انجرار الولايات المتحدة إلى “حريق” .. ما هي تداعيات حرب غزة على أمريكا؟
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أصدرت وكالة Inkstick لتحليل الاستراتيجيات العسكرية والسياسة الخارجية تقريرها بالإنجليزية عما آلت إليه السياسات الخارجية الأمريكية، واحتمالات تعرضها للخطر جرّاء الدعم الأمريكي الفَجّ لدولة الاحتلال الإسرائيلية، والتي تمارس أبشع الجرائم في حق الفلسطينيين سواء أكان في قطاع غزة أو على طول وامتداد التواجد الفلسطيني من أعمال قتل وتخريب في قطاع غزة، وقمع الضفة الغربية، وغيرها من توحّش في حركات تخريب عشوائية في كل ما هو غير داعم لدولة الكيان. وكان هذا تقرير الوكالة.
في أعقاب هجمات 7 أكتوبر التي قامت بها المقاومة الفلسطينية مباشرة ضد دولة الكيان المحتل، كان هناك انزعاج لدى الكثيرين في جميع أنحاء العالم من أن الحرب التي تلت ذلك سوف تمتد إلى صراع إقليمي أكبر، وهو ما قد تنجر إليه الولايات المتحدة. ويظل هذا الاحتمال كبيراً، ولكنه في بعض النواحي يلقي بظلاله على العواقب الإقليمية والعالمية الأكثر إلحاحاً التي قد تترتب على الحرب بين إسرائيل وغزة تغيير بالنسبة لسياسة الولايات المتحدة الآن وفي المستقبل. وسواء كانت تقدم مساعدات عسكرية لإسرائيل بمليارات الدولارات، أو تقدم دعما إنسانيا للملايين المتضررين من الحرب، أو تسعى إلى تخفيف العداء الإقليمي الذي يعطل التجارة العالمية ويهدد بالتصعيد إلى حرب أوسع نطاقا، فإن الولايات المتحدة ملتزمة بشدة بـ النزاع.
في نوفمبر الماضي، جمعت المائدة المستديرة حول إعادة تصور الإستراتيجية الأمريكية الكبرى أعضاء مجتمع السياسة الخارجية معًا لدراسة دور الولايات المتحدة في الصراع والاتجاه الذي قد يتجه إليه. كان هناك اتفاق واسع النطاق على أن إدارة بايدن ربطت نفسها بنهج حكومة نتنياهو، مما سمح لإسرائيل بسلطة واسعة لتنفيذ حربها في غزة، وعمل كدرع دبلوماسي لدولة الكيان المحتل على المستوى الدولي. وكان هناك كثيرون في المجموعة الذين دقّوا ناقوس الخطر بشأن احتمال التصعيد في المنطقة إلى حرب أوسع من شأنها أن تؤدي إلى دخول الولايات المتحدة في صراع مباشر مع إيران. قدم ثلاثة من الحاضرين في المائدة المستديرة تحليلاً محدثًا لدور التداعيات العالمية للصراع وأفكارًا حول ما يعنيه بالنسبة لدور الولايات المتحدة في العالم.
إيمي هوثورن، الخبيرة المستقلة في سياسات الشرق الأوسط والسياسة الخارجية للولايات المتحدةتقول أن الحرب بين إسرائيل وغزة والديناميات التي أطلقتها معقدة للغاية، فإنني كمحلل أشعر بالتواضع الآن بشأن استخلاص استنتاجات قاطعة أو التنبؤ. وبدلاً من ذلك، كنت أطرح على نفسي أسئلة كوسيلة للتفكير فيما يحدث وما يمكن أن يحدث. إذن فيما يلي سبعة أسئلة تدور في ذهني.
أولاً، ما هي الظروف المرتبطة بحرب غزة والتي قد تدفع الولايات المتحدة إلى مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران؟ فهل تبذل حكومة الولايات المتحدة كل ما في وسعها لمنع حدوث ذلك؟ .. وثانياً، مع طرح دولة الكيان المحتل لهذه الحرب بعبارات وجودية مطلقة، وربط الولايات المتحدة نفسها بشكل وثيق بالمجهود الحربي الإسرائيلي، فماذا يعني بالنسبة للولايات المتحدة إذا خسرت إسرائيل؟ وكما كتب جون ألترمان في نوفمبر:
“معظم المناقشات حول الحرب في غزة تفترض أن إسرائيل ستنتصر في النهاية. لكن الحقيقة التي لا نريد مصارحة أنفسنا بها إن المخاطر التي تواجه إسرائيل كبيرة للغاية، والتفوق الذي تتمتع به إسرائيل على حركة المقاومة الفلسطينية المتمثلة في حماس كبير للغاية، حتى أن أي نتيجة غير النصر لا يمكن تصورها. الأسئلة الوحيدة هي في أي إطار زمني وبأي تكلفة.
ومع ذلك، فمن الممكن أن تكون الحرب في غزة هي الحرب الأولى في تاريخ إسرائيل التي خاضها الجيش وخسرها. وستكون هذه الخسارة كارثية بالنسبة لإسرائيل وتضر بشدة بالولايات المتحدة. ولهذا السبب على وجه التحديد، يجب أن يؤخذ في الاعتبار .. وثالثاً: ماذا قد تعني غزة المدمرة والمصدومة والمتقلصة بالنسبة لأهل غزة، والضفة الغربية، وإسرائيل، ومصر، وبقية الدول العربية، والمجتمع الدولي؟
لقد شهدت هذه المنطقة أكثر من حصتها من الدمار، لكنها لم تشهد شيئًا يشبه تمامًا ما أصبحت عليه غزة نتيجة لهذه الحرب. وتقول منظمة أوكسفام إنه بالإضافة إلى النطاق الصادم للتدمير المادي للقطاع، قتلت إسرائيل الفلسطينيين بمعدل يومي أعلى مما حدث في أي صراع كبير حديث. وبالإضافة إلى عدد القتلى المروع، تقول جماعات حقوق الإنسان أن أكثر من 60 ألف من سكان غزة أصيبوا بجروح وأن عشرات الآلاف آخرين في عداد المفقودين. هناك تساؤلات كبرى، ليس فقط حول من سيحكم غزة في مرحلة ما بعد حماس، بل وأيضاً حول طبيعة النظام السياسي والمجتمع الذي سيحكم. وبالطبع مستوى الصدمة في إسرائيل بعد أكتوبر. 7 يضاعف من تعقيد الوضع.
رابعاً، ماذا يعني خروج حماس من هذه الحرب كحركة متمردة في غزة؟ وحتى لو تمكنت دولة الكيان المحتل من إضعاف حماس بشكل كبير، فإن الحركة سوف تحتفظ بوجودها ودعمها داخل غزة. ومن الأهمية بمكان أيضاً أن تستقطب الدعم الخارجي من الضفة الغربية، ومن إيران. فضلاً عن ذلك فإن حماس من الممكن أن تخرج من هذه الحرب بدعم متزايد من الفلسطينيين وبمكانة إقليمية أعظم. إن كل المقومات اللازمة لتحويل حماس إلى حركة متمردة راسخة متوافرة، حركة يصعب هزيمتها .. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان المستوى الحالي من الهجمات الخارجية يشكل المقياس الكامل للضغط القسري الذي ترغب الجماعات المسلحة الإقليمية في تطبيقه، أو ما الذي قد يؤدي بالضبط إلى مزيد من التصعيد أو توسيع الحرب. ومع ذلك، فمن الواضح في هذه المرحلة أنه لم يتم ردع أي من الطرفين عن اتخاذ إجراءات يعتبرها الطرف الآخر غير مقبولة، وأن النتيجة كانت تصعيدًا ثابتًا ومستمرًا للعقوبات المتبادلة. ويحاول ما يسمى “محور المقاومة” فرض نهاية للحرب في غزة، وتحاول الولايات المتحدة في الوقت نفسه ردع الهجمات على قواتها في المنطقة، وعلى الشحن الدولي، وعلى إسرائيل، ظاهرياً لمنع الهجمات. مزيد من التوسع في الحرب. ومن المؤسف أن الردع –حتى الآن- فاشل تمامًا.
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال