النبي محمد حي في قبره يصلي “أصل مقولة لا زالت تثير الجدل بين علماء الدين”
-
منتهى أحمد الشريف
منتهى أحمد الشريف، باحثة شابة في العلوم الإسلامية، تخرجت من كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
لعل أكثر المسائل المتعلقة في معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم أن النبي محمد حي في قبره يصلي الفرائض، وأدت تلك المسألة إلى جدلٍ بين العلماء بين مؤيدٍ ورافض لأن النبي بشر كباقي البشر ويسري عليه ما يحدث للأموات عدا أكل جسدهم.
الرأي الصحيح في أن النبي محمد حي في قبره يصلي
الأنبياء أعلى مرتبةً من الشهداء الذين قال فيهم الله عز وجل «وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ۞ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ۞ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ»، وبالتالي فإن حال الشهداء وإن كان كذلك فلا يستغرب أن يكون للأنبياء أحوال أخرى.
اقرأ أيضًا
لماذا تصر كتب الصوفية على وصف النبي بـ أجير وجرثومة الشرف ؟
شرعًا فإن حياة الأنبياء في قبورهم ثابتة بالأدلة الحديثية وشرح العلماء وحتى القرآن، فالله سبحانه وتعالى نص على أن الشهداء أحياء والإجماع على أن الأنبياء أرفع درجة من الشهداء؛ وفي هذا قال الإمام ابن حزم في كتاب المحلى «ولا خلاف بين المسلمين في أن الأنبياء عليهم السلام أرفع قدرًا ودرجةً وأتم فضيلةً عند الله عز وجل وأعلى كرامةً مِن كل مَن دونهم، ومَن خالف في هذا ليس مسلمًا».
أما الأحاديث فهي كثيرة وتثبت أن النبي محمد حي في قبره ومنها ما رواه أبو يعلى والبيهقي عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسيم «الْأَنْبِيَاءُ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ يُصَلُّونَ»، وذكر علماء الصوفية عدد أقوال للعلماء مثل الحافظ السخاوي في كتاب القول البديع، والقرطبي في كتاب التذكرة وابن القيم في كتاب الروح.
وفي كتاب الحاوي للفتاوى قال الحافظ السيوطي وفي كتاب إنباء الأذكياء بحياة الأنبياء ما نصه: «حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قبره هو وسائر الأنبياء معلومةٌ عندنا علمًا قطعيًّا؛ لما قام عندنا من الأدلة في ذلك وتواترت به الأخبار الدالة على ذلك»، أما الإمام ابن القيم في كتاب الروح قال «صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم اجتمع بالأنبياء ليلة الإسراء في بيت المقدس وفي السماء خصوصًا بموسى عليه السلام، وقد أخبره بأنه ما من مسلم يسلم عليه إلا رد عليه السلام، إلى غير ذلك مما يحصل من جملته القطع بأن موت الأنبياء إنما هو راجعٌ إلى أنهم غُيِّبُوا عنا بحيث لا نراهم وإن كانوا موجودين أحياء، وذلك كالحال في الملائكة؛ فإنهم أحياءٌ وموجودون ولا نراهم».
ويعلق الشيخ محمد سيد طنطاوي على أقوال العلماء في تلك المسألة بقوله «إن الموت ليس بعدمٍ محضٍ، وإنما هو انتقالٌ من حالٍ إلى حالٍ، ويدل على ذلك أن الشهداء بعد موتهم وقتلهم أحياءٌ عند ربهم يرزقون فرحين مستبشرين وهذه صفة الأحياء في الدنيا، وإذا كان هذا في غير الأنبياء كان الأنبياء بذلك أحق وأولى، ويحقق ما ذكره هؤلاء الأئمة من تواتر الأحاديث الدالة على حياة الأنبياء تواترًا معنويًا أن حديث عرض الأعمال عليه صلى الله عليه وآله وسلم واستغفاره لأمته وسلامه على من يسلم عليه وَرَدَ من نحو عشرين طريقًا، وحديث الإسراء وَرَدَ من طريق خمسةٍ وأربعين صحابيًّا، وقد نص الحاكم والحافظ السيوطي على أن حديث الإسراء متواترٌ؛ قال بعضهم: لا شك أنه يؤخذ من هذه الأحاديث أنه صلى الله عليه وآله وسلم حَيٌّ في قبره، وذلك أنه محالٌ عادةً أن يخلو الوجود كله من واحدٍ يُسَلِّم عليه في ليلٍ أو نهار، وبالتالي فإن النبي محمد حي في قبره يصلي وأن جسده الشريف لا تأكله الأرض، والإجماع على هذا، وهذه الحياة الثابتة للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم والأنبياء والشهداء حياةٌ برزخيةٌ لا يعلم حقيقتها إلا الله، ولا ينبغي الخوض في معرفة حقيقتها.
الكاتب
-
منتهى أحمد الشريف
منتهى أحمد الشريف، باحثة شابة في العلوم الإسلامية، تخرجت من كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال