النسوية على مذهب نهاد أبو القمصان
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تسأل نفسك أحيانًا، لماذا تُقابل معظم النبرات النسوية المصرية بالسخرية طوال الوقت، حتى إن كان الكلام دون تطرف .. بمصر – وبعد واقع السوشيال ميديا الجديد – بدأت الحقوقيات في مجال النسوية كسب أرض أكبر في معركة المساواة المقدسة، والتي بدأت بهدى شعراوي في صحراء الحقوق الجافة، واستكملتها الدكتورة نوال السعداوي في طريقها الوعر، ثم ظهر الكثير من الأصوات المتصديات لأزمات النسوية .. لكن المُلاحظ أن حملات شديدة الشراسة بين السخرية، وقطع الطريق عن التواصل الحقيقي والأخذ والرد، والوصول لنقاط أساسية للتفاهم .. لكن، ولأن هناك استثناء دائم للقاعدة، فإن الأستاذة نهاد أبو القمصان تعد نقطة من النقاط القليلة المتزنة فيما يخص الأرضية المشتركة للتفاهم عبر المنهج النسوي المنطقي القابل للتطبيق في مصر.
ونهاد أبو القمصان تاريخ طويل من العمل في ملف حقوق المرأة، عُرفت منذ خروجها على شاشة القاهرة والناس ببرنامج “حكايات نهاد”، وفيه تناقش الأزمات الأساسية التي تطحن النساء طحنًا بلا صوت بسيط متزن يشرح لهم حقوقهن اللائي تغفلهن أغلبهن، وتختصر لهم مشاوير المصالح الحكومية الروتينية، وكذا أزمات البنات في الميراث، ويتم هذا عن طريق اقتراحات لأسئلة بسيطة وواضحة وتصب في صُلب الموضوع، فتكون الحلقة عبارة عن نقاط محددة يمكن العودة إليها كمرجع لأصحاب الأزمة، محتوى حقيقي يمكن متابعته والاستفادة منه، أو على الأقل احترامه إن كنت ليس من المتضررين .. بالمقارنة مع محتوى “أنفلونسر النسوية الجدد” الذين يقدمون المحتوى الخاص بعلاقة الرجل والمرأة فقط، فإن نهاد أبو القمصان صاحبة نشاط أشمل وأهم بالنسبة للفئات المختلفة من المرأة، وليس حصر أزمات المرأة في الحب وشهر العسل والأوت فيت والفليرت.
حتى إن حكايات نهاد أبو القمصان التي تكتبها عن زوجها السياسي الراحل حافظ أبو سعدة، هي في حد ذاتها محتوى إرشادي للمُقبلات على الزواج، حيث الترابط الكامل والاتزان بين الحب والمسؤولية، الرومانسية والمعيشة، الغزل والسعي على أكل العيش، الاشتراكية والرأس مالية، باختصار تعتبر حكاياتها مع زوجها الراحل نافذة على الحياة، وكتالوج يمكنك من خلاله وضع خطة وخريطة لحياتك المقبلة مستعينًا بروحه لا بقالبه.
كانت نهاد أبو القمصان قد وقفت وقفة حقيقية مع مُعلمة الرحلة النيلية، هذه الضعيفة التي هاجمها البعض بشراسة، وقلبوا حياتها رأسًا على عقب، بعد فيديو نشره خائن لها وفيه ترقص مع زملائها، تسبب هذا الفيديو في طلاقها وتركها لوظيفتها، وكانت نهاد أبو القمصان على العهد دائمًا حيث أوجدت لها وظيفة داخل مكتبها كمصححة لغة عربية، واحتفى بهذا الموقف مجتمع السوشيال ميديا، لكن النقطة التي يجب أن نسلط عليها الضوء، هو الموقف الشامل والنظرة الحقيقية البعيدة عن التريند، حيث وجّهت السيدة نهاد القضية حيث ضرورة معاقبة الشخص الخائن الذي نشر الفيديو، كما لم تنسى مواجهة زوج المُعلمة وإلقاء اللوم عليه بهدوء دون إدّعاء وصراخ مُدّعيات الدفاع عن المرأة .. وليس هذا بالموقف الجديد عن السيدة نهاد التي شاركت في تأسيس مشروع المساعدة القانونية للنساء منذ عام 1994 ، والالتحاق بالمنظمة المصرية في برنامج المرأة عام 1995 .. هكذا يكون التصدي الحقيقي للقضايا المهمة .
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال