المونديال بالمصري (9) .. عندما اختار الجمهور أحمد زويل وترك المونديال
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
من خلال ثمان حلقات من سلسلة مقالات (المونديال بالمصري) وعددها 10 وهذا هو المقال التاسع والحلقة قبل الأخيرة فيها، والتي قدمّها موقع الميزان على مدار أيام مونديال قطر 2022 ، وكانت عبارة عن ظلالًا لمونديال كأس العالم تأثر بها المجتمع المصري أو فردًا من أفراده .. والفكرة السائدة التي تكشّفت أمامنا بعد البحث في تلك الظلال أن ثمة طغيان وسطو للحالة العامة التي يضفيها المونديال على أي حدث آخر، من خلال الحلقات تبيّن إلينا أن ثمة معاناة عانتها دور السينما والراديو والمسارح التي تزامنت مع أيام المونديال والتي كان كأس العالم سببًا رئيسيًا في تأجيلها، وحتى وصل الأمر في سنة من السنوات إلى مطالبات بتأجيل امتحانات الثانوية العامة لترك مساحة الراحة للتلاميذ وأولياء الأمور للمشاهدة دون ضغوط .. أمّا عن تلك الحلقة (9) فكانت هي الأعجب حتى الآن .. وهنا تغيرت القاعدة عن يد الدكتور المصري العظيم صاحب نوبل : أحمد زويل .. وهذا ما تم توثيقه بقلم الناقدة ماجدة موريس عندما كانت تكتب لجريدة الجمهورية، وكان ذلك في عدد 18 يونيو 1998 .
حدث الأسبوع الإعلامي والثقافي جاء من البرنامج العام للإذاعة، ومن عمر بطيشة المثقف والإذاعي والمدير الذي استضاف الدكتور أحمد زويل على الهواء في حوار مع المستمعين كان مدته ساعتين، لكن استجابة الناس المذهلة وحماسهم كسرت القاعدة، وتسببت في إلغاء البرامج تباعًا ليستمر الحوار حتى ساعات الصباح الأولى .
هذا الحدث هو انتصار حقيقي لابد أن ندرك مغزاه .. فهو انتصار للإعلام اليقظ المدرك لرغبات الناس واتجاهات الدنيا في نهاية قرن ومطلع آخر جديد .. وهو انتصار للإذاعة (الصوت) على التليفزيون (الصورة) في عز مجد التليفزيون وأثناء مباريات كأس العالم للكرة التي تحقق ذروة مشاهدة لا شك فيها … لكن الحياة ليست كرة قدم فقط .. إنما يوجد العلم والقدرات والفضائل والقيم التي تجمعت في شخص أحمد زويل المصري الذي أصبح واحدًا من أنبغ علماء العالم .. وهذه الصفات التي تجمعت فيه جعلته نجمًا في قلوب ملايين لا يعرفونه شخصيًا، لكنهم سمعوا عنه (وهذا فضل الإعلام) .
بل إن الكثيرين كتبوا يطالبون التليفزيون في الشهر الماضي ببث حفل تقليده أعلى وسام علمي أمريكي على الهواء، ومع أن هذا لم يحدث، إلا أن الناس لا تنسى، رغم أن التليفزيون نفسه نسى، ولكن جاءت الإذاعة لتقوم بالدور، ولتثبت أن جهاز الإعلام المصري قادر على إدراك قيمة وجوهر الرسالة التي يجب أن يطرحها على ملايين الناس من خلال ما فعله عمر بطيشة الذي (سرق كاميرا) مهمة في وقت صعب ! وتصرف بمرونة وذكاء تجاه رغبة الضيف ورغبات المستمعين في استمرار الحوار .
وهنا علينا أن نذكر السادة المسئولين ومعدي البرامج بأن ينتبهوا إلى تعطّش الجمهور المصري لنوعيات أخرى من الضيوف غير الفنانين ولاعبي الكرة، ومستويات أخرى من الحوارات غير التي اعتادها طويلًا، ولغة أخرى للخطب تلائم العقل والمنطق وتبتعد عن المبالغة والمهاترات .
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال