همتك نعدل الكفة
60   مشاهدة  

الوصاية الأبوية.. بين تأكيد الأحاديث ونفي القرآن (1-2)

الوصاية
  • شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



هل للآباء وصاية على أفعال أبنائهم الدينية؟
هل دور الأب أو الأم منع الأبناء من المعاصي ودفعهم إلى الطريق القويم، ولو بالقوة؟
هل ملابس المرأة مسؤولية زوجها وأبيها وأخيها وعمها؟
هل انحراف الأبناء يتحمل وزره الآباء؟
هل كل أب وأم يُسألان أمام الله عن إيمان أبنائهما من عدمه؟

ترسيم السلطات/الوصاية

يُستند في عملية ترسيم حدود السلطة المجتمعية وتحديد تراتُبيات الوصاية وتقاطعاتها إلى حديث منسوب للنبي، عن عبد الله بن عمر أنه قال سمعت رسول الله يقول: “كُلُّكُمْ رَاعٍ وكُلُّكم مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ في أهْلِهِ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وهي مَسْؤُولَةٌ عن رَعِيَّتِهَا، والخَادِمُ في مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ. قالَ: فَسَمِعْتُ هَؤُلَاءِ مِن رَسولِ اللَّهِ، وأَحْسبُ النَّبيَّ قالَ: والرَّجُلُ في مَالِ أبِيهِ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ” (صحيح البخاري).

بالأخذ بحرفية هذا النص نعرف أن السلطة/الوصاية داخل الأسرة أصلها في الأب وفرعها في الأم، بالتالي يمتلك الطرفين سلطة أبوية على الأبناء.

الصلاة ضربًا

إذا اتبعنا التسلسل الزمني للسُّلطة الدينية للآباء على الأبناء، فهي تبدأ من سن العاشرة بناء عن رخصة نبوية للآباء بضرب أبنائهم من أجل الصلاة، وذلك طبقًا لحديث منسوب للنبي يقول: “مُروا أولادَكم بالصلاةِ وهم أبناءُ سبعِ سنينَ واضربوهُم عليها وهمْ أبناءُ عشرٍ وفرِّقوا بينهُم في المضاجعِ” (حسن صحيح).

وهنا ترخيص أو أمر صريح للآباء بإجبار أبنائهم على ممارسة العبادات، ولو بالضرب، فهل فعلا للآباء سلطة دينية على أبناءهم؟

بالرجوع للنص القرآني نجد أن الله يخبر نبيه أن دوره يقتصر على الإبلاغ فقط ﴿مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ﴾ (99 – المائدة) ويؤكد على ذلك في سورة الغاشية ﴿فَذَكِّرۡ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّر * لَّسۡتَ عَلَيۡهِم بِمُصَيۡطِرٍ﴾ (21-22).

وهنا يظهر تناقض بين النص القرآني ونص الحديث، ويتعمق هذا التناقض أكثر لو أخذنا في الاعتبار إن الضرب هو أحد أشكال الإكراه وقد قال الله في بداية آية 256 من سورة البقرة ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾.

الوصاية
الراحل يحيى شاهين في دور بلال بن رباح

إشكالية الراعي القاسي

بناء على تراتبية السُّلطة الأسرية تصبح مُهمة ضرب الأبناء من أجل الصلاة موكولة إلى الأب ومن بعده إلى الأم، بوصفهما الراعي المسؤول عن رعيته، فما العاقبة إذا ضرب أحد الراعيين الابن ضربة أودت بحياته، لضعف في المضروب أو لفرط قوة وتعسف في الراعي؟

يقول د. مقبل العمري، أستاذ الفقه المقارن، في دراسة عن عقوبة قتل الوالد ولده عمدًا: “ذهب إلى القول بعدم وجوب القصاص جمهور من الفقهاء: منهم الحنفية والشافعية، والحنابلة“، وأوضح أنهم استندوا في رأيهم هذا إلى السُّنة القولية المنسوبة للنبي، والمتمثلة هنا في عِدة أحاديث منها:

لا يُقتلُ بالولدِ الوالدُ” (صحيح)

حذَفَ رجُلٌ ابنًا له بسيفٍ فقتَلَه، فرُفِع إلى عُمَرَ، فقال: لولا أنِّي سَمِعتُ رسولَ اللهِ يقولُ: لا يُقادُ الوالدُ مِن ولدِه، لَقتَلتُك قبلَ أنْ تَبرَحَ” (صحيح بطرقه وشواهده).

جاءَ رجلٌ إلى النَّبيِّ فقالَ إنَّ أبي اجتاحَ مالي، فقالَ: أنتَ ومالُكَ لأبيكَ”، وقالَ رسولُ اللَّهِ: إنَّ أولادَكم من أطيبِ كسبِكُم فَكلوا من أموالِهم” (صحيح).

إقرأ أيضا
الأسلاك التليفونية

هذا ونحن نتحدث عن القتل العمد؛ بالتالي نحن في حِل من البحث عن رأيهم في القتل الخطأ أو الضرب المُفضي إلى الموت وما دون ذلك.

YouTube player

تصور باقي المشهد

بناء على ما سبق يمكننا تصور مدى السُّلطة التي يقرها هذا الفريق من الفقهاء للوالدَين على الأبناء، وإذا أخذنا في الاعتبار أن مَن يخالفونهم (مثل الإمام مالك) في مسألة عدم القصاص من الأب متعمِّد القتل، قد يناصرونهم في أمور أقل حِدة (من القتل الخطأ إلى ما هو دونه)، يمكننا عبر ذلك أن نكوّن صورة واضحة نسبيًّا عن مقدار السلطة الدينية التي يمنحها الفقه الإسلامي للآباء على الأبناء، انطلاقًا من هذه الأحاديث المنسوبة للنبي.

لكن هل يجيب القرآن صراحة عن مثل هذه الأسئلة؟
هل جرت الإشارة إلى إجابات عن ذلك بصورة غير مباشرة؟
أم هي من الأمور المسكوت عنها قرآنيًّا وتبنَّتها السُّنَّة؟

هذا ما سنعرفه في الجزء الثاني.. انتظرونا.

الكاتب

  • الوصاية رامي يحيى

    شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
1
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان