة في البطن وقشعريرة لحظية في ظهرك، وكان التعبير “وضحك حتى وَقَع على قفاه”، وكنت أفكّر ما دائمًا ما الذي يمكنه جعل الإنسان أن يقع حقًا على قفاه، ضحك الإنسان كثيرًا وقليلًا لكنه لم ينقلب يومًا على قفاه .. لكن لا إنسان طبيعي يمكنه أن يقف (على طوله) إذا عُرض فيلم “المتسول” على شاشة من الشاشات .. فهذه القطعة الفنية الوحيدة التي يمكنها إسقاطك على قفاك دون مواربة .
ينقسم فيلم المتسول، وهو بطولة الزعيم عادل إمام، وإسعاد يونس، وسيد زيان، ووحيد سيف .. ينقسم إلى ثلاثة أقسام من الضحك، لكن لكل ضحكٍ فيهم مذاقه الخاص، عندك مثلًا أول نزول المواطن الريفي إلى المدينة الذي لعب دوره عادل إمام، والضحك القادم من بلاهته وطيبته مقابل تقدم وسرعة وخبث المدينة، ثم يذهب الضحك إلى مرحلة (الصريخ) عندما ينضم إلى شلة المتسولين وتنشأ بينه وبينهم علاقة بين الكره والولاء والاضطهاد معًا .. ثم يطير بنا الضحك إلى نوع جديد هادئ في بدايته عندما يدخل هذا الريفي في قصة حبه الجديدة ثم يرتفع إلى مرحلة “ضحك حتى انقلب على قفاه” عندما يحاول الريفي مع حبيبته التخلص من المتسولين .
” أنا أغيب زي ما انا عايز يا هاموش!.. انا لما بغيب مبغيبش أونطه.. أنا بغيب عشان أفنن.. عشان أرسم.. عشان أخطط.. انا شغلتي شغله مزاج يا استاذ” .. هذه الكلمات الشهيرات التي جاءت على لسان “الدكتور” الذي لعب شخصيته “وحيد سيف” كانت كفيلة بصنع حالة من “كريزة الضحك” لكل من يشاهدها للمرة الأولى أول الثانية أو الألف .. فعلاقة الدكتور أيضًا بباقي فريق المتسولين كان كفيلًا بخلق ضحكًا جديدًا من نوعه .. حيث لكل فرد فيهم أهميته الخاصة بين الفريق ولا تستطع وأنت تشاهد الفيلم أن تفصل بين الضحك الصادر منه وأهميته .. لم تكن فقط حالة هزلية من الضحك لكنها كانت شخصيات محبوكة بإحكام حيث يقطر الضحك منها قطرًا دون معاناة تمثيلية أو على مستوى المشاهدة.
مشهد الفرح من فيلم المتسول
فيلم المتسول مدته ساعتين كاملتين، يمكنك أن تقوم بعمل تجربة شديدة البساطة لكن من خلالها ستدرك قيمة هذا الفيلم في تاريخ الكوميديا السينمائية المصرية .. ستفتح الفيلم على “يوتيوب” وستضغط على أي نقطة بالشريط الأحمر الموضح لمدة الفيلم، أي نقطة حرفيا ستجد نفسك تشاهد موقفًا مضحكًا، أو حركة شديدة البلاهة من “خليل الغبي” الذي لعب دوره الفنان العبقري سيد زيان، أو غيرها من (مناكفات) بطلنا مع باقي أفراد العصابة، أو نظرة تكبر مبالغ بها من “الدكتور”، أو حتى عبارة من علاقة الحب بين إسعاد يونس وعادل إمام .. أو يمكن أن حظك وفيرًا فتشاهد مشهد الفرح الأخير وهو – في رأينا- من أكثر المعارك كوميدية على مستوى التصميم والتنفيذ بتاريخ السينما .. المهم أنك ستضحك!
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال