همتك نعدل الكفة
212   مشاهدة  

اوعى الفقاعة تعضك

التوليب
  • شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



الفقاعة الاقتصادية هي ظاهرة تبدأ بالتوسع السريع بارتفاع أسعار الأصول لتتجاوز قيمتها الأساسية في السوق وتستمر بالارتفاع، ثم يليها انكماش حاد إلى أن تصل إلى نقطة السقوط الحر، التي يتبعها انفجار الفقاعة .
وخلال الفقاعة يحدث التضخم في سعر أصل مالي أو فئة معينة من الأصول مما يضعف ارتباطها بالقيمة الحقيقة للأصل.

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية

تبسيط مُخِل

المشكلة في الفقاقيع من النوع حاجتين، الأولانية إن الفقاعة وهي بتتنفخ بتنفخ معاها السوق كله، فمثلًا:

ماينفعش السجاير سعرها يزيد بشكل جنوني والحِلاقة سعرها يفضل ثابت، لإن ببساطة أغلب الحلاقين مدخنين، بالتالي ميزانيتهم أتأثرت بالسلب نتيجة لارتفاع سعرها.. وعشان يعوضوا العجز بين دخلهم ومصاريفهم (نتيجة إن السجاير غِليَت) هيرفعوا تَمَن الحلاقة، ولإن بياعين كل البضايع التانية بيحلقوا.. فكلهم هيحاولوا يعوضوا فرق فلوس الحلاقة من زباينهم، فكل البضايع هيزيد تمنها. يعني المضرور مش المُدخنين بس، إنما غير المُدخنين كمان بسبب إن باقي البضايع غِليت هي كمان.

الحاجة التانية إن الفقاعة لما بتفرقع بتطرطش ع الكُل.. مش بس ع اللي لعبوا بيها، فمثلًا:

لو افترضنا إن ارتفاع سعر السجاير، بتاع المثال اللي فات، كان هو الفقاعة والناس بقت تضارب في السجاير، ثم بعد شوية الفقاعة دي فرقعت.. المضرورين مش هيبقوا بس تجار السجاير ولا بس الناس المستثمرين اللي دخلوا سوق السجاير وقت الفقاعة، إنما باقي السوق كله بيتأثر، لإن ببساطة برضك.. سعر السجاير وهو بينهار هيكون لوحده، مافيش حاجة هترخص معاها.

غير إن رؤوس أموال والمدخرات اللي ضاعت في مجال السجاير أصحابها هيحاولوا يعوضوها من مجالات تانية.

YouTube player

دورة حياة الفقاعة

المتخصصين بيقسموا مراحل الفقاعة الاقتصادية لخمس مراحل، وتقريبًا كده حددوها بناء عن تحليل ودراسة أول وأشهر فقاعة في تاريخ الاقتصاد، ودي حصلت في مهد الرأسمالية على مستوى الزمان والمكان، أوروبا بدايات القرن السبعتاشر.

الظهور

تجارة التوليب بدأت أصلًا بالصدفة، سنة 1554 سفير النمسا في القسطنطينية، أوجيه غيسلين، بعت شوية بتلات توليب من تركيا لواحد صاحبه عالم نباتات اسمه شارل دوليكلوز. الراجل زرع البتلات عنده عشان تجاربه العلمية، بس أصحابه أعجبوا بيها جدًا وبدءت تتعرف عند الطبقة العليا في المجتمع.

وبما إن ده حصل في هولندا القرن السبعتاشر.. مهد التجارة العابرة للبحار، ظهر فورًا تجار عندهم استعداد يغامروا ويجيبوها ضمن بضايعهم من تركيا.

YouTube player

الانتشار

ثم حصلت كمان صدفة وهي إصابة بصيلات التوليب بفيروس غير مؤذي سبب تغيرات في لون الأزهار، فبقت منقرشة كده وفيها خطوط من ألوان مختلفة، واتعرف الفيروس ده باسم “الفيروس الكاسر للتوليب”، تلطيشات اللون دي بالإضافة إن زراعة التوليب معقدة شويتين، تسببوا إن اسعار التوليب تبقى عالية، بالتالي يبقى رمز من رموز الغِنا والرقي الاجتماعي.

فبدأ الأغنية يهتموا بامتلاك الأصناف النادرة من التوليب بوصفها سلعة رفاهية، ومع ازدياد طلبهم، فارتفعت أسعار التوليب وبقت التجارة فيه مُربحة، وبما إنه سِلعة جديدة فده شجع تجار كتير تشتغل فيه.. بوصفه مجال جديد لسه مافيش حد سيطر عليه.

التوليب
شارل دوليكلوز

الفشخرة

كون التوليب لو أتزرع من البذر بيحتاج حوالي عَشَر سنين على ما ينتج بتلة، ده جعل من البتلات سلعة غالية، فبقت تجارة في حد ذاتها ياخدها اللي ناوي يزرعها عنده لحد ما يكتمل نموها ويستخدمها أو يبيعها بسعر أعلى وأعلى.

مع الوقت ده بقى التوليب هو أغلى حاجة في السوق، بسبب إن زهوره بقت مصدر للتفاخر بين أبناء الطبقة الأرستقراطية أثناء تعليتهم المعتادة على بعض، فبشكل تلقائي انتشر في باقي المجتمع هوس بامتلاكه كعلامة على الغِنا المادي والترقي المجتمعي، فوصلت أسعار بعض الأنواع النادرة لأرقام فلكية، الندرة حسب تلطيشة اللون الناتجة عن الفيروس، بعض الأنواع وصل تمنها لما يوازي عشر أضعاف متوسط دخل الفرد في السنة.

التوليب
أزهار التوليب

حلم الثراء

دخل السوق ناس مش تجار أصلًا، إقطاعيين بقى وملاك أراضي وحرفيين عندهم مدخرات.. إلخ، لدرجة إن البعض قايض ممتلكاته مقابل شتلات التوليب، أراضي وبيوت وبهايم مجوهرات وأي حاجة ليها قيمة مادية “أصول وممتلكات”، وفعلًا فيه ناس كونت ثروات ضخمة في أيام قليلة.

إقرأ أيضا
طريق M5

أخيرًا وصلنا إلى ليفيل الوحش… المضاربة على التوليب، أيوه زي البورصة كده وبقى فيه عقود آجلة.. يعني فيه ناس دفعت فلوس أو رهنت ممتلكات مقابل توليب لسه مالهوش وجود فعلي، وكل الجنون ده بيحصل قصاد ارتفاع هيستيري في سعر التوليب. والموضوع وصل لمقايضة قصور مقابل شتلات (مش زهور لسه) توليب.

التوليب
رسمة تعبيرية

فسسسسسس

مع الوقت دخل السوق تجار ومغامرين من بلاد تانية، خصوصا فرنساويين، وده شجع الهولنديين يضاربوا في التوليب أكتر وأكتر، وفي فبراير 1637 انفجرت الفقاعة.

ناس بتقول إن ده حصل نتيجة فشل مزاد علني على الزهور في مدينة هارلم بهولندا، وناس تانية بتقول إن ده حصل بسبب إن بعد الاتفاق على بيع كمية كبيرة لتجار أجانب.. التجار دول ماجوش بسبب الخوف من الطاعون.

في كل الأحوال حصلت هزة في السوق وبقى متوفر كم من البضاعة المعروضة مالهاش زبون، وبدءت تنتشر حالة من الذعر نتيجة الانتباه لكون البضاعة دي مبالغ جدًا في قيمتها المادية وإنها “عمليا” ماتسواش الأسعار دي، فلا هي أرض تنزرع ولا هي بهيمة تتحلب أو تتدبح ولا حتى حبوب تتخزن وتتاكل.

بسرعة حاول كل حد معاه شتلات إنه يبيعها، بالتالي أسعارها انهارت تمامًا. ويقال إن الحكومة أتدخلت وحاولت تعوض الناس اللي معاها عقود آجلة بـ 10% من قيمة العقد.

التوليب
رسم بياني يوضح ارتفاع وهبوط أسعار التوليب

الكاتب

  • التوليب رامي يحيى

    شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
4
أحزنني
0
أعجبني
3
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان