” اولاليا “.. قتلها الحب وعالج شبحها الآلاف
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
الحب الأول عظيم ورائع دائمًا، بركان من المشاعر الجميلة المكبوتة، ولكنه في نفس الوقت أعمى وساذج وهذا ما حدث مع اولاليا الممرضة الشقراء الجميلة التي وقعت في حب الطبيب الوسيم، ولكنه للأسف غدر بها وترك روحها للموت، وحولها لشبح رافض أن يترك دنيانا.
اولاليا
ولدت أولاليا عام 1930م، في مدينة مكسيكو سيتي، عاصمة المكسيك، لأسرة ميسورة الحال، وكانت اولاليا شديدة الجمال، بيضاء للغاية، وعيونها زرقاء، وشعرها أشقر ناعم، وكانت اولاليا وأختها مدللتان للغاية، حرص والدهما على توفير كل احتياجاتهما، من تعليم وملبس وثقافة وكل شيء، واختارت اولاليا مهنة التمريض لتعمل بها، وعملت في مستشفى قريبة من منزلها، واشتهرت اولاليا داخل المستشفى في فترة قصيرة للغاية، ليس بسبب كلامها فقط، ولكن أيضًا بسبب عطفها الشديد تجاه المرضى، خاصة الأطفال والفقراء منهم، وكذلك مهارتها الشديدة وتفانيها في عملها.
اقرأ أيضًا
“مارجريت شيليتج”.. قصة طفلة عمرها 53 عامًا أثارت الرعب في تلال أثينا
كان عملها هو شغفها الوحيد، تذهب يوميًا بملابسها ناصعة البياض، وشعرها الأشقر المفرود، وتستلم العمل من زملائها، ولا مانع لديها من أخذ ورديات زيادة، أو أن تحل محل أحد من زملائها.
فتاة الأحلام
كانت اولاليا فتاة أحلام كل رجل يعمل في المستشفى من دكاترة وممرضين، بسبب جمالها وشخصيتها الخلابة، لكنها لم تفكر في شيء سوى العمل، حتى ذلك المشئوم الذي أتى فيه طبيب جراح جديد للمشفى، كان وسيمًا للغاية، وأسلوبه لبق يسحر من يتحدث معه، وصار فتى أحلام جميع الممرضات والطبيبات هناك، الوحيدة التي لم تعره أي انتباه هي اولاليا، الأمر الذي ضايقه بالطبع، وبدأ هو يتقرب منها بشتى الطرق، وأمر أن تلازمه في جميع عملياته.
نجح الطبيب الوسيم في الدخول لقلب اولاليا، التي بدأت في الإحساس بالحب لأول مرة في حياتها، ودخل الشغف والعشق لقلبها، وبالطبع لم تسلم اولاليا من كلام الطبيبات والممرضات ليها، وبعد فترة قليلة تحول الكلام عليها، لكلام معها ونصائح لها أن تبتعد عن ذلك الطبيب اللعوب، لأن سمعته سيئة للغاية، ولكن اولاليا لم تعر كلامهم انتباه وظنت أن ذلك الكلام نابع من غيرتهم منها.
الصدمة
قرر الطبيب أن يعلن حبه لاولاليا للجميع، وأخبرها برغبته في خطبتها، وطارت اولاليا من الفرح، ولكنه طلب منها أن تنتظر قليلًا حتى يعود من المؤتمر الطبي الذي سيسافر إليه، ووافقت اولاليا دون تفكير.
ومرت الأيام واولاليا تنتظر بفارغ الصبر عودة الحبيب، ولكن طال الغياب لشهور دون أن تعلم عنه أي شيء، اختفى تمامًا، ونهشت الأسئلة دماغها، أين ذهب؟، ماذا حدث له؟، متى سيعود؟، هل سيعود من الأساس؟، وهكذا عشرات الأسئلة التي لا إجابة لها، ولم تكن تملك وقتها سوى البكاء، وفي يوم جاءها خبر عن الحبيب المفقود، علمت أنه وقع في غرام امرأة أخرى وتزوجها، وعرفت أنه قدم استقالته من المستشفى في نفس يوم سفره، يعني أنه كان مخطط لكل شيء من البداية، وكان ينوي السفر دون عودة، وللأسف ووجدت اولاليا أن كلام الممرضات عنه كان صحيح، وأنها كانت مجرد نزوة في حياته.
موت اولاليا
انهارت اولاليا تمامًا بعدما علمت الحقيقة، وتغيرت حياتها تمامًا منذ تلك اللحظة، فقدت مرحها، وضحكتها، ظهرت عليها ملامح الحزن، وما زاد مأساتها وفاة والدها ووالدتها في حادث، وسافرت أختها لبلد أخرى، تدمرت حالتها النفسية بعدما فقدت جميع أحبائها، وغرقت في بحر الحزن والاكتئاب، لدرجة أنها أهملت عملها، وصارت تنسى مواعيد الأدوية، وترتبك في المواقف الخطرة، حتى أنها أعطت مريضًا دواء خطأ تسبب في وفاته، فتم فصلها من العمل، ومرضت اولاليا مرضًا شديدًا، وتم نقلها للمستشفى التي عملت بها، وتدهورت حالتها للغاية، وتوفيت بعد شهر واحد فقط.
شبح اولاليا
لم تنتهي قصة اولاليا عند هذا الحد، بعد موتها بعدة أشهر بدأ العاملون في المستشفى في رؤية شبح ممرضة ترتدي لباس أبيض ناصع وشعرها أشقر، تسير في الطرقات وحجرة العمليات والطوارئ، وأطلقوا عليها “لابلانشدا” يعني السيدة اللامعة.
كانت لابلانشدا تتابع المرضى باهتمام، وإذا أهملت ممرضة عملها ونست المريض، كانت تتابعه هي باهتمام وتعطيه الدواء في ميعاده، وتكرر الأمر كثيرًا، حتى صار وجودها في المستشفى شيء طبيعي ومعتاد، ولم يقتصر عملها على تلك المشفى فقط، بل ظهرت في مستشفيات أخرى، وانتشرت قصتها في جميع أنحاء المكسيك.
على الرغم من كون الأمر أشبه بالخرافة، إلا أن أهالي المكسيك يؤمنون بوجودها للغاية، حتى يومنا هذا، ويضربون بها المثل في التقصير في العمل، لأنهم يرون أن اولاليا شعرت بالذنب تجاه المرضى الذين اهملتهم، فرفضت روحها أن تغادر المكان كنوع من أنواع التكفير عن الذنب.
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال