الميزان يكشف سر قرار هدم العقار 20 الكائن بشارع الروضة
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
يعتبر الشكل المعماري صفة معبرة عن البعد الجمالي والثقافي للمجتمع، وهو في نفس الوقت موروث ثقافي للأجيال المتعاقبة، ومن هذا المنطلق قررت وزارتي الثقافة والآثار حصر المباني ذات الطراز الفريد تزامنا مع التغيرات الجذرية الحاصلة في المجتمع المصري في النصف الثاني من القرن العشرين، هذه التغيرات التي لا تعبئ مطلقا بالقيم الحضارية والأشكال المعمارية التي تعبر عن هوية الوطن.
ولم يكتفي المواطنون بالتشوه والفوضى العمرانية الحاصلة، بل عملوا على هدم المباني ذات التراث الحضاري لتحل محلها العقارات الأكثر ربحا؛ هذه العقارات لا تحمل نفس القيمة الفنية في المبنى القديم. من هنا ظهر دور الجهاز القومي للتنسيق الحضاري التابع لوزارة الثقافة.
ويعمل الجهاز القومي للتنسيق الحضاري على رصد وتوثيق التراث المعماري المتميز كذاكرة للمدن المصرية، إلى جانب إنقاذ الأحياء التراثية بها، وذلك بإعداد خطط التطوير وإعادة التوظيف والتأهيل والصيانة والترميم.
وعلى هذه الرؤية الثقافية والأثرية قامت اللجنة النوعية المختصة بالجهاز بإعداد دليل أسس ومعايير التنسيق الحضارى للحفاظ على التراث المعماري، وأدرجت عدد كبير من المنازل في مصر القديمة في سجلاتها كونها تتميز بتفاصيل معمارية مدهشة.
ورغم الجهد التي تبذله وزارة الثقافة في الحفاظ على الهوية الثقافية تقوم وزارة النقل المصرية بهدم هذه الهوية بحجة المصلحة العامة، إذ قررت وزارة النقل بهدم المنازل المدرجة في قائمة التنسيق الحضاري بهدف إنشاء خط مترو رغم وجود البدائل مع الحفاظ على هذه المنشأت الثقافية، والعقار رقم 20 الكائن بشارع الروضة حي مصر القديمة.
معمار إيطالي فريد
يعود إنشاء عقار 20 الكائن بشارع الروضة إلى عام 1922 أي أن المنزل تخطى الـ100 عام، وقد أدرجته وزارة الثقافة المصرية في قوائمها كون العقار ذات طراز إيطالي فريد، وبه من التفاصيل الفنية والثقافية التي تعبر عن هوية حي مصر القديمة في حقبة تاريخية ما.
كما أنه في العام 1992م صمد هذا العقار أمام الزلزال الذي ضرب مصر هذا العام، ورغم تضرر المنازل المجاورة له، لكنه بقي شامخًا راسخًا ليؤكد للمهتمين بالهوية والثقافة دوره في التعريف بهذه المرحلة، لكن وزارة النقل لها رأي آخر.
النقل تقرر هدم العقار الثقافي الحضاري
ورغم صمود المنزل أمام العوامل الطبيعية مئة عام أو يزيد قرر “وزير النقل” هدمه بهدف إنشاء الخط الرابع من مترو الأنفاق، دون التحقيق من الأضرار الناجمة عن هذا ومدى الضرر الواقع على سكان العقار و الواقع على هوية مصر الحضارية.
وحقق” الميزان” في تلك الواقعة، وأكدت مصادر مطلعة رفضت ذكر أسمها- على تلك الرواية، وأكدوا أن هناك صراعًا قائمًا بين وزارتي الثقافة والنقل على هذا العقار وعقارات أخرى، وقد قدم سكان العقارات تظلمات عدة لوقف هذا الهدم لكن لا أحد يستجيب.
وفي نفس السياق هناك مبنى قائم 22 الكائن بشارع الروضة حي مصر القديمة، فهو على نفس خط مبنى العقار 20 سابق الذكر، ومن العجيب أن هذا المبنى رغم وجوده في قائمة التنسيق الحضاري إلا أنه قد صدر قرر إزاله بسبب تصدعه جراء زلزال 1992، ولم ينفذ هذا القرار إلى الآن أو يُرمم، وهنا ذكر أصحاب المحال والسكان لماذا لا يستبدل وزير النقل العقاريين بعضهما ببعض؟ مع العلم أن هذا لن يكلف “النقل” شيء فقط تأخير المشروع أمتار قليلة.
وهذا ما جعل سكان العقار 20 يقدمون شكوى إلى النائب العام المصري، وكان مفاد الشكوى أن وزارة النقل تهدر المال العام بشكل صريح إذ أن وزارة النقل ستقوم بدفع تعويضات لسكان العقار والمحال في حين أنه لو استبدلوا العقار بالعقار 22 لن تدفع الحكومة مليما فالمبنى غير مأهولة بالسكان وهناك قرار صادر بالفعل بإزالة العقار.
عقار 20 شارع الروضة مثال على الفوضوية التي تتعامل بها الحكومة، هكذا قال أحد المتضررين، وأضاف أنه إذا ما أخذت النقل العقار من وزارة الثقافة، فإننا أمام جريمة كبرى يحاسب عليها المسؤول، فالعقار المنوط بالإزالة يقع على خط التنظيم في المنطقة، إذ أن المحليات قد أخرت العقار رقم 30، 28، 14 حوالي 17.5 متر بهدف توسعة الشارع، لتنظيم الحركة المرورية إلى وأشياء أخرى، وقد نفذت هذه المشاريع بالفعل، وقد تحقق” الميزان” من هذه الأقوال عن طريق مصدر رسمي بحي مصر القديمة إلى جانب وجود الصورة التي تعبر عن هذا القرار، وبالتالي إذا تم تنفيذ هذا القانون الفعلي فإن العقار المنوط لن يتبقى منه سوى أمتار قليلة لن تكفي لإقامة أي محطة مترو.
ويتساءل المتضررين.. هذه القرارات المتضادة من المسؤول عنها، ولماذا تتعنت وزارة النقل المصرية في مثل هذه القرارات، ورغم تأكيد التنسيق الحضاري على أهمية هذا العقار وعقارات أخرى لماذا ترفض “النقل” ترك ما يعبر عن الهوية المصرية التي تسعى وزارة الثقافة على بقائها وتأكيدها.
وحتى تكون الصورة واضحة تمام الوضوح، فهناك قرار تم تداوله على السوشيال ميديا بخصوص عقار 20، هذا القرار صادر من وزارة الإسكان، وبحسب ورثة العقار فإن وزارة الإسكان ليس لها علاقة من قريب أو بعيد بتلك المشكلة، المعني هي وزارة الثقافة ووزارة النقل حتى إنهم لا يتدخلون في بعض الأمور كون” التنسيق الحضاري” يقوم بدوره للحفاظ على هذا المبنى موجهًا وزارة النقل، بل ورفضت أي تظلم من شأنه يدعم قرار النقل بإنشاء مترو أنفاق مكانه.
إذا ما تم تداوله في هذه الجزئية خطأ لا أساس له من الصحة، وأن الصحيح ما تم ذكره تفصيلا في هذا التقرير.
اقرأ أيضا: الموانئ المصرية على خارطة المنافسة الدولية وتحالفات إقليمية لضرب قناة السويس
الكاتب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال