المجهول عن نفي رفاعة رافع الطهطاوي خارج مصر “حقد علي مبارك عليه كان السبب”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
غمامة تاريخية حول نفي رفاعة رافع الطهطاوي تمثل لغزًا لدى كثيرين، فالرجل اكتسب مكانة كبرى زمن محمد علي باشا ووصل لأعلى قمة ومع عصر عباس الأول انحدر لأسفل بؤرة.
نفي رفاعة رافع الطهطاوي .. تفسيرات حيرت المؤرخين
كانت سياسة عباس الأول مغايرة لعهد محمد علي باشا فالأخير أسس مصر الحديثة بينما عباس الأول وجه كل عداءه للإصلاح فأغلق كافة المدارس وهو الشيء الذي أغضب رفاعة الطهطاوي ونشأ العداء بينهما حتى وقع عباس قرار نفي رفاعة رافع الطهطاوي إلى السودان.
اقرأ أيضًا
الأزهر ومحمد علي باشا “فرص ضائعة للتقدم أحزنت الإنجليز والعطار”
لم يفصح رفاعه عن السبب الحقيقي للنفي واكتفى بأن جعل الوشاية هي السبب، مما فتح مجالاً للمؤرخين أن يجتهدوا، وكان أولهم عبدالرحمن الرافعي الذي قال «كتاب تخليص الإبريز كان سببًا يتَّصل بنفيه؛ إذ لا يخفَى أنه طُبِع للمرة الثانية سنة في أوائل عهد عباس باشا، والكتاب يحوي آراءً ومبادئ لا يرغَب فيها الحاكم المُستبد. وعباس باشا الأول كان في طبعِه مُستبدًّا غشومًا، فلا بدَّ أنَّ الوُشاة قد لفتوا نظره إلى ما في كتاب رِفاعة بك ممَّا لا يروق عباس، فرأى أن يُبعِده إلى الخرطوم ليكون السودان منفًى له. ولا غرابةَ في ذلك، فلو أن هذا الكتاب ظهر في تركيا على عهد السلطان عبد الحميد لكان من المُحقَّق أن يكون سببًا في هلاك صاحبه، فمن الجائز أن يكون عباس باشا قد رأى نفيَ رفاعة وأمثال رفاعة إِلى السودان ليُبعِدهم ويُبعِد أفكارهم وثقافتهم عن مصر، واتَّخذ لنفيهم صورةً ظاهرةً وهي إنشاء مدرسة بالخرطوم».
تصور آخر ذهب إليه الدكتور عزت عبد الكريم حيث قال أنَّ هناك احتمالَين لإبعاد رِفاعة إلى السودان خلال عهد عباس حلمي الأول، أولهما: سعي علي مبارك الذي عاد من أوروبا مليئًا بالأطماع والذي كان يَحقِد على رِفاعة ما أصابَ من مكانة وقد قرَّب عباس إليه علي مبارك وأبعد رِفاعة إلى السودان، فلما خلَفه سعيد قرَّب إليه رِفاعة وأبعد علي مبارك إلى القِرم، والثاني: ما يُحتمَل أن يكون رِفاعة قد لقِيَه من مُعارضة بعض المشايخ المُتعصِّبين الذين ربما عدُّوه مُتطفِّلًا على مَيدانهم في دراسة الشريعة والفقه».
المؤرخ جمال الشيال إزاء كل هذه الاجتهادات قال «هذه كلها تفسيرات احتمالية أو اجتهادية تفتَقر إلى سندٍ تاريخيٍّ مادي وأصدَقُ منها في نظري ما ذكره رِفاعة نفسه من أنه سافر إلى السودان بسعي بعض الأُمراء بضميرٍ مُستترٍ بوسيلة نظارة مدرسة بالخرطوم وإن كان لم يذكر أسماء هؤلاء الأمراء أو ماهية الوِشاية التي وشَوا بها ضِدَّه».
وعن فترة النفي للسودان قال رفاعة الطهطاوي «توجَّهت بالقضاء والقدر إلى بلاد السودان، وليس فيما قضاه الله مفر، أقمتُ بُرهةً خامد الهمة، جامد القريحة في هذه المُلِمَّة، حتى كاد يُتلفني سعير الإقليم الغائر بِحرِّه وسمومه، ويبلَعني فيل السودان الكاسر بخرطومه، فما تَسلَّيتُ إلا بتعريب تليماك، وتقريب الرجاء بدور الأفلاك».
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال