الميكروباص يبحث عن مُطربه .. أثر رمضان البرنس الذي فقدناه
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
“لحد اللحظة اللي انا بكلمك فيها دي أنا متخيل إن رمضان هيخبط الباب ويخشّ عليّا” .. بتلك العبارة أختتم هاني البرنس، عازف الدرامز في فرقة المطرب الشعبي الراحل رمضان البرنس، ظهوره في الفيلم الوثائقي “ساعة الغروب” من إنتاج شركة cmc بالشراكة مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية .. الفيلم الذي ألقى الضوء، بل شمّر صُنّاعه الأكمام وابعتدوا عن الكليشية المُعتاد عن “المطرب الشعبي ابن البلد صاحب الصوت الأجش الذي يدخن الممنوع ليل نهار لكنه لا يترك فرض ويلبس الألوان البرّاقة ولا يتخلّى عن الفيسبا الصيني والكلب البلاك جاك”، وفتّشوا عن الإبرة في كوم القشّ .. وعثروا على سيرة حقيقية للمطرب الشعبي الإنسان رمضان البرنس، وتلخّصت في عدة زوايا رئيسية من ضمنها علاقته بأعضاء فِرقته، وجذوره داخل مجتمعي شبرا وحلوان، ونقلة أضواء النجومية عندما “نوّر الله عليه”، وخط النهاية الذي ارتسم قبل أوانه .. لكنه ترك لك سؤالًا ربما أجاب عنه ضيوف الفيلم لكن على المستوى الشخصي، وها نحن نحاول البحث عن إجابه له على المستوى العام .. ماذا لو أن رمضان البرنس يعيش حتى يومنا هذا؟
يُحكى في فيلم “ساعة الغروب” أن رمضان البرنس كان دائم الإطلاع على كل ما هو جديد في الإذاعة، وكانت تلك المهمة مخصصة لأحد أفراد الفرقة الذي يتحدث إليه كل صباح ليخبره ما يطلب الشارع من أغاني، بمعنى أن الاحترافية في التسويق على صعوبته وقتها كان لازمًا لصناعة أسطورة كرمضان البرنس، كان قد صنع “سيستم” خاص به، حتى إن أحد ضيوف الفيلم يقول “كان ممنوعًا أن يلعب أيًا من أعضاء الفرقة دور الآخر” .. تلك الاحترافية التي لم تنقص من فنّه شئ ولم تمر إلى داخله ولم يتحجّر صوته ليصبح صوتًا معبرًا عن مكتب إدارة أعمال لا فنان شعبي متسق مع الجماهير .. حيث أن معظم المطربين الشعبيين الآن اتجهوا إلى “السيستم” الجاف الذي أبعدهم عن الجمهور فأصبحوا أصواتًا لا تختلف كثيرًا عن الصوت الآلي للهاتف المحمول “الهاتف الذي طلبته غير متاح حاليًا” .
فيلم “ساعة الغروب”
ومعروف أن رمضان البرنس يعد في العرف المصري “فقيدًا للشباب” حيث توفى في حادث مروّع ألقى فيلم “ساعة الغروب” على تفاصيله الضوء، بل أدخلنا صُنّاع الفيلم داخل السيارة في لحظتها الأخيرة من خلال شهادات ضيوف الفيلم الذي كان أحدهم في المقعد الخلفي للسيارة قبل أن تنقلب وتسقط في المياة معلنة مصرع “البرنس” أسطورة الشعبي كما كتبت صفحات الحوادث في الصحف المختلفة .. وإذا فتحنا احتمالية “لو” أنه استمر على قيد الحياة في رأينا لكان للفن الشعبي ما يشبه العمدة الحقيقي بخلاف عدوية الذي يعتبر الأب الروحي للوسط أكثر منه عمدة فاعل أحداثه، وعبد الباسط حمودة الذي ساعدته حالة الفراغ في رموز الوسط الشعبي على التنصيب كشيخ قبيلته.
وعندما تنظر في تاريخ رمضان البرنس والذي حتى الآن تنال أغنياته إشادات على نطاق واسع، من ضمنها تعليقات لجماهير من الجيل الجديد والذي أبرزها فيلم “ساعة الغروب” خلال تقديم سيرته، تجد أن الرجل كان غزير الإنتاج المتماسك على صغر عمره، تلك الحالة التي كانت ستساعده اليوم – على فرضية أنه قد ظل على قيد الحياة- على تواجد اسمه في قائمة التريندات الدائمة والتي يحاول الفنانين الشعبيين الحاليين بكل ما أوتوا من استظراف التواجد بها من خلال فيديوهات قصيرة يسخر فيها معظمهم من نفسه، لا يقدم صوتًا شعبيًا حقيقيًا يعدل مزاج أصحاب الميكروباص الذين فقدوا صوت المشاوير الحقيقي والذي حتى الآن لم ينساه البعض منهم.
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال