“النورمانديون في إيطاليا” كيف بدأت العلاقة ؟
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أصبح النورمانديون في إيطاليا من القوى المؤثرة بعدما كانوا مصدر الرعب والذهول في أوروبا في القرن الحادي عشر، فمن موطنهم الجديد في إقليم نورماندي الفرنسي، نجحوا في قهر إنجلترا ثم جنوبي إيطاليا وصقلية، وظهروا على مشارف القسطنطينية، ونجحوا في القيام برحلات الحج إلى بيت المقدس.
إيطاليا قبل قدوم النورمانديون
كانت منطقة جنوب إيطالي في أواخر القرن العاشر الميلادي وأوائل القرن الحادي عشر مقسمة بين 4 قوى هي المسلمين، والبابوية، والدولة البيزنطية، واللومبارديين.[1]
مع قدوم سنة 1016م دعيت عصبة من النورمانديين وهم في طريق عودتهم من رحلة حج إلى بيت المقدس، للمساعدة في حرب قامت بين اللومبارديين واليونانيين في جنوبي إيطاليا، وسرعان ما توافد النورمانديون الى هذه البلاد المبشرة بالخير في جموع كبيرة.
اقرأ أيضًا
الفايكنج.. قراصنة أوروبا الذين ظلمتهم الأخطاء
جاء الكثيرون من النورمانديين لأن نورمانديا كانت من صغر الرقعة بحيث لا تستوعبهم وتكفي معاشهم، وكان ثمة فارس نورماندي اسمه ثانكريد دي هوتفيل له أبناء كثيرون، ولم يكن له من الأرض ما يكفي لهم.[2]
بمضي الوقت أخذ أبناؤه ينزحون إلى جنوبي إيطاليا، واستطاع أحدهم وهو روبرت جيسكارد أن يصبح القائد النورماندي في جنوبي إيطاليا، فأخذ يعمل على طرد اليونانيين منها، وفي عام 1059 نصبه البابا دوقًا على مقاطعتي أبوليا وكالابريا؛ وقبل وفاته عام 1085 استطاع أن يحارب اليونانيين في بلاد اليونان ذاتها، وخشوا أن يحاول دخول القسطنطينية.
بصمة النورمانديون في إيطاليا
يذكر ويل ديورانت في قصة الحضارة أنه من أعجب الأشياء أن النورمانديون في إيطاليا قد استطاعوا أن يكيفوا أنفسهم بما ينفق مع البيئات الكثيرة المختلفة التي حلوا بها من اسكتلندا إلى صقلية، وأنهم أيقظوا بنشاطهم القوي العنيف الأقاليم والشعوب الراقدة، وأن رعاياهم قد امتصوهم امتصاصاً كاملاً في عدد قليل من القرون حتى اختفوا من التاريخ، لقد ظلوا مائة عام مفعمة بالاضطرابات يحكمون جنوبي إيطاليا التي كانوا فيها خلفاء للبيزنطيين، وصقلية التي ورثوها عن المسلمين. [3]
ورغم فساد النورمان فإنهم لم يفرضوا لغتهم وديانتهم وقوانينهم وأسلوب حياتهم على البلاد التي يقهرونها، فقد سمحوا للمسلمين واليونانيين والإيطاليين بأن يتكلموا لغاتهم القومية، وأن يمارسوا شعائر دياناتهم الخاصة، وأن يحتفظوا بعاداتهم وتقاليدهم، وحكمهم المتسم بالتعقل جعل هذه الفترة عهد ازدهار كبير في جنوبي إيطاليا وجزيرة صقلية، وأدى امتزاج الشعوب إلى قيام أنماط رائعة من الفن والمعمار لا تزال نماذج منها تشاهد في جزيرة صقلية.
[1] خالد محسن حنفي، الأوضاع السياسية في جنوب إيطاليا قبيل السيطرة النورمانية، جامعة حلوان، ص22.
[2] محررون، موسوعة المعرفة، مـ1، ص54.
[3] مترجمون، قصة الحضارة، ويل ديورانت، جـ15، ط/1، دار الجيل، بيروت، 1408هـ / 1988م، ص253.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال