المهدي المنتظر.. دين أم محض أسطورة؟
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
المسيا ..المخلص .. المهدي المنتظر ، مصطلحات تناقلها العقل المشرقي للتعبير عن فكرة الشخص الخارق الذي يُخلص العالم من كل الشرور، ويصحح الأوضاع وينتصر لأهل الحق ضد أهل الباطل وغيرها من التوقعات والأفكار التي يتناولونها بين الأديان وبين الاساطير .
وفكرة المخلص فكرة موجودة في الحضارات القديمة على كافة اختلافها لا تقتصر على دين دون الآخر أو حضارة دون الأخرى فهي موجودة في الديانات الوضعية كالزردشتية أو الديانات الإبراهيمية ( اليهودية – المسيحية- الإسلام) كلها مليئة بفكرة واحدة وهي فكرة المخلص المنقذ للعالم .
و مرجح أن فكرة المخلص هي فكرة أسطورية الأصل خُلقت من أنساق وعي الإنسان قديمًا ثم تداولتها فئات المجتمعات المختلفة، تناقلتها و ولفتها حسب طبيعة البيئة الموشوحون بها ثم دمجت مع فكرة الدين، ثم ارتبطت فيما بعد بالسياسة حتى يخضع المحكومون لحكامهم منتظرين قضاء الله وظهور المهدي أو المخلص.
المخلص والأديان المشرقية
ولعل انتشار فكرة المهدي أو المخلص قد ظهرت واكتملت أركانها ومعالمها في الأديان المشرقية نظرا لما تحمله من شعائر و روحانيات تصوف، في الوقت الذي اهتم فيه الغربيون بالدراسات المادية والفلسفات التجريبية وهو من أسهم في اكتمال نمو تلك الظاهرة، وفي تلك النقطة يقول الدكتور أحمد أمين في كتابه”المهدي والمهداوية”:” إن فكرة المهدية قد سادت الشرق أكثر مما سادت الغرب؛ لأن الشرقيين أكثر أملا وأكثر نظرًا للماضي والمستقبل، والغربيين أكثر عملا وأكثر نظرًا إلى الواقع، فهم واقعيون أكثر من الشرقيين؛ ولأن الشرقيين أميل إلى الدين، وأكثر اعتقادًا بأن العدل لا يأتي إلا مع التدين”.
ولنلقي نظرة على فكرة المخلص في الأديان كنموذج لتوضيح التشابه القوي حد التطابق بين المهدي المنتظر في الأديان .
سوشيانت..المهدي المنتظر في الديانة الزرادشتية
إن المنقذ الذي تمّ التعبير عنه في الدين الزرادشت وموجود في الكتب الإيرانية القديمة حمل اسم” سوشيانت” وجاء على معنيين فالأول بمعنى “مطلق المنفعة” والثاني “المنجي الموعود” ونحن بصدد المعنى الثاني، ومع تتبع جذور الاعتقاد بسوشيانت في المصادر الزرادشتية والرسائل الدينية نجد أن زرادشت قد استعمل كلمة سوشيانت كتسمية له، أما في النصوص المتأخرة مثل “رندوهومن يس” موجود المصلح بكثرة ويشير إلى حاكم عادل أو شخص يخلص العالم من كل الظلم الواقع عليه.
المهدي حسب الاعتقاد السماوي
يعتقد اليهود أن المسيا أو المهدي من نسل النبي داود واسموه بالمسيح، هذا الشخص يقيم سلوكهم ويصلح ما فسد من أخلاقهم ويقيم العدل فيهم، وعلى الرغم من إيمانهم بفكر المسيح المخلص إلا أنهم أحاطوا الشخصية بالغموض .
ومن اليهودية إلى المسيحية فشخصية المخلص المنقذ للبشرية هو سيدنا عيسى ابن مريم ففي اعتقادهم أنه سيعود إلى الأرض ويحاسب البشر على ما اقترفوه من خطايا.
وفي الإسلام فإن ظهور المهدي المنتظر يرتبط بآخر الزمان حيث يظهر ويخلص العالم من الظلم وينشر الاسلام ويحارب اليهود وينتصر عليهم إلا أن شخصية المهدي المنتظر في ذاتها مختلفة في المذاهب الإسلامية بين الشيعة والسنة ومختلفة بين مذاهب الاتجاه الواحد، وهناك من رفض الفكرة من أساسها واعتبرها محض خرافة ومنهم ابن خلدون والشيخ يوسف القرضاوي والشيخ محمد الغزالي والشيخ رشيد رضا وغيرهم.
فكرة الخلاص هي فكرة حملت من الأسطورة والعقل الشعبي أكثر من فكرة الدين لذلك نجدها متداولها بنفس الصورة والتيمة النهائية بين الأديان المختلفة والثقافات والحضارات المختلفة لعل انتشارها هو نوع من إسكات العقل عما يتعرض له من ظلم أي الخنوع مقابل القوة.
الكاتب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال