همتك نعدل الكفة
598   مشاهدة  

الولاية المؤنثة في الحقل الصوفي .. قداسة منسية

الولاية والمرأة في التصوف
  • مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



تراجعت صورة المرأة في التراث الإسلامي منذ العصر الوسيط، ويلاحظ ذلك بـ تراجع حضورها في المتون الفقهية والأراجيز، أو لنقل حُصرت صورة المرأة في مسائل فقهية بعينها متمثلة في الجسد، بخلاف ما كان سائدًا في عصر النبوة وصدر الإسلام، بحيث عملت تلك المتون على إعادة النساء إلى الخفاء وتراجع دورهن بسبب تلك التأويلات التي يستند غالبيتها إلى أحاديث ضعيفة ولا نص قرآني بها.

وضعية النساء الدونية التي صدّرها التأليف في العصر الوسيط انعكست على الولاية الصوفية التي تعيد الإنتاج بمقتضى المنظومة الإسلامية السائدة كليًّا وإضفاء مشروعية لذلك الإقصاء بعد أن حصرت النصوص الفقهية دور المرأة كتحريم الإمامة بمفهومها السياسي أو بعض الوظائف الدينية التي عملت على تمايز الجنسين في الحقل الاجتماعي، وهو ما انعكس على المرأة في الولاية الصوفية المقدسة.

قداسة منسية 

لمّا كانت التجربة الصوفية تعتمد في المقام الأول على رهافة الإحساس والتواصل الحسي فإن تجرِبة المرأة في حقل الولاية الصوفية سيكون أكثر عمقًا من تجرِبة الرجل وهذا تمثل في امرأة عرفت بالورع والتقوى كرابعة العدوية وتجربتها الروحية المتأصلة في الكتابات الكلاسيكية الصوفية، حتى هذه الشخصية أصيبت تجربتها بالتهميش كباقي مواضيع الكتابة التي رصدت الأولياء والصلحاء الذكور، والتمييز في حقل القداسة لا يستند قاصدًا إلى النص الديني المتمثل في القرآن فورد في سورة الأحزاب: “إن المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات، والصابرين والصابرات، والخاشعين والخاشعات، والمتصدقين والمتصدقات، والصائمين والصائمات، والحافظين فروجهم والحافظات، والذاكرين الله كثيرا والذاكرات، اعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما” – (الأحزاب 35).

وعلق الشيخ شعيب أبو مدين الملقب بـ” الحيرافيش”  في كتابه “الروض الفائق“، عن تلك الآية الواردة في سورة الأحزاب” فقرن الله سبحانه ذكر النساء الصالحات بالرجال الصالحين، وللنساء أحوال وزهد وخير وصلاح كما في الرجال، وفي النساء من لهن الأوراد والسياحات والكشف وغير ذلك من الخصوصيات التي خصهن الله تعالى بها”.

المرأة والقداسة الصوفية بين التدوين والذاكرة الشعبية 

جاءت سيرة النساء في بعض الكتابات الصوفية فمثلا في أحد أهم الصوفية” فريد الدين العطار” أبرز سيرة رابعة العدوية في باب الرجال ويبرر ذلك بقوله”وطالما كانت المرأة رجلا في طريق الله، فلا يمكن أن تسمى امرأة” وفي هذا يمكن أن نقول أن المرأة وإن اعترفوا بولايتها تبقى محكومة بخلفية ذكورية صارخة فيجردونها من أنوثتها حتى تنال تلك الولاية المقدسة.

إن الاختلاف الجنسي ظل حاضرًا وبقوة في حقل الولايـة الصوفية، والمعطى فسيولوجي ظل محددا لمكانة المرأة كجنس دوني  أمام الرجل، وعليها أن تخفي أنوثتها جمالا وحملا ودم حيض لترتقي لمراتب الصلاح، ليكون الجسد لا الروح أولوية من أولويات الولاية، وتبقى الدلالات المتعددة التي اتخذها مفهوم الولاية ظلت مرتبطة بالرجل وسلطته، سواء سياسيًا أو دينيًا وفي كلتا الحالتين كانت النساء مقصيات من حمل ذلك القب.

إقرأ أيضا
من يفتش وراء النهر

ودخلت المرأة حقل الولاية والقداسة على قلتهن وعُرفن بالرغْم قلة التدوين عنهن إلا أن الذاكرة الشعبية نسجت الحكايات عن زهدهن وورعهن بل وقدرتهن الخارقة التي نسجتها المخيلة الشعبية التي تتردد في كل مكان وزمان.

الكاتب

  • الولاية مي محمد المرسي

    مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان